تونس: فرضية انسحاب وزارء "النداء" من حكومة الشاهد إلى الواجهة

28 سبتمبر 2018
دخول العلاقة بين النداء والشاهد مرحلة القطيعة(الأناضول)
+ الخط -
منذ تأزم العلاقة بين حزب "نداء تونس" ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ودخولها في مرحلة القطيعة، لم تستبعد قيادات بارزة فرضية انسحاب وزراء الحزب من الحكومة، معتبرة أنها إحدى الأوراق الممكن استخدامها.

كان ذلك منذ أسابيع، قبل أن يقرر الحزب تجميد عضوية الشاهد وإحالته إلى لجنة النظام، وقبل خطاب الرئيس الباجي قائد السبسي الأخير، واعتباره حكومة الشاهد بلا شرعية، وإعلانه أيضا نهاية حكومة الوحدة الوطنية، أي توقف تمثيلية الأحزاب والمنظمات التي تكونها، وهو ما يعتبر دعوة صريحة للشاهد للبحث عن قاعدة سياسية جديدة يبني عليها حكومته.

ومع أن كثيرين استبعدوا فرضية استقالة وزراء النداء من الحكومة حينها، إلا أن رسالة القيادي البارز بالحزب، رؤوف الخماسي، أحد أبرز أصدقاء حافظ الباجي السبسي، والمقرب من الرئيس السبسي، أعادت اليوم من جديد طرح هذه الفرضية.

لقد وجه الخماسي رسالة مفتوحة ومباشرة لرئيس الحكومة، الشاهد، ذكره فيها بـ"ابتعاده عن خطّ الحزب، وعن توجهات رئيس الدولة ومؤسس الحزب، الذي أهداه فرصة لم يكن ليحلم بتحقيقها".

وقال الخماسي في الرسالة التي نشرها على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إنه "بعد الضغوطات التي قمت بتسليطها صحبة المحيطين بك على نواب كتلة حركة نداء تونس، فإنني وكعضو الهيئة السياسية لحركة نداء تونس أطلب منك إعفاء كلّ وزراء وكتاب الدولة التابعين لحركة نداء تونس من الحكومة".

وأكد الخماسي "نحن غير معنيين بالتعديل الوزاري الذي ستقدم عليه، ونطلب منك عدم التعويل على وزراء أو كتاب دولة تابعين لحركة نداء تونس مستقبلا"، محذرا إياه "من مواصلة محاولات التدخل في شؤون الحزب".


ويتساءل مراقبون عن مدى جدية هذا الموقف، وإذا كان النداء قد قرر بالفعل عدم المشاركة في الحكومة القادمة للشاهد، علما أن المتحدث الرسمي باسم الحكومة، إياد الدهماني، أكد أمس الخميس، في تصريح إذاعي، أن الشاهد قد يجري تعديلاً وزارياً يتوجه به إلى البرلمان قبل نهاية السنة.

وصرّح الدهماني لإذاعة "ديوان" التي تبث من صفاقس، بأنّ قانون المالية قد استكمل، وأنّ مشاورات أخيرة تجري بشأنه مع الأطراف الاجتماعية، وقد يكون التعديل الوزاري فرصة لعرض الحكومة على البرلمان لنيل الثقة، كما طلب الرئيس.

ويعتبر مراقبون أن هذه الدعوات قد لا تكون قابلة للتنفيذ بالفعل، وإنما هي ورقة تهديد جديدة للنهضة بالذات، يستخدمها الرئيس التونسي ليذكرها بأنها قد تحمل وزر الحكومة الجديدة لوحدها مع الشاهد.

ويرى المتابعون أن الرئيس السبسي لا يمكن أن يضيّق مجال حضوره ونفوذه في مؤسسات الدولة بخروج وزراء يثق بهم من الحكومة ويترك الملعب فارغا أمام منافسيه، إلا أن يكون قد قرر بالفعل خوض الحرب بكل الأسلحة الدستورية والسياسية المتاحة، وطرح كل الأوراق مرة واحدة على الطاولة، بما يعني أن الصراع تحول إلى مرحلة حرب بقاء.

تقلّص كتلة "النداء"

من جانب آخر، تواصل كتلة النداء رحلة تآكلها، بعدما قدم النائب عماد أولاد جبريل، أمس الخميس، استقالته من الكتلة النيابية لحزب نداء تونس، وهو ما يعني تراجع عدد نواب كتلة النداء من 56 نائبا إلى 43 فقط.

وهذا يعني أن الكتلة خسرت في غضون أسابيع قليلة 13 نائبا (إسماعيل بن محمود، لطفي علي، عبير عبدلي، زهرة إدريس، منصف السلامي، أحمد السعيدي، عصام الماطوسي، لمياء الدريدي، جلال غديرة، محمد الراشدي، مروان بوعزي، ابتسام الجبابلي وعماد أولاد جِبْرِيل).

وتقود هذه الاستقالات إلى تضخم كتلة الائتلاف الوطني الداعمة للشاهد في المقابل، قبل التاريخ المرجعي للبرلمان في 1 أكتوبر/ تشرين الأول، أي قبل انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة، وعلى أساسه يتم توزيع المسؤوليات البرلمانية وتوزيع رئاسة اللجان المتخصصة، وهو ما سيفضي إلى تراجع تأثير النداء على الحياة السياسية والبرلمانية.

وهذا بدوره يعني بداية نهاية حقيقية لن تنقذها إلا مغامرات سياسية كبرى، يخشى كثيرون أن تكون تداعياتها على الاستقرار الداخلي كبيرة.