اجتماع إيراني أوروبي بشأن النووي... وظريف يزور روسيا والصين

11 مايو 2018
سينضم ظريف لاجتماع بروكسل بحضور موغريني (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الموقع مع الدول الكبرى في 2015، ووسط بحث الأوروبيين عن مخارج تنقذ الاتفاق، يُعقد، الأسبوع المقبل، اجتماع أوروبي إيراني، على أن تسبقه جولة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى روسيا والصين.

وأعلن مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، اليوم الجمعة، أنّها ستلتقي، الثلاثاء المقبل، نظراءها من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، على أن ينضم إليهم وزير الخارجية الإيراني لاحقاً.

وتعقد هذه الاجتماعات، بعد أسبوع على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وبينما يسعى الأوروبيون إلى إنقاذه من خلال أخذ زمام المبادرة.

وقبيل انضمامه إلى اجتماع بروكسل، يزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بكين وموسكو، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه، اليوم الجمعة، لوكالة "فرانس برس". وأوضح المتحدث أنّ ظريف الذي سيرافقه مسؤولون اقتصاديون إيرانيون "سيغادر طهران، مساء السبت، من أجل التوجّه إلى بكين قبل أن ينتقل إلى موسكو ومن ثم إلى بروكسل".

من جهتها، ذكرت وكالة الإعلام الروسية، اليوم الجمعة، نقلاً عن زامير كابولوف، المسؤول في وزارة الخارجية، قوله إنّ جواد ظريف "سيزور موسكو يوم 14 مايو/ أيار، ويلتقي بنظيره الروسي سيرغي لافروف"، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز".

وعلى الرغم من الدعوات من قبل العديد من حلفائه، خصوصاً الأوروبيين، أعلن ترامب، الثلاثاء، انسحاب بلاده من الاتفاق، كذلك أعلن إعادة فرض العقوبات على طهران، التي تم رفعها في مقابل التزامها بعدم حيازة السلاح النووي.

وتم توقيع الاتفاق في يوليو/ تموز 2015، بعد مفاوضات شاقة استمرت سنوات بين إيران والدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا) بالإضافة إلى ألمانيا.

بوتين وميركل

إلى ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في اتصال هاتفي، اليوم الجمعة، عن تأييدهما الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني، بعد الانسحاب الأميركي منه، بحسب ما أعلن الكرملين.

وقال الكرملين، في بيان، إنّ المسؤولين "تباحثا في وضع خطة العمل المشتركة (للاتفاق الإيراني) بعد الانسحاب الأميركي من جانب واحد"، وذلك قبل أسبوع من زيارة ميركل إلى روسيا.

وتابع البيان أنّ المسؤولين "شددا على أهمية الإبقاء على خطة العمل المشتركة (أي الاتفاق مع إيران) لدواعي الأمن الدولي والإقليمي"، ومن المتوقع أن تصل ميركل إلى سوتشي في جنوب روسيا، في 18 مايو/ أيار الحالي، حيث تلتقي بوتين.

إلى ذلك، أعربت المستشارة الألمانية عن أسفها لقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، واصفة الخطوة بأنها "خطيرة ومدعاة للقلق الشديد وتلحق ضرراً كبيراً بالمجتمع الدولي وتشعر المرء بمزيد من الالتزام بالاتفاق"، وذلك خلال كلمة لها في مؤتمر الكاثوليك الذي عُقد اليوم الجمعة في مدينة مونستر غرب ألمانيا.

وانتقدت ميركل في خطابها الخروج أحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاقيات الدولية، وأن القرار انتهك الثقة بالنظام الدولي. ولفتت أيضاً إلى أنه من غير الصائب إنهاء اتفاقية دولية وافق عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من اعترافها بأن الاتفاق بعيد عن المثالية.

