لم يستغرق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سوى وقت قصير حتى يهدم كلّ ما بناه في الغرب خلال سنوات صعوده إلى دائرة الحكم في السعودية. كل تلك المليارات الطائلة التي أنفقها في "هوليوود" ووادي السيليكون ومعاهد البحث العلمي وصفقات الأسلحة، سعيًا وراء تصدير صورة "الإصلاحي" و"الحداثي" عن نفسه، باتت في مهب الريح في اللحظة التي اغتيل فيها جمال خاشقجي، بأياد سعودية ذات مناصب عليا في أجهزة الدولة الرسمية، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
في هذا السياق، لفتت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير لها، إلى أن بن سلمان، الذي كان ضيفًا دائمًا لدى الغرب، لم يضع قدمًا في أوروبا أو الولايات المتحدة منذ الجريمة.
وأشارت الصحيفة، في هذا السياق، إلى أن شركة محاماة أميركية، هي "فين أند ديلفيل"، تقدّمت بالتماس إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لفتح تحقيق في ما يتعلق بعلاقة بن سلمان باغتيال خاشقجي، وبـ"جرائم أخرى ضد الإنسانية".
ورغم محاولة ترميم صورته، عبر ظهوره أخيرًا في برنامج "60 دقيقة" الأميركي، وإقراره بأنه مسؤول عن جريمة خاشقجي "كونها وقعت تحت إدارته" فقط لا غير، ورغم تطبيقه بالفعل بعض الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، مثل السماح للمرأة بالقيادة والسفر، ومحاولة فتح السوق السعودية أمام الاستثمارات الخارجية، تقول الصحيفة إن ذلك لم يمنع بعض شركات التكنولوجيا والترفيه التي ساعدته في مشاريعه بداية من أن تنأى بنفسها عنه الآن.
وتشير الصحيفة إلى أن بن سلمان، بعد الهجومين الأخيرين اللذين استهدفا "أرامكو" ووضعا السعودية أمام تهديد لم تشهده في تاريخها الحديث، وجد نفسه بحاجة إلى حلفاء، "غير أن الشك في كونه شريكًا في الجريمة المروعة لا يزال يطارده".
وتقتبس الصحيفة، في هذا السياق، تصريحات زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، التي ردّت على سؤالها حول ما إذا كانت ستدعم عملًا عسكريًا أميركيًا ضد إيران للرد على هجومي "أرامكو"، بالقول: "إنهم يجلسون مقابل الشخص الذي قطّع أوصال صحافي. لا أرى أن لنا أي مسؤولية إزاء حماية السعودية والدفاع عنها".