جلسات انتخاب الرئيس العراقي: صراع كردي على المنصب التشريفي

01 أكتوبر 2018
من المحتمل أيضاً تأجيل الانتخاب إلى الغد(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

من المؤمل أن ينهي البرلمان العراقي، اليوم الاثنين، في جلسة مقررة مسبقاً الاستحقاق الثاني ضمن سلة الرئاسات الثلاث من خلال انتخاب رئيس جديد للبلاد، جرت العادة أن يكون من حصة المكون الكردي بالبلاد، وذلك بعد أكثر من أسبوعين على انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان الجديد ممثلاً عن العرب السنة.

ولم يتبقَّ أمام البرلمان سوى يوم واحد لحسم منصب رئيس الجمهورية أو الذهاب إلى فراغ دستوري، ففي حالة لم يتم انتخاب الرئيس بجلسة اليوم الاثنين بسبب عدم اكتمال النصاب أو طلب القوى الكردية التريث لحين التوصل لاتفاق فيما بينها، فإنه يتبقى يوم غد الثلاثاء مهلة أخيرة لحسم المنصب. ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 تسنم منصب الرئيس ثلاث شخصيات هي غازي عجيل الياور، أعقبه لدورتين جلال الطالباني ثم أخيراً فؤاد معصوم.

ولا يملك رئيس الجمهورية في العراق أي صلاحيات تنفيذية، ويصفه مشرّعون وقانونيون بـ"المنصب الرمزي أو الشرفي". وتشرح المادة 71 من الدستور مهمة رئيس الجمهورية بنقاط عدة، مقيدة بالعادة، مثل إصدار عفو رئاسي، لكن بتوصية من رئيس الوزراء بمعنى أنه لا يحقّ له المبادرة بالعفو إلا بطلب من رئيس الوزراء، وكذلك التوقيع على الاتفاقيات الدولية والمعاهدات ومنح الأوسمة والنياشين والمصادقة على قبول السفراء والمشاركة في الاحتفالات. غير أن أبرز الصلاحيات التي عُرف بها الرؤساء الثلاثة السابقون، هو التوقيع على أحكام الإعدام بحق المدانين. ووقّع الرئيس الحالي المنتهية ولايته على عشرات الأحكام خلال فترة رئاسته. وأخيراً هددت مليشيات مسلحة موالية لإيران باقتحام السجون وتنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين بتهم إرهابية. وهو ما دفع معصوم إلى التوقيع بالجملة على أحكام الإعدام التي كانت منظمات مدنية ودولية قد أكدت أن أغلبها حصلت بناءً على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب. وحتى في حالة توقيع أحكام الإعدام، فإن هناك فقرة دستورية تشير إلى أنه "في حال رفض الرئيس التوقيع لأسباب قانونية يعتبر القرار نافذاً بعد 60 يوماً من تقديم أوراق التوقيع له". ووفقاً لمسؤول عراقي في الدائرة القانونية بالبرلمان، فإن "رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أوعز بتهيئة أوراق التصويت التي ستكون سرية ووفقاً للطريقة التقليدية"، في إشارة إلى أنها "لن تكون إلكترونية".

ووصلت للبرلمان مساء أمس الأحد بحسب مصادر برلمانية أسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية، من أصل 31 شخصاً تقدم لشغل المنصب، وتم استبعاد الآخرين لعدم مطابقتهم الشروط. ولغاية عصر الأحد لم تنجح الوساطات التي تقودها أطراف عربية وكردية في انسحاب أي من المرشحين، وهم كل من برهم صالح وعبد اللطيف رشيد عن الاتحاد الكردستاني وفؤاد حسين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى مرشحين عن كتلة التغيير والاتحاد الإسلامي وهم، سردار عبد الله ومحمود تايمز، سروة عبد الواحد قادر إبراهيم، وآخر مستقل وهو عمر أحمد كريم البرزنجي، إضافة إلى مرشح عربي مستقل أيضاً وهو عبد الكريم علي عبطان الجبوري.



ومن بين المرشحين ينحصر التنافس بين برهم صالح وفؤاد حسين وعبد اللطيف رشيد وهو عديل الرئيس الراحل جلال الطالباني، ولا يتوقع للمنافسون الآخرون أن يحصلوا على أي أصوات تذكر خلال جلسة التصويت. وبحسب الدستور فإن "آخر مهلة لاختيار رئيس جمهورية هي مساء غد الثلاثاء"، بالتالي فإن قرار البرلمان بعقد جلسة التصويت على الرئيس اليوم الاثنين، كان تحسباً من أنه في حال فشل التصويت سيكون هناك فرصة أخيرة باليوم الثاني.