وتابعت المستشارة حديثها بالتشديد على تعزيز تعددية الأطراف حتى في الأوقات العصيبة قائلة: "هذا واجب يمثل أمامنا الآن على نحو ملحّ أكثر من ذي قبل"، ومهاجمة سياسة ترامب التي تحمل شعار "أميركا أولاً"، مبدية استعدادها لمواصلة العمل من أجل الشراكة عبر الأطلسي والحفاظ على الاتفاق النووي.

وتأتي الاتهامات التي تطلقها المستشارة ورفع سقف خطاباتها وتحذيراتها نتيجة الضغوط التي سيتعرض لها الاقتصاد الأوروبي والألماني في ظل الخيارات الضيقة للحد من التداعيات السلبية للأزمة على الشركات الألمانية، خاصة أن الحكومة ليست لديها الإمكانية لمنح استثناءات لحماية المصالح الاقتصادية من قرارات ترامب.

ويأتي هذا التصوّر على ضوء المعلومات الواردة من واشنطن التي تتحدث عن أن هناك قناعة لدى الأميركيين بأن الشركات الأوروبية ستخضع للعقوبات المفروضة على إيران، وإلا فإنه سيتعين عليها التخلي عن أعمالها الأكثر ربحية الموجودة في الولايات المتحدة.

وكان لافروف قد جدّد، أمس الخميس، موقف بلاده من القرار الأميركي، فأعرب عن القلق حيال انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، و"خرقها" قرارات مجلس الأمن الدولي.

وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني هايكو ماس، في موسكو، إنّ "على بقية الأطراف المندرجة في الاتفاق تقييم الخطوات اللاحقة"، مؤكداً أنّ على إيران البقاء في الاتفاق النووي.

بوتين وأردوغان

ومساء الخميس، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أنّ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني "خاطئ"، وشدّدا على ضرورة الحفاظ عليه، بحسب ما أعلنت مصادر رئاسية تركية، لوكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.

وتابعت المصادر أنّ بوتين وأردوغان اتفقا، في اتصال هاتفي مساء الخميس، على أنّ "القرار الأميركي المتعلق بالاتفاق النووي كان خاطئاً"، وشدّدا على أنّ الاتفاق "يشكّل نجاحاً دبلوماسياً يجب الحفاظ عليه".

وفي موسكو، أعلن الكرملين، في بيان، أنّ الرئيسين "شدّدا على أنّ الحفاظ على الاتفاق مهم جداً بالنسبة إلى الأمن الدولي والإقليمي وكذلك لمنع انتشار الأسلحة".

وتابع البيان أنّ بوتين وأردوغان "أكدا عزمهما" على مواصلة التعاون لهذه الغاية مع الدول الموقعة على الاتفاق.


ويأتي الإعلان عن الاجتماع الأوروبي الإيراني، وعن جولة ظريف إلى روسيا والصين، وسط أجواء الغموض والتوتر الإقليمي بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وكذلك وسط أجواء التصعيد الإيراني الإسرائيلي في سورية، بعد قصف إسرائيل مواقع هناك قالت إنّها إيرانية.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الخميس، في بيان، أنّه ضرب، ليل الأربعاء الخميس، عشرات الأهداف العسكرية الإيرانية في سورية، رداً على عملية إطلاق صواريخ نسبها إلى إيران ضد مواقعه في هضبة الجولان المحتل، في عملية تُعتبر الأكبر لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سورية منذ 2011.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الخميس، إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي "استخدم 28 طائرة وأطلق 70 صاروخاً خلال ضرباته الكثيفة التي نفذها ليلاً على مواقع في سورية"، موضحة أنّ "الدفاعات الجوية السورية اعترضت ودمرت نصف تلك الصواريخ".

ويرى مراقبون أنّ روسيا، حليفة النظام السوري، والمقربة من إيران ومن إسرائيل في الوقت نفسه، لديها دور حاسم لتؤديه وسط الدعوات الدولية إلى لجم الوضع القابل للتفجر.


(شارك في التغطية من برلين: شادي عاكوم)