انتقال تاريخي في كوبا: البرلمان يختار رئيساً خلفاً لراؤول كاسترو

18 ابريل 2018
انتقال تاريخي بعد الحكم الحصري للأخوين كاسترو (إنستو ماستراسكوسا/Getty)
+ الخط -


تجتمع الجمعية الوطنية في كوبا (البرلمان)، اليوم الأربعاء، وغداً الخميس، لاختيار الرئيس الجديد للبلاد، وتمهّد بذلك الطريق لعملية انتقال تاريخي، بعد ستة عقود من الحكم الحصري للأخوين كاسترو.

وأخيراً، ستعقد الجلسة العامة للجمعية الجديدة المنبثقة من الانتخابات التشريعية، في مارس/آذار، على امتداد يومين، ابتداء من الساعة التاسعة (13،00 توقيت غرينتش) اليوم الأربعاء، بعدما كانت مقررة الخميس.

ولم يوزع أي برنامج رسمي يتعلّق بسير أعمالها التي تجرى في جلسات مغلقة، لكن على الجمعية الجديدة أن تدشّن أولاً عمل الهيئة التشريعية الجديدة وتختار كوادرها.

ويُنتخب بعد ذلك من بين النواب، الأعضاء الـ31 لمجلس الدولة، وفي الوقت نفسه رئيس هذه الهيئة التنفيذية العليا الذي سيتولّى القيادة خلفاً لـ راؤول كاسترو.

وإذا ما أحرزت الجمعية تقدّماً بالسرعة الكافية، فيمكن أن يجرى الانتخاب أيضاً الأربعاء، لكن ليس من المقرر الكشف عن هوية الرئيس الجديد للهيئة التنفيذية قبل الخميس.

وموعد 19 أبريل/نيسان الذي تقرّر منذ بضعة أشهر، يتزامن مع الذكرى الـ57 للانتصار في خليج الخنازير على القوات المعادية لكاسترو، والمدعومة من واشنطن في 1961.

كوبا تحتفل بالذكرى الـ57 للانتصار بخليج الخنازير (سفين كروتزمان/getty) 



ومنذ ثورة 1959، لم تشهد كوبا سوى انتقال حقيقي واحد على مستوى الرئاسة. وكان ذلك في 2006، عندما نقل فيديل كاسترو، المصاب بالمرض، السلطة إلى أخيه الأصغر بعد سلطة من دون منازع، استمرت أكثر من 40 عاماً.

وقد توفي فيدل كاسترو أواخر 2016، وحان اليوم دور راؤول (86 عاماً) للتخلّي عن كرسي الرئاسة إلى ممثل عن الجيل الجديد، الذي يفترض أن يكون النائب الأول للرئيس ميغيل دياز كانيل، وهو مدني في الـ57 من العمر، إلا إذا حصلت مفاجأة.

حان دور راؤول كاسترو للتخلّي عن الرئاسة (أدالبيرتو روك/getty) 


وأُعد هذا الرجل المسؤول الثاني في النظام منذ 2013، لشغل هذا المنصب. وهو يمثّل منذ بضع سنوات حكومته خلال مهمات في الخارج، وتزداد إطلالاته في وسائل الإعلام.

وإذا ما انتُخب، فيتعين على المهندس الكهربائي الذي ولد بعد الثورة، أن يرسي سلطته ويتابع عملية "التحديث" الضرورية للنموذج الاقتصادي للجزيرة الذي بدأه الشقيق الأصغر لكاسترو. وهذه أعباء ثقيلة لرجل تتسم شخصيته بالتحفّظ، وصعد في الظل مراتب الحكم في كوبا.


مهمة صعبة

قال بول وبستر هاي أستاذ العلاقات الدولية في بوسطن بالولايات المتحدة، والسفير البريطاني السابق في كوبا، لـ"فرانس برس"، إنّه "سيكون من المهم مراقبة ما إذا كان دياز كانيل قادراً على مقاومة ضغط هذه المهمة".

وأضاف "لم يضطر فيدل وراؤول (...) إلى تبرير مواقفهما. قاما بالثورة ولم يشكك أحد في حقهما بأن يكونا رئيسين. لكنهما لم ينشئا نموذجاً ديموقراطياً يتيح القيام بتغيير، وهذا واحد من أبرز الأسباب التي يواجه دياز كانيل بسببها مهمة صعبة".

يعقد البرلمان جلسات مغلقة ليومين (أدالبيرتو روك/getty) 


وللمرة الأولى منذ عقود، لم يعرف الرئيس ثورة 1959، ولن يرتدي الزي الأخضر الزيتوني، ولن يرأس "الحزب الشيوعي الكوبي".

لكنّه يمكن أن يسد هذا النقص على صعيد الشرعية بفضل راؤول كاسترو الذي سيحتفظ برئاسة الحزب القوي الواحد حتى 2021. وإلى هذا المنصب، سيستنفر الحرس القديم للمسؤولين "التاريخيين" الذين اعتبر معظمهم متردداً حيال الإصلاحات الأكثر طموحاً.

ومستوى مسؤولية هؤلاء في إطار مجلس الدولة الجديد، سيعطي مؤشراً حول الإرادة الإصلاحية للنظام، كما حول هامش المناورة للرئيس الجديد.

نائب كاسترو، ميغيل دياز كانيل، المرشح الأبرز (فرانس برس) 


ولم يقدّم الرئيس الجديد، المضطر إلى التقيد باستمرارية النظام، برنامجاً، لكن عليه أن يأخذ في الاعتبار "خطوطاً توجيهية" صوّت عليها الحزب الواحد والبرلمان، وترسم التوجهات السياسية والاقتصادية التي يتعين تطبيقها حتى 2030.

وكان دياز كانيل قال، لدى التصويت في الانتخابات النيابية الأخيرة، في مدينته سانتا كلارا وسط كوبا، إنّ الحكومة المقبلة "ستقدّم الحساب للشعب، وسيشارك الشعب في القرارات".

ويقول الخبراء، إنّ الرئيس المقبل سيكون محط الأنظار على الصعيد الاقتصادي، وموقفه من إجراء الإصلاحات الضرورية لإنهاض اقتصاد راكد (1,6% في 2017) ويعتمد كثيراً على الواردات ومساعدة حليفه الفنزويلي الضعيف اليوم.

ويؤكد هؤلاء أنّ الورشة الأكثر إلحاحاً المطروحة هي توحيد العملة، وقد أُرجئ مراراً هذا التدبير الذي يهدف إلى إلغاء نظام ازدواجية العملات الوطنية الفريد من نوعه في العالم منذ 1994، وتشوهات في اقتصاد لا يزال تحت سلطة الدولة إلى حد كبير.

(فرانس برس)