إيران تمهل أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي... وترامب يتوعد طهران

09 مايو 2018
توعّد ترامب إيران بـ"شيء ما" إذا لم تتفاوض(شيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

تواصلت ردود الفعل الدولية، بعد ظهر اليوم الأربعاء، على قرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الموقع مع إيران في عام 2015. وفيما أكدت طهران أنها أعدت خطة تتناسب مع هذا الانسحاب، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يتوجب على إيران "أن تتفاوض وإلا سيحدث شيء ما"، لافتاً إلى أن العقوبات على طهران سيبدأ تنفيذها "قريباً جداً".

وفي طهران، نقلت وكالة "إيرنا" للأنباء عن وزير الدفاع أمير حاتمي تشديده على أنه لا يمكن لأي قوة خارجية تهديد إيران عسكرياً. وقال: "اليوم، وبالنظر إلى القدرات الدفاعية لبلادنا نحن في وضع لا يمكن أن تتعرض فيه إيران الإسلامية لتهديد عسكري من جانب أي قوة خارجية".

وفي الولايات المتحدة، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أمام لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ، إنه لا يتوقع طلب مزيد من التمويل للجيش الأميركي بعد انسحاب ترامب من اتفاق إيران النووي.

وقال ماتيس في هذا الصدد: "لا أتوقع طلب مزيد من الأموال. في حالة إذا ما فعلت إيران شيئاً ما، فتلك قضية مختلفة".

وأكد وزير الدفاع الأميركي أن بلاده "ستواصل العمل مع حلفائها لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي"، و"العمل مع آخرين على التصدي لنفوذ إيران الخبيث".

اتصال ماكرون - روحاني

فيما يبدو المشهد ضبابياً بالنسبة للأوروبيين بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أعلنت الإليزيه أن الرئيسين الفرنسي والإيراني، إيمانويل ماكرون وحسن روحاني، اتفقا خلال اتصال هاتفي على "العمل معاً للإبقاء على الاتفاق".

وبحسب بيان الإليزيه، فقد اتفق الرجلان "على مواصلة عملهما المشترك باتجاه كل الدول المعنية، للمضي قدماً في تطبيق الاتفاق النووي والحفاظ على الاستقرار الإقليمي". كذلك أعلنت الرئاسة الفرنسية أن وزيري خارجية فرنسا وإيران، جان إيف لودريان ومحمد جواد ظريف،  سيلتقيان قريباً لبحث استمرار الاتفاق وحفظ الاستقرار الإقليمي.

من جهته، أبلغ روحاني نظيره الفرنسي أن أمام أوروبا "فرصة محدودة" للحفاظ على الاتفاق النووي.

واعتبر روحاني في الاتصال أن انتهاك التعهدات من قبل الولايات المتحدة منذ التوصل إلى الاتفاق النووي "فشل تاريخي لحكومة هذا البلد"، مؤكداً ضرورة "تحديد وتوضيح مصالح طهران في الاتفاق بشكل صريح وشفاف".

ونقلت المواقع الإيرانية عن الرئاسة الفرنسية أن روحاني ذكر لماكرون أن الاتفاق جاء نتيجة لمساعٍ طويلة استمرت بين عامي 2003 و2015، وحصل على تأييد مجلس الأمن الدولي، فتحول إلى معاهدة دولية.

ووصف روحاني خطوة ترامب بـ"السخيفة"، مؤكداً "التزام إيران بتعهداتها في الاتفاق"، كما أن طهران سعت وستسعى إلى ضمان مصالحها القومية، لكن الطرف المقابل لم يتصرف بشكل مرضٍ إزاء التعهدات، على حد قوله.

ورأى أيضاً أن على وزراء خارجية إيران ودول أوروبا الموجودة في الاتفاق، بالإضافة إلى وفود الخبراء، أن يصلوا خلال مدة قصيرة، لا تتعدّى أسابيع، إلى قرارٍ واضحٍ وشفاف، عبر عقد جلسات مكررة يبحثون خلالها المسائل المتعلقة بالحفاظ على الاتفاق. وأوضح الرئيس الإيراني أنه يجب ضمان مصالح إيران في المسائل المهمة المرتبطة بالاتفاق النووي، من قبيل بيع النفط، والعلاقات المصرفية، والاستثمار والتأمين، كما يجب أن تطرح الشركات الأجنبية التي صكت عقوداً أو تستثمر في إيران برامجها، وأن تعلن عن قرارها بهذا الخصوص بوضوح. 

