ما مصير حملة حفتر العسكرية على الجنوب الليبي؟

27 يناير 2019
لم تتجاوز قوات حفتر مدينة سبها وسط الجنوب(فرانس برس)
+ الخط -
رغم مرور أسبوعين على إعلان اللواء خليفة حفتر عن إطلاق عملية عسكرية في الجنوب الليبي بهدف "تطهير مناطق الجنوب الغربي للبلاد من إرهابيي تنظيم "داعش" و"القاعدة" والعصابات المسلحة الأفريقية وتأمين الحدود الجنوبية"، إلا أن تصريحات قواته لا تشير إلى أنها تجاوزت مدينة سبها، وسط الجنوب.

وفي آخر تصريحات المتحدث باسم قوات حفتر، العميد أحمد المسماري، أكد سيطرة قوات حفتر على تسع نقاط داخل سبها، من دون أن يشير إلى تقدم خارجها باتجاه مناطق أخرى في الجنوب.

وتراجع المسماري عن إعلان سابق منتصف الشهر الجاري، أكد فيه مقتل المهدي دنقو، أحد أبرز قادة تنظيم "داعش" الإرهابي في الجنوب، في عملية لقوات حفتر بالقرب من سبها، مما حدا بالعديد من المراقبين إلى التشكيك في صحة تصريحاته اللاحقة.

وفي أول تعليق لها على حملة حفتر العسكرية، عبّرت البعثة الأممية إلى ليبيا عن بالغ قلقها إزاء التحشيد العسكري في الجنوب، محذّرة من تسببها في "نزاع وشيك" في الجنوب، وهو الموقف الذي حدا بالمسماري إلى اتهام رئيس البعثة، غسان سلامة، في عدة تصريحات، بأنه "أصبح جزءا من أزمة ليبيا، وليس وسيطا للحل".

وأكد مصدر عسكري من الجنوب، استمرار الرفض الشعبي لتقدم قوات حفتر باتجاه مناطق الجنوب الغربي، "بسبب مواقف بعض القبائل الموالية للنظام السابق، وتوجّسها من أهداف مشروع حفتر الجديد، والدول التي يمكن أن تقف لدعمه، كفرنسا الراغبة في وضع يدها على الجنوب مجددا".

وليست حملة حفتر الحالية هي الأولى، فقد سبقتها ثلاث محاولات أخرى، أشهرها "عملية فرض الأمن في الجنوب"، التي أطلقها حفتر في مارس/آذار من العام الماضي، لكن كل تلك المحاولات مُنيت بالفشل.

وكشف المصدر العسكري، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن عدة لقاءات جمعت قيادات قبلية بضباط موالين لحفتر، ناقشت إمكانية إعلان هذه القبائل تبعيتها لحفتر من دون قتال.

كما ناقشت القبائل مقترحات أخرى، من بينها أن تتولى قبائل الجنوب ترشيح ضباط وعسكريين يتولون قيادة القوات في مناطقهم، تحت قيادة خاصة بالجنوب تابعة لحفتر. لكن الأخير- بحسب المصدر العسكري- رفض أن يقدم عونا عسكريا لقوات قبلية في الجنوب، إلا إذا وافقت القبائل على نشر وحدات تابعة له في مناطقها.

وذكر المصدر ذاته أن الموقف في الجنوب لم يحسم بعد، فإضافة إلى وجود قوات حفتر، هناك عروض قدمتها حكومة "الوفاق" لإنشاء منطقة عسكرية خاصة بالجنوب تتولى مهام بسط الأمن وإنعاش الوضع الاقتصادي.

وتابع: "ما تملكه حكومة الوفاق ولا يملكه حفتر هو الأموال الكافية لإنعاش الوضع الاقتصادي وتوفير الخدمات. وبالفعل، الحكومة بدأت في توفير السيولة النقدية في المصارف وسيّرت قوافل للوقود وغاز الطهي"، مشيرا إلى أن دخول قوات حفتر على خط أزمات أهالي الجنوب زاد من إمكانية تعقّدها، والمخاوف من دخول المنطقة في حروب إذا رفضت عروض حفتر".



وكانت مصادر حكومية مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد" عزم حكومة الوفاق على تعيين حاكم عسكري للجنوب الليبي، مرجحة أن يتولى هذا المنصب اللواء علي كنه، أبرز قادة أذرع نظام الرئيس السابق معمر القذافي في الجنوب، والقريب من الساسة الجزائريين الرافضين لحملة حفتر.

ولم يعلن اللواء كنه عن موقف واضح من عملية حفتر، بل عن موقفه من حفتر شخصيا، وجاء حديثه، خلال لقاء أجرته معه صحيفة محلية، يوم أمس السبت، متماهيا مع مواقف قيادات الجنوب المتحفظة على مساعي حفتر العسكرية، مقتصرا على دعمه لجهود توحيد المؤسسة العسكرية التي جرت خلال العام الماضي في القاهرة.

وأشار كنه إلى أن "الجيش في ليبيا موحد، وأن ضباط الجيش يعرفون بعضهم البعض جيدا"، لكنه أشار أيضا إلى أن "عدداً كبيراً من منتسبي القوات المسلحة في الجنوب أكدوا توحيد المؤسسة العسكرية من دون وجودهم في المعادلة".

وفي إشارة إلى مخاطر اجتياح حفتر العسكري للجنوب، اعتبر اللواء كنه أن "الجيش في الجنوب ممزق بين فريق يتبع الغرب الليبي وآخر يتبع الشرق الليبي"، لافتا إلى أن "الصراعات السياسية والعسكرية مزقت النسيج الاجتماعي في الجنوب، وأصبح فريسة الإهمال من دون إمكانات أو دعم مالي أو عسكري، مما جعل فزان مسرحًا لكل القوى العسكرية وكل من يملك أجندة سياسية، وجعل الحدود مستباحة".

واعتبر أن المسألة الأمنية في الجنوب "لا يمكن تحقيقها من دون مصالحات بين القبائل في الجنوب، وحل بعض المشاكل المناطقية، وخطة أمنية، ورؤية موحدة خارج نطاق النزاعات الإقليمية والسياسية".