القدس عقب العملية الفدائية: تدابير عسكرية مشددة والمزيد من إجراءات التهويد

19 مارس 2018
الاحتلال يشدد إجراءاته على بوابات البلدة القديمة (العربي الجديد)
+ الخط -

عادت ساحة باب العمود، وبوابات البلدة القديمة من القدس المحتلة برمتها لتكون ممرا إجباريا من المعاناة أمام الوافدين إليها خاصة الشبان والفتية الأغرار، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على العملية الفدائية التي نفذها الشهيد عبد الرحمن بني فضل من قرية عقربا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، وصرع فيها أحد حراس المستوطنين في البلدة القديمة من القدس مساء الأحد.

ويقول المقدسيون من تجار المدينة المقدسة إن "تدابير الأمن الاحتلالية طاولتهم أيضا، حيث عاد الوصول إلى محالهم كما حدث صباح اليوم الإثنين، محملا بالمعاناة بسبب تصرفات الجنود واستفزازاتهم وتحرشهم بالفتيات بحجة التفتيش والفحص الأمني".

ويروي أحد التجار وهو ناظم الحلحولي لـ"العربي الجديد"، أنه أخضع للتفتيش والفحص خلال توجهه إلى محله في سوق خان الزيت، وهي أول مرة يتعرض لمثل هذا التفتيش منذ أكثر من خمس سنوات، بعد أن اعترض على قيام مجندة أثيوبية من مجندات الاحتلال بتفتيش

فتاة على مدخل باب العمود بطريقة مستفزة، ولدى تدخله لوقف ما تقوم به المجندة اعترضه جنديان من حرس الحدود وأخضعاه هو الآخر للتفتيش وفحص ملفه الأمني.

وقال: "كانوا يتصرفون بعصبية، ويستعرضون أسلحتهم، فيما بدا أنه شعور بالمرارة لديهم من تمكن شهيد عقربا من تجاوز حاجزهم على مدخل باب العمود وتمكنه من طعن أحد حراس المستوطنين في شارع الواد".

كانت قوات الاحتلال وفي أعقاب عملية الطعن، قررت في ساعة متأخرة من الليلة الماضية دفع مزيد من قواتها إلى البلدة القديمة ومحيطها وتشديد تدابيرها الأمنية والعسكرية هناك، خاصة عند محاور الطرق التي يسلكها المستوطنون المقيمون في نحو 80 بؤرة استيطانية داخل أسوار المدينة المقدسة.

وفيما تواصل قوات الاحتلال تركيب مزيد من كاميرات المراقبة والمجسات الصوتية في مداخل البلدة القديمة وامتداد سورها التاريخي، يسخر مسؤولون فلسطينيون ومواطنون من سكان البلدة القديمة من تلك التدابير والإجراءات التي لم تمنع وقوع عملية الأمس.

يقول حاتم عبد القادر القيادي في حركة فتح معلقا بهذا الخصوص: "لم توفر لهم مئات كاميرات المراقبة والمجسات الصوتية، ولا حتى المنصات التي شيدت في باب العمود لحماية جنودهم ومستوطنيهم الأمن المنشود، رغم ممارساتهم التنكيلية بالمواطنين خاصة الشبان. ما حدث بالأمس يثبت أن الحل الوحيد الذي يمنحهم الأمن هو رحيلهم من أرضنا ومن عاصمتنا القدس إلى الأبد".


في شارع الواد، حيث وقعت عملية الأمس، بدت حركة جنود وضباط ومسؤولي الاحتلال كثيفة جدا، بينما انتظر العديد من أصحاب المحال وقتا أطول لفتح محالهم التي أرغموا على إغلاقها عقب عملية الطعن، في حين حاذر مواطنون التجمع وسط السوق أو سلوك الشارع هناك كي لا يتعرضوا لمضايقات جنود الاحتلال. مع ذلك أصر التجار على فتح تلك المحال، حيث أخبرنا أحدهم هناك بأنهم لن يسمحوا بتكرار ما حدث قبل نحو ثلاث سنوات حين حاول الاحتلال شل حركتهم في السوق بعد العملية الفدائية التي نفذها الشهيد مهند الحلبي وقتل فيها مستوطنان وأصيب آخرون في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015.

