دوما... النظام يصعّد غاراته ويرتكب المجازر وسط تعثّر المفاوضات

07 ابريل 2018
الغارات خلّفت دماراً هائلاً في دوما (حمزة العجوة/فرانس برس)
+ الخط -
مع استمرار قصف قوات النظام السوري الجوّي والمدفعي على مدينة دوما، كُبرى مدن الغوطة الشرقية، لليوم الثاني على التوالي، ما خلّف عشرات القتلى والجرحى، تزامناً مع محاولات تقدمٍ لهذه القوات على جبهات مزارع دوما من جهة حرستا؛ بدأت تتكشف شيئاً فشيئاً معلوماتٌ تفصيلية (غير رسمية)، حول فحوى المفاوضات المتعثّرة، بين "جيش الإسلام" وضباط روس.

وتُحلق الطائرات الحربية والمروحية في سماء مدينة دوما، منذ فجر اليوم السبت، منفذةً عشرات الضربات الجوية، التي أسقطت ضحايا جدّدا من المدنيين، بعدما قتلت هذه الهجمات أكثر من أربعين مدنياً، أمس الجمعة.

وبثت قناة "الإخبارية السورية"، التابعة للنظام، مشاهد مباشرة، عن القصف العنيف على مدينة دوما، بينما قال "الدفاع المدني السوري في ريف دمشق"، إنّه وثّق عشرات الضربات الجوية الجديدة، التي أسقطت ضحايا من المدنيين.

ووفق تقاطع المعلومات الواردة من دوما، فإنّ أكثر من خمسين غارة تم شنها، منذ فجر اليوم السبت، على أحياء المدينة، كما أن مشاهد "الإخبارية السورية" المباشرة، أظهرت سُحب دُخانٍ كثيف، من النقاط التي تم استهدافها.



وبحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فإنّ "أكثر من ست وخمسين غارة تم تنفيذها، منذ منتصف الليلة المنتهية وحتى ما قبل ظهر اليوم، إضافة إلى قصفٍ بأكثر من خمسة وعشرين برميلاً متفجراً على دوما".

ويعيش عشرات آلاف المدنيين (يقدر عددهم الآن بنحو مائة ألف) في دوما، ساعاتٍ دامية بعد فترة هدوءٍ نسبية استمرت قرابة أسبوع، إذ تجددت الاشتباكات على أطراف المدينة بالتزامن مع القصف العنيف.

وذكرت وسائل إعلام النظام أنّ "الحسم العسكري"، هو المُقرر الآن في دوما. في المقابل، قال المتحدث باسم "هيئة أركان جيش الإسلام"، حمزة بيرقدار، إنّ "مقاتلي فصيله كبّدوا قوات النظام خسائر بشرية ومادية".

وأضاف بيرقدار، أنّ "17 قتيلاً سقطوا من مليشيات بشار الأسد، بينما عطب بلدوزر وعربة BMP، بعد إفشال محاولة تقدم على جبهة حرستا من جهة مزارع دوما محور كازية الكيلاني"، مؤكّداً أنّ "القوات المقتحمة لم تحرز أي تقدم".

بدورها، ذكرت وكالة النظام الرسمية (سانا)، اليوم السبت، أنّ "خمسة مدنيين قتلوا، بسقوط قذائف على أحياء سكنية في دمشق"، متهمة "جيش الإسلام" بتنفيذ الهجمات.

ونقلت الوكالة عن "مصدر في قيادة شرطة دمشق"، أن "إرهابيي جيش الإسلام، المتحصنين في مدينة دوما، أطلقوا، صباح اليوم، 7 قذائف هاون، على حي المزة 86 السكني، ومحيط ساحة الأمويين، ومنطقتي أبو رمانة وعش الورور".

ونفى المتحدث باسم هيئة أركان "جيش الإسلام"، أمس "استهداف (فصيله) أي منطقة في العاصمة دمشق أو حي من أحيائها"، متهماً النظام بتنفيذ هذه الهجمات على "أحياء دمشق، ويندرج في إطار تبرير الهجمة الوحشية على مدينة دوما في الغوطة الشرقية وخرقه وقف إطلاق النار المتفق عليه في المفاوضات الجارية".

إلى ذلك، تكشفت، في الساعات القليلة الماضية، معلوماتٌ من جهات غير رسمية، تتحدث عن تعثّر المفاوضات حول مصير مدينة دوما، يرجع إلى الاختلاف الحاد في الرؤى بين "جيش الإسلام" من جهة، والضباط الروس الذين يفاوضونه من جهة أخرى.

ويطالب الروس، بحسب ورقة نشرها ناشطون، ونشر بنودها المرصد السوري، أن يسلم "جيش الإسلام" سلاحه الثقيل، ثم السلاح الخفيف، على أن يتقدم عناصر الفصيل بطلبٍ لـ"التطوع في الشرطة التي سيتم تشكيلها، وروسيا هي الضامن"، ثم يتم تشكيل كتيبة شرطة من مقاتلي "جيش الإسلام" و"تتلقى الكتيبة الأسلحة الروسية وتنطلق لقتال داعش والنصرة".

في المقابل، يطالب "جيش الإسلام" باستئناف نقل من يرغب من المقاتلين والناشطين والمدنيين إلى شمال سورية، وتثبيت وقف إطلاق النار، على أن يتم تشكيل لجنة مشتركة من هذا الفصيل والشرطة الروسية، لإجراء عملية جرد للسلاح الثقيل، من دون تسليمه، على أن يتم ربط عملية تسليم السلاح بالحل السياسي الشامل في سورية.



وتتضمن مطالب "جيش الإسلام" كذلك، دخول المؤسسات المدنية الحكومية مدينة دوما، ووجود ضمانات دولية بعدم دخول قوات النظام وأجهزة أمنه للمدينة، على أن يُحفظ أيضاً حق هذا الفصيل في العمل السياسي، وحرية الحركة داخل البلاد وخارجها.

وفيما لم يصدر تعليقٌ رسمي من "جيش الإسلام"، أو من القيادة العسكرية الروسية في سورية، حول دقة هذه المعلومات، فإن آخر تصريح لرئيس "مركز المصالحة الروسي في سورية"، اللواء يوري يفتوشينكو، أمس الجمعة، تطرّق إلى أن المفاوضات مستمرة حول وضع مدينة دوما، رغم التصعيد العسكري الحاصل. كما اعتبر القيادي السياسي في "جيش الإسلام"، محمد علوش، أن فصيله ليس بوارد وقف التفاوض مع الجانب الروسي، لحين الوصول إلى اتفاقٍ سلمي في دوما.