يبدو أن التفاهمات الأميركية-الروسية-التركية في الشمال السوري انتجت أول ثمارها: رأس زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي الذي كان متوارياً في محافظة إدلب. هذه العملية النوعية هي مؤشر رمزي لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب طيّ صفحة التدخّل الأميركي لمحاربة "داعش" الذي بدأ عام 2014، وبداية مقاربة أميركية جديدة مع جنود أقل وتحويل تركيز واشنطن إلى حماية حقول النفط في دير الزور والحسكة ضمن ترتيبات سياسية بدأت تتبلور.
بعد مطاردة لخمس سنوات، عبرت ثماني مروحيات أميركية على مستوى منخفض على مدى 70 دقيقة، مدعومة من طائرة مقاتلة قبل إنزال قوات خاصة من الجيش على مجمع سكني في قرية باريشا، كانت هناك معلومات استخباراتية تفيد بأن البغدادي موجود فيها. ترامب قال إن البغدادي كان يصرخ باكياً عند محاولة الهرب عبر نفق قبل أن يفجّر سترته الانتحارية. وتمكنت القوات الخاصة الأميركية من أخذ عينات لإجراء اختبار الحمض النووي على بقايا جثة البغدادي، قبل تدمير المجمع السكني كلياً، كي لا يصبح مزاراً لمناصري "داعش"، كما تمكنت من الحصول على وثائق فيها معلومات عن تاريخ التنظيم وخططه المستقبلية. استغرقت هذه العملية ساعتان وقادها البنتاغون بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) وتابعها ترامب مباشرة مع مساعديه والقيادات العسكرية كما فعل سلفه باراك أوباما خلال عملية قتل زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن عام 2011.
عملية من هذا النوع في مجمع سكني في قرية باريشا في محافظة إدلب لا تتم من دون حد أدنى من تنسيق القوى الرئيسية في الشمال السوري. اللافت أن ترامب أعطى الإذن لتنفيذ هذه العملية في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أي بعد يومين من لقاء نائب الرئيس مايك بنس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. مقابل الإقرار الأميركي بالمنطقة العازلة التركية على الحدود السورية بين تل أبيض ورأس العين، جمدت أنقرة العملية العسكرية التركية داخل سورية، وتعهدت بمحاربة "داعش". هذا الاتفاق الاميركي-التركي تعزز واكتمل في قمة سوتشي بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
اقــرأ أيضاً
قبل انطلاق العملية أبلغ الجيش الأميركي الطرف الروسي بتحليق المروحيات الأميركية عبر قنوات الاتفاق لضمان أمن التحليق فوق سورية، كما تم إبلاغ الجيش التركي الموجود على مسافة قريبة نسبياً من هذه العملية، كما كان هناك دعم استخباراتي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، كما شكر ترامب في خطابه الحكومة العراقية وسلطات النظام السوري. الجيش الأميركي كان يقصف مواقع لـ"داعش" في محافظة إدلب خلال السنوات الماضية بالتنسيق مع روسيا، لكن هذه أول مرة يكون هناك تخطيط لعملية ميدانية على هذا المستوى.
المفارقة هي التقاطع بين مسيرة إبراهيم عواد البدري (الملقب بأبو بكر البغدادي) والتدخل العسكري الأميركي. بعد غزو العراق عام 2003 من قبل إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، اعتقله الجيش الأميركي في فبراير/ شباط 2004 في سجن أبو غريب وبوكا، حيث بدأت نواة تحالفاته مع جهاديين وقادة معتقلين من حزب البعث. وبعد إعلانه "دولة الخلافة" مستفيداً من الفوضى على الحدود العراقية-السورية، كان التدخل الأميركي الثاني في سورية هذه المرة والذي بدأ في شهر سبتمبر/ أيلول 2014. والآن يأتي مقتل البغدادي كتطور رمزي لطيّ صفحة الدور الأميركي في سورية الذي ينكمش تدريجياً.
هذه العملية ستكون بطبيعة الحال فرصة للاستثمار الداخلي لترامب في ظل الضغوط الداخلية لمحاولة عزله في الكونغرس، إذ يمكنه الآن صرف الأنظار عن تخبّط السياسة الأميركية في سورية عبر التركيز على مقتل البغدادي. سلفه باراك أوباما حصل على ست نقاط إضافية في شعبيته (بحسب استطلاع مؤسسة "غالوب" حينها) بعد عملية قتل بن لادن في مايو/ أيار 2011، وكانت من العوامل التي ضمنت تجديد ولايته في انتخابات 2012 الرئاسية.