ما يخشاه هذا التاجر وهو أيمن العجلوني في حديثه لـ"العربي الجديد"، هو أن تشهد منطقة السوق لاحقا حملة ضريبية منسقة ويومية تعيد إليهم أسوأ أيامهم بعد عملية الشهيد الحلبي، حيث فرضت بلدية الاحتلال غرامات مالية عالية على التجار بذريعة مخالفة قوانين البلدية المتعلقة بوضع البسطات والبضائع أمام محالهم، وإرغامهم على إزالة اللافتات التي تشير إلى المحال.





كانت إجراءات الاحتلال في حينه، وما تلاها لاحقا أدت إلى ارتفاع نسبة المحال التجارية التي أغلقها أصحابها في عموم أسواق البلدة القديمة إلى 7%، بحيث قارب عدد المحال التجارية التي باتت مغلقة فعليا بقرارات من أصحابها منذ الانتفاضة الأولى وحتى اليوم نحو 400 محل، وفقاً لمعطيات مؤسسات ومراكز اقتصادية وحقوقية تعنى بأوضاع التجار المقدسيين، مثل: الغرفة التجارية ومركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

في حين، لا يخفي مواطنون مقدسيون يقطنون في شارع الواد، وفي حي الجالية الإفريقية قرب باب المجلس- أحد أبواب المسجد الأقصى – قلقهم من أن تؤدي عملية الأمس إلى مضاعفة أعمال الإيذاء والتنكيل التي يتعرضون لها سواء من قبل جنود الاحتلال أو المستوطنين أنفسهم الذين يقومون بصورة يومية ودورية بأعمال عربدة واعتداء على الممتلكات ومحاولات المس بأبنائهم، كما يقول سليمان قوس الناشط المقدسي، والباحث في مجال حقوق الإنسان، حيث كان حي الجالية الأفريقية الذي يقطنه على مدى السنوات القليلة الماضية هدفا مفضلا لقوات الاحتلال من اقتحامات واعتقالات طاولت قبل ثلاثة أيام شقيقه ناصر مدير نادي الأسير في القدس، كما طاولت أيضا العشرات من الشبان والفتية.

في حين، يتوقع خبراء في الاستيطان، ومنهم خليل تفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية التابعة لبيت الشرق، أن يتكثف الاستيطان الإسرائيلي وعمليات التهويد الإسرائيلية للبلدة القديمة من القدس وعموم أحيائها، خاصة بعد تخصيص الحكومة الإسرائيلية نحو ملياري دولار لمشاريعها الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة، في الوقت الذي يطالب فيه رئيس بلدية الاحتلال في المدينة حكومته بزيادة ومضاعفة موازنة البلدية بمئات الملايين الإضافية من الشواقل (عملة إسرائيلية) لتعزيز السيطرة اليهودية، وتقوية البؤر الاستيطانية في القدس، وبناء المزيد من التجمعات الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية عشية التحضيرات لافتتاح السفارة الأميركية.

يشار إلى أن وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، وفي تصريحات له أعقبت عملية الدهس التي قتل فيها ضابط وجندي إسرائيليان، وأصيب آخرون قبل أيام، جنوب جنين، اتهم الفلسطينيين بالتحضير لرزمة من الفعاليات وتصعيد العمليات حتى شهر مايو /أيار القادم، في ذكرى النكبة وتزامنا مع افتتاح الولايات المتحدة سفارتها في القدس الشرقية المحتلة في الخامس عشر من الشهر المذكور، ما سيعقد الأوضاع الأمنية في عموم الأراضي الفلسطينية - على حد تعبيره.




دلالات