شهد حزب "نداء تونس"، موجة استقالات جديدة بعضها مرتبط بالأزمات التي تعصف بالحزب، والآخر بتجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد من المكتب التنفيذي للحزب، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه الاستقالات إلى انتقال نحو مشروع جديد يؤسسه الشاهد.
وتبيّن أسباب الاستقالات أن هناك احتجاجاً على قرار تجميد الشاهد، وانتقاداً لاحتكار القرار مركزياً، أي توجيه التهمة مباشرة إلى حافظ قائد السبسي، والإشارة إلى التفكير في التوجه إلى مشروع أرحب، قد يكون المولود الجديد الذي يرجح كثيرون الإعلان عنه.
ويخشى ندائيون من بداية هجرة جماعية من "نداء تونس" إلى مشروع الشاهد الجديد، بما يعني أن يتحول الوضع إلى استنزاف كامل للحزب وإفراغه من كوادره المحلية والجهوية وحتى المركزية والبرلمانية، بِما يعني الإجهاز عليه نهائياً، أو عودة الشاهد إليه من الباب الكبير وإمساك كل الخيوط بيديه، وهي فرضية أصبحت صعبة جداً بعد تطور الأحداث الأخيرة.
وفي محاولة لرأب الصدع، دعت القيادية البارزة في الحزب ووزيرة السياحة، سلمى اللومي الرقيق، في رسالة مفتوحة إلى توحيد كل الندائيين، معتبرة أن الحرب الضارية ستؤدي الى تقسيم النداء والخسارة المؤكدة.
وترشح شخصيات ندائية عدة، اللومي، للعب دور في الحزب والحكومة، غير أن العقبة تبقى حافظ قائد السبسي، الذي تؤكد مصادر ندائية لـ"العربي الجديد"، أنه يرفض التنحي عن زعامة الحزب لإيقاف النزيف الحاصل، مرجحةً أن يكون قد اختلف حافظ مع والده الرئيس حول هذا الموضوع، مستبعدة في الوقت نفسه، أي حل جذري يحمل إنقاذاً فعلياً وإنهاء للازمة القاتلة التي يعيشها الحزب والبلاد عموماً.
ووسط التحليلات بأن الشاهد انتصر نهائياً على حافظ السبسي، تؤكد شخصيات فاعلة في النداء، لـ"العربي الجديد" أن شيئاً لم يحسم بعد على الرغم من النقاط الهامة التي أحرزها الشاهد، أخيراً، إذ إنه لا يصارع الرئاسة فقط وإنما يصارع منظمات وأحزابا أخرى لم تقل كلمتها الأخيرة بعد، بالإضافة إلى أن أوراق السبسي الأب لم تطرح كلُّها على الطاولة، وستكون هناك تطورات أخرى في هذا الصراع قريباً.
وكانت النائبة عن "نداء تونس"، ابتسام الجبابلي، قد أعلنت أمس الثلاثاء، استقالتها من كتلة حركة نداء تونس.
وبررت الجبابلي استقالتها بما وصفته بـ"ارتباك وضبابية وغموض شاب توجهات الكتلة فضلاً عن انعدام التواصل بين النواب والحزب".
كما قدّم مساء أمس الثلاثاء أيضاً، أعضاء التنسيقية الجهوية لحركة "نداء تونس" بمحافظة بن عروس، استقالتهم الجماعية من الحزب.
وأوضح المستقيلون، في بيان، أنهم اتخذوا هذا القرار على خلفية "سوء إدارة الأزمات داخل الحزب، وكثرة الهزات التي عصفت به فضلاً عن غياب الحكمة في القرارات التي مست أبناءه، كتجميد عضوية ابن النداء يوسف الشاهد من المكتب التنفيذي"، بالإضافة إلى "عدم تواصل الحزب مع قواعده واحتكار القرار مركزياً"، وفق نص البيان.
وبيّن البيان أن "هناك تفكيراً في إعادة المستقيلين وتجميع مستقلين يؤمنون بالمشروع الحداثي الذي أتى به الرئيس الباجي قائد السبسي ضمن هيكل آخر لم يتم التفكير فيه بعد، والنضال سعياً لجمع شتات العائلة الوسطية الديمقراطية والعمل على إنتاج فضاء سياسي أرحب يحقق الأهداف المرجوة".
وتشكل هذه الاستقالة الجماعية ضربة موجعة للحزب، خصوصاً أن محافظة بن عروس تشمل مدنا كبيرة ومهمة جداً سياسياً.