مقتل البغدادي يأتي أيضاً بعد نحو شهر من تأكيد مقتل حمزة بن لادن على الحدود الأفغانية -الباكستانية الصيف الماضي. اللافت كان التشابه بين عملية قتل البغدادي وعملية قتل بن لادن من ناحية التنظيم اللوجستي والإعداد الاستخباراتي وحتى شكل الإعلان عن العملية في خطاب رئاسي للأميركيين من البيت الأبيض، لكن ليس واضحاً بعد ماذا ستكون انعكاسات قتل البغدادي على شعبية ترامب نظراً إلى المشاكل الداخلية المتراكمة التي تمر بها رئاسته.
بعد مطاردة لخمس سنوات، عبرت ثماني مروحيات أميركية على مستوى منخفض على مدى 70 دقيقة، مدعومة من طائرة مقاتلة قبل إنزال قوات خاصة من الجيش على مجمع سكني في قرية باريشا، كانت هناك معلومات استخباراتية تفيد بأن البغدادي موجود فيها. ترامب قال إن البغدادي كان يصرخ باكياً عند محاولة الهرب عبر نفق قبل أن يفجّر سترته الانتحارية. وتمكنت القوات الخاصة الأميركية من أخذ عينات لإجراء اختبار الحمض النووي على بقايا جثة البغدادي، قبل تدمير المجمع السكني كلياً، كي لا يصبح مزاراً لمناصري "داعش"، كما تمكنت من الحصول على وثائق فيها معلومات عن تاريخ التنظيم وخططه المستقبلية. استغرقت هذه العملية ساعتان وقادها البنتاغون بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) وتابعها ترامب مباشرة مع مساعديه والقيادات العسكرية كما فعل سلفه باراك أوباما خلال عملية قتل زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن عام 2011.
قبل انطلاق العملية أبلغ الجيش الأميركي الطرف الروسي بتحليق المروحيات الأميركية عبر قنوات الاتفاق لضمان أمن التحليق فوق سورية، كما تم إبلاغ الجيش التركي الموجود على مسافة قريبة نسبياً من هذه العملية، كما كان هناك دعم استخباراتي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، كما شكر ترامب في خطابه الحكومة العراقية وسلطات النظام السوري. الجيش الأميركي كان يقصف مواقع لـ"داعش" في محافظة إدلب خلال السنوات الماضية بالتنسيق مع روسيا، لكن هذه أول مرة يكون هناك تخطيط لعملية ميدانية على هذا المستوى.
المفارقة هي التقاطع بين مسيرة إبراهيم عواد البدري (الملقب بأبو بكر البغدادي) والتدخل العسكري الأميركي. بعد غزو العراق عام 2003 من قبل إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، اعتقله الجيش الأميركي في فبراير/ شباط 2004 في سجن أبو غريب وبوكا، حيث بدأت نواة تحالفاته مع جهاديين وقادة معتقلين من حزب البعث. وبعد إعلانه "دولة الخلافة" مستفيداً من الفوضى على الحدود العراقية-السورية، كان التدخل الأميركي الثاني في سورية هذه المرة والذي بدأ في شهر سبتمبر/ أيلول 2014. والآن يأتي مقتل البغدادي كتطور رمزي لطيّ صفحة الدور الأميركي في سورية الذي ينكمش تدريجياً.
مقتل البغدادي يأتي أيضاً بعد نحو شهر من تأكيد مقتل حمزة بن لادن على الحدود الأفغانية -الباكستانية الصيف الماضي. اللافت كان التشابه بين عملية قتل البغدادي وعملية قتل بن لادن من ناحية التنظيم اللوجستي والإعداد الاستخباراتي وحتى شكل الإعلان عن العملية في خطاب رئاسي للأميركيين من البيت الأبيض، لكن ليس واضحاً بعد ماذا ستكون انعكاسات قتل البغدادي على شعبية ترامب نظراً إلى المشاكل الداخلية المتراكمة التي تمر بها رئاسته.