وقال قيادي بارز في الحزب الديموقراطي الكردستاني إن "أي بوادر لاتفاق سحب المرشحين الأكراد والذهاب لبغداد بمرشح واحد لا توجد حتى الآن"، مبيناً أن "أربيل رشحت فؤاد حسين وهو شيعي كردي لمنصب رئيس الجمهورية والقوى السنية في بغداد تؤيده، والآن برهم صالح السني العلماني مرشح الاتحاد الكردستاني تؤيده قوى شيعية ببغداد بالمقابل". ولفت إلى أن "الكتل الشيعية تعتبر فؤاد حسين عراب استفتاء الانفصال وتجد في برهم صالح شخصا مقبولا". واعتبر أن "الفوضى السياسية في العراق ناجمة عن الأجندات الخارجية والأهواء الشخصية للزعامات العراقية"، متوقعاً أن "تعقد الجلسة اليوم بتنافس مرشحين عدة".

الخبير الدستوري طارق حرب أوضح لـ"العربي الجديد"، آليات انتخاب رئيس الجمهورية في جلسة اليوم، كاشفاً أن "رئيس البرلمان يقوم بإعلان أسماء المرشحين ودعوتهم ليقدموا أنفسهم لأعضاء البرلمان، وكل واحد منهم يتحدث بشكل مختصر عن نفسه. ثم بعد ذلك يفتح باب التصويت عليهم في البرلمان، ومن يحصل على ثلثي أصوات البرلمان يفز، وهو بواقع 220 صوتاً. وحالياً مستحيل على أي متنافس الحصول على هذا العدد، لذا سيتم أخذ المرشح الأعلى أصواتاً، والذي يليه، والذهاب لجولة ثانية، ومن يحصل فيها على الأكثر يكن هو الفائز بمنصب رئيس الجمهورية". وتابع "سيكون على الرئيس الجديد خلال 15 يوماً من انتخابه تكليف مرشح الكتلة الأكثر عدداً بالبرلمان لتشكيل الحكومة وهي مدة دستورية لا يمكن تمديدها أو التلاعب بها".

بدوره، اعتبر القيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدخول بمرشحين عدة للبرلمان سيزيد من صعوبة الموقف على الأكراد وعلى القوى في بغداد التي تنقسم أيضاً إزاء المرشحين الأكراد". وأضاف أنه "بالتأكيد مرشح واحد أفضل للجميع، وحتى الآن لا يوجد أي بوادر على اتفاق كردي ــ كردي، لكن السياسة العراقية هي سياسة لحظات ودقائق أخيرة وحلولهم تكون دوماً بالوقت الضائع، لذا لا نستبعد أي شيء. وقد يكون هناك اتفاق على مرشح واحد باللحظات الأخيرة، في مقابل تفاهمات ومكاسب مختلفة. كما أن هناك احتمال تأجيل للتصويت ليوم غد الثلاثاء".

عضو تحالف سائرون، بزعامة مقتدى الصدر، النائب برهان المعموري أكد لـ"العربي الجديد"، أنه "من المفترض أن يحسم استحقاق رئاسة الجمهورية اليوم الاثنين وحتى الآن لا يوجد توافق كردي واضح حيال مرشح واحد يأتوننا به إلى بغداد". وأضاف أن "الخلافات قوية وهناك مساعي تسوية وتفاهمات، لكنني أعتقد بأن الفيصل سيكون التصويت على المرشحين داخل البرلمان".

القيادي في تحالف الفتح، الجناح السياسي لمليشيات الحشد، النائب علي شكري أكد لـ"العربي الجديد"، أن "محاولات عدة لتحقيق توافق بين الأكراد فشلت، وبالتالي فإن جلسة اليوم ستكون بمرشحين كرديين رئيسين يدخلان للتنافس". وأضاف بأن "الكتل السياسية ستعتمد على توجيه أعضائها داخل البرلمان، وفقاً لما تراه، فالكتل الرئيسية في بغداد متباينة في مواقفها حالياً، ليس على مستوى المحورين الرئيسيين بل داخل المحور الواحد"، في إشارة إلى محوري حيدر العبادي ــ مقتدى الصدر، والمحور المقابل له الذي يتزعمه نوري المالكي وهادي العامري.