استئناف الحملة على رجال شيخ الأزهر... مع تحييد الطيب

22 ابريل 2018
اصطدم الطيب مع المؤسسة الرئاسية العام الماضي (هوراسيو فيّالوبوس/Getty)
+ الخط -
عاد الهجوم على مؤسسة الأزهر في مصر مرة أخرى، باستثناء التعرّض لمنصب شيخه أحمد الطيب، وهذه المرة عبر بوابة الحديث عن إلغاء التعليم الأزهري، بدمج المعاهد مع المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، إثر تصريحات منسوبة لوزير التربية طارق شوقي، أثارت ضجّة كبيرة داخل مشيخة الأزهر. وعلى الرغم من نفي شوقي، وجود مثل هذا القرار، إلا أن بعض الموالين للنظام شدّدوا على ضرورة اتخاذ هذه الخطوة. وبرّر بعض المؤيدين للفكرة هذه الخطوة، في إطار ما يعتبرونه "تخلصاً من المناهج الأزهرية، التي تحتوي على أفكار تؤدي إلى التطرف والعنف".

في المقابل، رفضت جامعة الأزهر الدعوات المطالبة بإلغاء التعليم الأزهري أو دمجه، معتبرة أن "المعاهد الأزهرية أسهمت بشكل أساسي في تعليم عدد كبير من العلماء والدعاة، الذين أسهموا في انتشار تعاليم الإسلام السمحة". ووجد عضو مجلس النواب محمد أبو حامد، صاحب مشروع قانون "تنظيم الأزهر"، فرصة لإعادة طرح موقفه، مؤكداً في تصريحات صحافية أن "مقترح دمج التعليم الأزهري في العام، يؤكد صحة موقفه عندما طرح مشروع قانون تنظيم الأزهر، وهناك حاجة الآن لطرحه داخل مجلس النواب". وأضاف أن "القانون استوفى كل الاشتراطات الواجبة لتقديمه إلى مجلس النواب لبدء مناقشته داخل اللجان النوعية تمهيدا لعرضه على اللجنة العامة".

لكن أبو حامد لم يتحدث عن سبب عدم الإقدام على تلك الخطوة، وهو ما اعتبره مراقبون "خطوة لا يمكن أن تحدث إلا بتعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً وجهات سيادية في الدولة، مثلما كانت التعليمات بعدم طرحه من الأساس بعدما كانت هناك رغبة قوية في ذلك". وأبو حامد يسعى منذ زمن للإطاحة بالطيب من مقعد شيخ الأزهر، إثر خلافات شديدة مع السيسي.

وفي السياق، رأت مصادر مطلعة، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "السيسي لم يغلق ملف الإطاحة بالطيب من منصبه حتى الآن، وما حدث فقط هو إغلاق الملف بشكل مؤقت حينما حدثت الأزمة العام الماضي، ولكن هذا لا يمنع فتحه ارتباطاً بالأساس برؤية جهات ما في الدولة لناحية اختيار التوقيت المناسب".

ورأت المصادر أن "تحركات الطيب خارجياً خلال الأشهر القليلة الماضية، وزياراته لدول عدة وخطابه القوي، كانت سبباً في إحساس السيسي وجهات في الدولة، بتعاظم نفوذ الطيب على حساب السيسي، وكأن شيخ الأزهر خرج من الأزمة منتصراً، وهو ما أغضب أركان النظام الحالي". وتابعت أن "هناك محاولات لعزل الطيب من خلال ضرب المقربين منه ومستشاريه، عبر عمليات تشويه لهم والتحريض عليهم شعبياً، لعلاقاتهم بالتيار الإسلامي وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين". 

وأشارت المصادر إلى أنه "لن يكون هناك مساس بشخص شيخ الأزهر، خصوصاً أن كل الوفود الرسمية التي تحضر إلى مصر تقريباً، لا بد أن تذهب إلى مشيخة الأزهر، وتلتقي بالطيب، وبالتالي أي مساس بمنصبه يعطي صورة سلبية للغاية للعالم أجمع، وليس الدول الإسلامية فقط".



وقالت المصادر إنه "يوجد رغبة شديدة في إزاحة معاوني الطيب ومنهم مستشاره محمد عبد السلام، باعتباره أحد مصادر قوة الشيخ، وغيره من المحيطين به". ولفتت إلى أن "عبد السلام وباقي رجال الطيب يرسمون له صورة خارجياً، فيصبح بعيداً عن مسألة الإطاحة به، فكلما كانت مكانته كبيرة إقليمياً ودولياً، كلما باتت فرص الإطاحة به أصعب". 

وبحسب المصادر نفسها فإنه "على الأقل إذا لم يتمكن السيسي من الإطاحة بالطيب، فإن السيناريو البديل هو عزل المحيطين به تماماً، حتى يضعف الطيب تماماً، أو من خلال تقليص دور الأزهر بالأساس، من خلال تفكيك الكيانات والمؤسسات التابعة للأزهر".

من جهتها، رأت مصادر أخرى داخل جامعة الأزهر، أن "الطيب لن يتردد ثانية واحدة في تقديم استقالته من منصبه". وقالت إنه "حينما حدثت الأزمة المتعلقة بمشروع قانون أبو حامد، بعض الدول المانحة والتي تقدم مساعدات مادية للأزهر، كانت تتجهز لاتخاذ قرار بوقف أي دعم، مع إمكانية سحب طلابها من الأساس".

ووفقاً للمصادر نفسها فإن "الطيب حسم المعركة لصالحه، وما يحدث الآن محاولات فقط لتجديد الأمر من خلال جس نبض لا أكثر ولا أقل". وأشارت إلى أن "وزير الأوقاف مختار جمعة، حاول التودد لشيخ الأزهر، بعدما انتصر في معركته مع أجهزة السيسي، لكن الطيب لم يغفر له وقوفه إلى جوار نظام السيسي حتى الآن"، على حد وصفها.

وأشارت المصادر إلى أنه "يوجد تعليمات مشددة من مشيخة الأزهر لكل الكليات في الجامعة، بعدم التطرق لأي قضايا خلافية، أو الاختلاف العقدي مع المسيحيين، أو أي قضايا شائكة أخرى، منعاً للتسبب في الهجوم على الأزهر وإعطاء فرصة لأذرع السيسي للتطاول على الطيب، وترك الأمر تماماً لهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث"، على حد وصفها.