تهجير رفح لا يوقف الهجمات ضد الجيش المصري

21 يوليو 2018
تعرض الجيش المصري لاعتداءات عدة أخيراً (سيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
رغم أن الجيش المصري وظّف مواجهته العمليات الإرهابية لتهجير سكان مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة قبل أربعة أعوام، وهذا ما تم فعلياً بإجبار عشرات آلاف المواطنين على ترك منازلهم ومصالحهم وتدمير غالبية المنازل، إلا أن الاعتداءات لا تزال متواصلة ضد قوات الجيش، بل زادت وتيرتها أخيراً بعد مرور أكثر من خمسة شهور على بدء العملية العسكرية الشاملة التي انطلقت في 9 فبراير/شباط الماضي.
وعلى مدار الأيام الماضية، شنّ تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش هجمات متكررة على ارتكازات ودوريات الجيش المصري في مناطق متفرقة من مدينة رفح، رغم أن أجزاء واسعة منها أصبحت خاوية من السكان فضلاً عن تجريف آلاف المنازل، والأراضي الزراعية. إلا أن كل ذلك لم يوقف هجمات التنظيم، التي أدت إلى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الجيش، التي اضطرت في بعض الأحيان للاستعانة بسلاح الجو، من أجل إنهاء هجمات للتنظيم.



وقالت مصادر قبلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن مجموعات عدة تابعة للتنظيم نشطت في الأسابيع القليلة الماضية في مناطق متفرقة من سيناء، وخصوصاً على مستوى مدينة رفح، وبالتحديد مناطق شمال رفح حيث الساحل وميناء رفح والتي توجد فيه قوات الجيش بشكل مركز منذ بدء العملية العسكرية الشاملة، على خلاف مناطق جنوب رفح، التي لا تزال تشهد حركة للسكان مقارنة ببقية أحياء وقرى رفح.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن التنظيم هاجم قوات الجيش المتمركزة في محيط ميناء رفح أكثر من مرة موقعاً قتلى وجرحى في صفوف الجيش، فيما تعرضت دوريات للجيش في مناطق الساحل إلى هجمات، أثناء الحملات العسكرية التي تتركز في تلك المناطق منذ أسابيع عدة. ولم تتمكن قوات الجيش من معرفة أماكن انطلاق تلك المجموعات، في ظل الإغلاق المحكم للمدينة، ومنع الحركة منها وإليها، ورغم الشروع في إقامة سياج جديد يفصل المدينة عن بقية محافظة شمال سيناء منذ أسابيع عدة.
وأرجعت المصادر هذه التطورات في المشهد السيناوي وعلى صعيد رفح تحديداً، إلى وجود خلل في انتشار قوات الجيش ساعد على تحرك العناصر التابعة للتنظيم داخل المدينة المهجورة، وكذلك الحديث عن دخول عناصر أجنبية إلى الساحة خلال الفترة الماضية، بعد تراجع حدة العمليات العسكرية للجيش. ويضاف إلى ذلك عدم وصول قوات الجيش إلى كافة مخابئ التنظيم التي أنشأها على مدار السنوات الماضية في مدينة رفح، والتي كانت تشهد ضعفاً في القبضة الأمنية، لتعامل قوات الجيش بمبدأ رد الفعل على هجمات التنظيم المتكررة.
وفي التعقيب على ذلك، يقول رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، إن استمرار الهجمات ضد قوات الأمن رغم العمليات العسكرية المستمرة منذ أشهر طويلة، يؤكد أن مسلسل التهجير للمواطنين لا يؤثر إيجابياً من ناحية وقف الهجمات، لأن الطرف الذي يدفع فاتورة التهجير هو أهالي سيناء، وليس التنظيم، الذي قد يستفيد من تهجير السكان، بحرية التحرك في المناطق. وأوضح أن أكثر من 90 في المائة من رفح أصبحت خالية من السكان والبقية على طريق التهجير خلال الفترة المقبلة.
وأكد المنيعي، في حديث مع "العربي الجديد" أن المشهد الحالي في رفح يستدعي مراجعة للسياسة التي تتبعها الدولة مع أهالي سيناء، وتغيير نمط التعامل السائد منذ سنوات في سيناء، مع التأكيد أن ورقة السكان يمكن استغلالها بصورة تفيد الوضع العام في سيناء، من خلال تنمية سيناء، وإعطائهم حقوقهم المدنية التي يكفلها لهم القانون. وبرأيه فإن هذا الأمر سيساعد بشكل مباشر على نبذ العنف والإرهاب، وإعادة سيناء إلى الهدوء الذي كانت تتنعم فيه خلال السنوات التي سبقت حالة الحرب التي تعشيها منذ خمس سنوات على التوالي.

وعن تأثيرات هذا المشهد الجديد برفح في الوضع في سيناء، قال باحث في شؤون سيناء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن عودة التنظيم إلى العمل في سيناء خصوصاً في مدينة رفح يفيد بنتيجة واحدة وهي أن العملية العسكرية الشاملة فشلت في تحقيق أهدافها التي في مقدمتها القضاء على تنظيم ولاية سيناء، وتكون هذه العملية لم تسفر عن شيء مهم سوى تهجير عشرات آلاف السكان، وتدمير المنازل والمزارع، وزرع مزيد من العنف في المحافظة، ودفع شبان جدد للالتحاق بالتنظيم على خلفية الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها خلال العملية العسكرية.
وأضاف الباحث، الذي فضَل عدم الكشف عن اسمه، أن القيادة العسكرية باتت تدرك أكثر من أي وقت مضى أن الحل في سيناء ليس أمنياً فقط، بل يحتاج إلى تضافر الجهود مع كافة مكونات المجتمع السيناوي للنهوض بالمحافظة، فيما تعمل "القوة الغاشمة" التي توعد بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبيل بدء العملية العسكرية الشاملة، على زيادة الإرهاب في سيناء، وليس العكس. وبرأيه فإن الوضع يتطلب موقفاً مغايراً من النظام المصري في المرحلة المقبلة، لأن رفح ذات البيئة الأصعب والتشديد الأمني العالي باتت مسرحاً للهجمات، فكيف الحال في بقية المدن التي لا تزال في متسع من الحركة، ووجود آلاف المواطنين فيها.
وأشار الباحث إلى أن النظام المصري سعى بكل ما أوتي من قوة إلأى إخفاء حقيقة ما يجري في رفح. وأوضح أنه رغم أن جنازات القتلى في الهجمات الأخيرة للتنظيم، طافت محافظات مصرية عدة، إلا أن الجيش المصري أخفى أعداد القتلى وأماكن الهجمات خلال الأسابيع القليلة الماضية. أما بيان المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية فلم يتضمن ذكر أي خسائر بشرية في صفوف القوات، رغم أن التنظيم نشر صوراً توضح هجومه على كمائن للجيش المصري في مدينة رفح، وهذا ما تطابق مع مصادر عدة للمعلومات من سيناء خلال الأسابيع القليلة الماضية.