فإذا كانت قد طُرحت علامات استفهام حول بايدن بالرغم من عدم وجود أي ممسك ضده في موضوع أوكرانيا حتى الآن، إلا أنها في ذات الوقت لا تخلو من خطر الارتداد على الرئيس وتعزيز حيثيات قضية عزله، كما قد ترتد على الجمهوريين في كل من انتخابات الرئاسة والكونغرس.
ومن هنا، تزايد التأفف في صفوفهم من قفز الرئيس على "الثوابت" والقواعد والأنظمة السارية" خاصة في موضوع الانتخابات وتحييدها عن التأثيرات الخارجية فيها.
ويدّعي الرئيس أن من حقه، بل من واجبه توجيه مثل هذه الدعوة كخطوة "لمحاربة الفساد"، بينما يتهمه الفريق الآخر بالسعي لربط اسم بايدن بشبهات مالية من شأنها تلطيخ سمعته وبالتالي تحسين فرص الرئيس لتجديد رئاسته.
ويجادل فريقه بأن الاستعانة بجهة خارجية، في هذا الخصوص، لا تدخل في نطاق " الجريمة الكبرى" التي يشترطها الدستور لعزل الرئيس، لكن القانون يمنع ذلك وبوضوح.
وحسب الّن واينتروب، رئيسة اللجنة الانتخابية الفيدرالية، وهي الهيئة الرسمية المسؤولة عن تطبيق قانون تمويل الانتخابات الفيدرالية، فإن "قبول المساعدة – أي مساعدة – من طرف أجنبي في الانتخابات الأميركية، أمر مخالف للقانون"، ومثل هذه المخالفة حسب المختصين القانونيين، تنزل في خانة إساءة استخدام السلطة التي تشكل لبّ النص الدستوري الذي جاء بصيغة عمومية تترك للكونغرس تقدير طبيعة المخالفة.
وما لا خلاف حوله أن التجاوز لا بد وأن يكون من العيار الثقيل وبما يبرر خطوة عزل رئيس منتخب لم تعرفها الولايات المتحدة سوى ثلاث مرات في تاريخها ومضت من دون خلع سوى رئيس واحد، ريتشارد نيكسون، وبالاستقالة.
إن حالة الرئيس ترامب غير مسبوقة، ولذلك يدور حولها جدل صاخب، ويتكئ خصومه بقوة على تأكيد أن ممارساته عموماً خارجة عن المألوف، لكن الممسك القانوني ضده غير محدد حتى الآن على وجه اليقين.
ويخشى البيت الأبيض أن تتوصل التحقيقات التي تجريها حالياً اللجان المعنية في مجلس النواب والتي يسيطر عليها الديمقراطيون، إلى خلاصات وأدلة موثّقة تفرض قبولها على الرأي العام والكونغرس وتؤدي بالتالي إلى انقلاب الميزان ضد الرئيس ترامب، كما سبق وحصل مع الرئيس نيكسون بعد انكشاف دوره في إساءة استخدام السلطة ومحاولته لملمة الأدلة.
ومثل هذا الاحتمال غير مستبعد في ضوء المآخذ الجارية التحقيقات بشأنها كما في ضوء الخطوات والمواقف التي يطلع بها الرئيس كل يوم تقريباً والتي تفاقم وضعه وتعزز الحيثيات ضده.
وصبت مطالبة الرئيس بالتحقيقات الأجنبية ضد بايدن ورفضه تسليم المستندات والوثائق المطلوبة للجان التحقيق إلا بعد أن يصوت مجلس النواب بكامله على إجراءات العزل، صبت في هذا المجرى وأثارت اعتراض حتى بعض الجمهوريين مثل السناتور رومني وأحرجت آخرين مثل السناتور ماركو روبيو، فيما ابتعد آخرون عن الأضواء لتجنب التعليق.
ويعطي هذا الشرط لترامب خصومه ورقة إضافية تعزز اتهامه بعرقلة التحقيق وبما يدعم الادعاء في قضية العزل التي يبدو أن حيثياتها لم تنته بعد.
وتحدثت نيويورك تايمز عن "مخبر" جديد يملك معلومات "مباشرة" عن قضية أوكرانيا وهو على وشك الكشف عنها.
وتتلاحق التسريبات وتتكشف الخفايا، وتفاقم من الإرباك والشكوك، فضلاً عن التوترات داخل الإدارة وبالذات في وزارة الخارجية، حيث يتعرض الوزير بومبيو إلى حملة انتقادات واسعة بسبب موقفه الملتبس من القصة الأوكرانية، وكذلك نائب الرئيس مايك بنس الذي يبدو كمن جرى توريطه من غير أن يدري.