وقال روحاني: "في حال وصلنا إلى قرار شفاف خلال فترة محدودة ومحددة، سنشهد على توسيع التعاون بين إيران وأوروبا"، مؤكداً أن التواصل سيستمر بين باريس وطهران لحفظ المصالح المشتركة وأمن واستقرار المنطقة.

وتابع: "أمامنا مسؤولية تاريخية للحفاظ على الاتفاق وسيثبت المستقبل أن ترامب ارتكب خطأً كبيراً".

ورفض روحاني اتهامات الرئيس الأميركي المتعلقة بنشاط إيران النووي، قائلاً إن التخصيب لم يكن بهدف تصنيع سلاح نووي وإنما كان لأهداف علمية ولتحقيق الاحتياجات والمصالح القومية، كما رأى أن الدول الأوروبية خسرت فرصتها خلال الأشهر الأربعة الماضية للحفاظ على الاتفاق فأضاعت وقتها في إرضاء الحكومة الأميركية الجديدة في محاولة لإبقائها في الاتفاق، حسب قوله.


أوروبا والاتفاق

وفي ما تحاول أوروبا إنقاذ ما يمكن إنقاذه لحفظ مصالحها في الاتفاق، أعلن متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن بريطانيا تواصل العمل من أجل تعزيز التجارة مع إيران، لكن الشركات "ربما تريد دراسة تداعيات العقوبات الأميركية على أنشطتها والسعي إلى مشورة قانونية".

وقال المتحدث إن "المملكة المتحدة مستمرة في أن تكون طرفاً في خطة العمل الشاملة المشتركة (التي استند إليها الاتفاق النووي)، وعليه فإن حكومة المملكة المتحدة مستمرة في دعمها الكامل توسيع علاقتنا للتجارة مع إيران وتشجيع الشركات في المملكة المتحدة على الاستفادة من الفرص التجارية التي تظهر. لكن مع إعادة فرض عقوبات أميركية فإن الشركات في المملكة المتحدة ربما ترغب في دراسة التداعيات على أنشطتها للأعمال في إيران وتسعى حيثما يكون ضرورياً للحصول على المشورة القانونية المناسبة".


وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، قد أكد أن بلاده لا تنوي الانسحاب من الاتفاق النووي، على الرغم من قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه.

وقال جونسون، إن "قرار الرئيس الأميركي لم يُحدث أي تغيير في تقييمنا للاتفاق، بصفته يعمل على كبح طموحات إيران النووية"، معرباً عن "أسفه" للقرار الأميركي.

بدورها، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، "أن الدول الأوروبية ستواصل الالتزام بالاتفاق النووي، معتبرة أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي كان قراراً صعباً".

وشددت المستشارة الألمانية على أن "إيران ملتزمة حتى الآن (بالاتفاق)، بموجب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وفيما أكدت أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا استقبلت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بالأسف والقلق، أضافت "أننا قلقون أيضاً من البرنامج الصاروخي الإيراني، ودور إيران في المنطقة. وهي مواضيع سنتحدث عنها مع إيران"، واصفةً الاتفاق النووي بأنه "ركيزة مهمة لا ينبغي التشكيك فيها".

وهاجم الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير قرار ترامب، معتبراً أن "دبلوماسية السلام تعرضت لانتكاسة خطيرة".

وأعربت أيضاً دول أوروبية أخرى وكندا عن دعمها للاستمرار بالاتفاق النووي.


بوتين و"الوكالة الذرية"


إلى ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أجرى اليوم محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن "قلقه البالغ" حيال إعلان الرئيس الأميركي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران.

وأخيراً، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجدداً اليوم أن إيران ملتزمة "بتعهداتها المرتبطة بالملف النووي" بموجب الاتفاق الموقع مع القوى الكبرى.

وقال المدير العام للوكالة يوكيا أمانو في بيان "اعتباراً من اليوم، تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تؤكد أن إيران تطبق التعهدات المرتبطة بالملف النووي"، مؤكداً أن "إيران تخضع لأقسى نظام تحقق نووي في العالم"، وأن الاتفاق "يشكل مكسباً مهماً للتحقق" من ذلك.