الجزائر: الحراك الشعبي يحشد لمظاهرات مليونية بذكرى ثورة التحرير

31 أكتوبر 2019
تأتي المليونية لاستكمال مطالب الحراك ورفض إجراء الانتخابات(Getty)
+ الخط -
تجري استعدادات في الجزائر، لمظاهرات مليونية مقرر أن تشهدها العاصمة الجزائرية وباقي الولايات والمدن، يوم غد الجمعة، دعت إليها القوى المدنية الناشطة في الحراك الشعبي، في ذكرى الاحتفال بعيد ثورة التحرير، فيما تلاحق السلطات الزمن لإحباط هذه التعبئة الشعبية مع نقلها أعداداً كبيرة من الشرطة إلى العاصمة تحسباً للمظاهرات.

وتأتي المليونية لاستكمال مطالب الحراك الشعبي، والدعوة إلى رفض إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، والمطالبة باستبعاد رموز النظام السابق وحكومة نور الدين بدوي. 

ويسعى الناشطون لأن تكون مظاهرات الجمعة الأكبر منذ مظاهرات مارس/ آذار، وإبريل/ نيسان الماضيين، خاصة وأنّ مستوى المشاركة الشعبية في مظاهرات الأسابيع الثلاثة الأخيرة، كان حاشداً، وذلك سعياً لممارسة ضغط أكبر على السلطة والجيش للتخلّي عما يصفه الناشط في الحراك الشعبي عبد الوكيل بلام "بالمكابرة التي لن تحل الأزمة".

ويقول بلام، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "السلطة تصر على الاستمرار في الهروب من الحقيقة السياسية وتحاول صناعة وهم سياسي وتصدقه. مظاهرات غد الجمعة ستكون أكبر رد على وهم السلطة".

وبدأ المتظاهرون يتوافدون على العاصمة مبكراً في مواكب سيارات، للمشاركة في مسيرات، الجمعة، وفضلوا الإقامة في العاصمة، هذه الليلة، تلافياً لمنعهم من الدخول على الحواجز الأمنية التي تنشرها السلطات كل جمعة.

وأظهرت فيديوهات بثها ناشطون قدوم عدد من المتظاهرين مشياً على الأقدام، وعبر طرق فرعية، ما يعكس إصراراً شعبياً على المشاركة في المظاهرات، وإقامة احتفال شعبي وسياسي بذكرى ثورة التحرير وعيد الشهداء، بطابع سياسي واحتجاجي.

وقال الناشط حسين بزينة لـ"العربي الجديد"، إنّ "مظاهرات الجمعة أول نوفمبر، تحمل رمزية سياسية كبيرة، لأنها تعيد ربط ثورة التحرير التي حررت الأرض بثورة شعبية تسعى لتحرير الإنسان من قبضة نظام غير ديمقراطي"، مضيفاً أنّ "المظاهرات ستكون وقفة تاريخية للشعب الجزائري يسجل بها موقفه ويبقي المسؤولية على السلطة المتعنتة والمصرة على أن تصنع وحدها الأزمات بسياساتها الكارثية وتنفرد بصناعة الحل أيضاً".

ورأى بزينة أنّ "الإعلان عن القائمة الأولية للمرشحين لانتخابات الرئاسة، والتي تضم فقط رموزاً من النظام أو مقربين منه، وشخصيات سياسية توصف مواقفها بالمستفزة للشارع الجزائري؛ بسبب دعمها سابقاً الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في ترشحه لولاية رئاسية خامسة في انتخابات إبريل الماضي، عاملاً آخر في دفع قطاع واسع من الجزائريين إلى العودة مجدداً إلى الحراك الشعبي، واليأس من أن تكون الانتخابات المقبلة حلاً سياسياً، بقدر ما ستكون فرصة للنظام لتجديد نفسه".

إجراءات أمنية

واستعداداً لمظاهرات الجمعة، نقلت السلطات الجزائرية أعداداً كبيرة من قوات الأمن والشرطة  من بعض الولايات إلى العاصمة لنشرها في الشوارع والساحات، فيما نشرت حواجز أمنية على طول الطريق السيار في المحاور الثلاثة التي تربطه بالعاصمة، ومدخلها الجنوبي الذي يربطها بولايات الجنوب والغرب، والمحاور الغربية التي تربطها مع ولايات الشلف وتيبازة. وتركز السلطات بشكل خاص على المدخل الشرقي الذي يربط العاصمة الجزائرية بولايات الشرق  كسطيف وبرج بوعريريج ومنطقة القبائل التي يتوقع أن يزحف منها أكبر عدد من المتظاهرين إلى العاصمة.

وقال محمد المسلم الذي قدم من ولاية سطيف إلى العاصمة، إنّه قطع المسافة في ظرف أربع ساعات، بينما اعتاد قطعها بالسيارة في غضون ساعتين لمسافة لا تزيد عن 220 كيلومتراً، وأكد، لـ"العربي الجديد"، أنّه "وجد أربع حواجز أمنية خلال هذه المسافة، الأول في مدينة سطيف والثاني في منطقة البرج والثالث في منطقة الأخضرية والرابع في منطقة الرغاية عند مدخل العاصمة، ناهيك عن الحواجز الأمنية للشرطة في مدخل العاصمة"، مضيفا أن "أفراد الدرك يقومون بالتدقيق في السيارات والحافلات ويقومون بالتفتيش بحثا عن شعارات أو رايات تدل على أن الأمر يتعلق بمتظاهرين".


خرق دستوري

وشوهدت طوابير من السيارات وزحام مروري خانق في مداخل العاصمة، ما دفع المواطنين إلى التعبير عن استيائهم عبر نشر صور لهذا الازدحام وانتقاد موقف وقرار السلطات بالتضييق على حركة المرور والمساس بحريات أساسية ودستورية تخص حرية التنقل.

وقال الناشط الحقوقي عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "هذه القرارات خرق دستوري واضح، لا يعقل أن تقدم أي سلطة في أي بلد يزعم احترام الدستور على تقييد حركة مواطنيه ومنعهم من الدخول إلى عاصمتهم، سواء لقضاء حاجياتهم أو زيارة أهاليهم أو التظاهر الذي هو حق دستوري أيضاً".

ومنذ شهر، أقدم قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، على إصدار قرار لأجهزة الأمن والدرك لحجز المركبات التي تنقل المتظاهرين إلى العاصمة، وتسليط غرامات على أصحابها، واتهم أطرافاً يصفها بـ"الشرذمة والمتآمرة" بالوقوف وراء تأجير حافلات والدفع بمتظاهرين إلى العاصمة، للمشاركة في مظاهرات الحراك الشعبي، يوم الجمعة.


وأقدمت السلطات في الوقت نفسه على تعطيل وخفض تدفق شبكة الإنترنت، وتشديد مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، لمنع الناشطين من استخدامها للتعبئة والحشد لمظاهرات الجمعة، ويتوقع أن تقدم، صباح الغد، على توقيف حركة النقل بالترامواي وميترو الأنفاق لمنع وصول أكبر عدد من المتظاهرين إلى وسط العاصمة، كما واصلت الضغط على وسائل الإعلام والقنوات المحلية لإحكام قبضتها على الصورة العامة للمشهد.

وعلى غرار العاصمة الجزائرية، تجري الاستعدادات في عدد من المدن والولايات لتنظيم مسيرات ومظاهرات حاشدة للمطالبة بوقف المسار الانتخابي وإنهاء حملة التضييق على الحريات والإفراج الفوري عن ناشطين موقوفين، ورفض هيمنة الجيش على القرار السياسي والمطالبة باستبعاد حكومة نور الدين بدوي التي عينها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قبل يومين من استقالته من منصبه، في 2 إبريل/ نيسان الماضي. 

المساهمون