تركيا وأوروبا تتجهان لتمديد اتفاق اللاجئين رغم الخلافات

19 مارس 2018
لاجئون في جزيرة ليسبوس اليونانية (خوان كارلوس لوكاس/Getty)
+ الخط -



في ذكراه الثانية، ينتظر أن يجدد الاتحاد الأوروبي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس /آذار 2016 مع تركيا بخصوص المهاجرين واللاجئين. لكن مجموعة من المعطيات قد تعقّد المسألة. "لا تغيير لصفقة رابحة". اللازمة التي تتردد على لسان معظم المسؤولين الأوروبيين في بروكسل. فالرضى بالانخفاض الكبير في عدد اللاجئين السوريين الذين تواجدوا عند أبواب الاتحاد الأوروبي منذ الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد في مارس/آذار 2016 مع تركيا، دفع المفوضية الأوروبية إلى تقديم طلب مناشدة إلى الدول الأعضاء. فقد اقترحت السلطة التنفيذية الأوروبية يوم الأربعاء الماضي رسمياً من دول الاتحاد تجديد الخطة المتفق عليها خلال عامي 2016 و2017: غلاف مالي بمبلغ ملياري يورو من الميزانيات الوطنية، للحفاظ على سياسة المساعدات للاجئين السوريين الذين فضّلوا البقاء في تركيا. وهو ما يشكّل أساس الاتفاق، تحديداً مع التزام الأوروبيين تمويل الشريحة الأولى، بمبلغ 3 مليارات يورو، المخصص للمساعدات الإنسانية بإشراف الهيئات المتخصصة للأمم المتحدة، لـ 3.5 ملايين لاجئ سوري في الأراضي التركية. فضلاً عن اقتطاع مليار يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي وملياري يورو من الميزانيات الوطنية للدول الأعضاء.

وقد مكّن هذا الغلاف المالي من تمويل 72 مشروعاً في مجال التعليم والصحة وحتى الدعم المالي لعائلات اللاجئين. ما أدّى حالياً إلى استنفاذها بالكامل، كما أفاد بذلك، المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ديميتريس أفراموبولوس. واقترح بأن "تكون المعادلة مليار يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي، وملياري يورو من ميزانيات الدول الأعضاء". وأضاف أن "التوترات تعيق ذلك، إذ تم احتجاز جنديين يونانيين منذ أوائل مارس الحالي في تركيا بحجة دخولهما لمسافة مائة متر في الأراضي التركية". وقد اعترف أفراموبولوس بأن "المفوضية استمعت إلى اعتراضات وسوف تناقش. ولكن يجب الحفاظ على الاتفاقية، لأنه لا يمكن تخيل ماذا سيحدث إذا لم يعد هذا الاتفاق قائماً".

وعلاوة على ذلك، اعتبرت محكمة مراجعة الحسابات الأوروبية أن "مليارات اليوروهات المدفوعة لتركيا في إطار سياسة ما قبل الانضمام، لها تأثير محدود على الإصلاحات في البلد". بالتالي إن العلاقات الحساسة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، التي أدت إلى التجميد العملي لمفاوضات الانضمام، ستكون على رأس أجندة القمة الأوروبية، التي تجمع قادة دول الاتحاد، يومي الخميس والجمعة المقبلين، وذلك قبل جلسة توضيحية، من المقرر عقدها يوم الاثنين المقبل في 26 مارس الحالي في فارنا ببلغاريا، بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وممثلي المؤسسات الأوروبية. وفسّر الخبير في الشؤون الأوروبية، فيليب رينييه، لـ "العربي الجديد"، بالقول إنه "وفقاً لاتفاقية عام 2016، يجب إعداد غلاف مالي ثان يضم مبلغاً معادلاً للحفاظ على الدعم للاجئين والدول المستقبلة لهم".


وبموازاة هذا التمويل الضخم، تعهّدت السلطات التركية باتخاذ إجراءات عملية لقطع الطريق على النازحين السوريين، الذين عرّضوا حياتهم للخطر، في مسيرتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي. كما تعهّدت أنقرة أيضاً باستعادة جميع المهاجرين الجدد الذاهبين إلى اليونان عبر بحر إيجة.

كما أنه عبر بند "واحد مقابل واحد"، تعهّد الاتحاد الأوروبي من جانبه بتوطين لاجئ سوري آتٍ من تركيا في بلد أوروبي مقابل كل سوري تم طرده من الجزر اليونانية. وهو ما أدى إلى إفراغ المناطق اليونانية من حوالي 22 ألف شخص منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، كما تمت إعادة توطين حوالي 13 ألف سوري في الاتحاد الأوروبي جاؤوا من تركيا. وقال رينييه إن "الصفقة التي تمّ الاتفاق عليها قبل عامين كان لها تأثير كبير بالخصوص على تدفق الوافدين غير النظاميين. فمن حوالي 10 آلاف شخص يصلون في يوم واحد في أكتوبر / تشرين الأول عام 2015، تم تخفيض الممرات اليومية إلى حوالي 80 شخص كل يوم، بحسب إحصائيات المفوضية الأوروبية".

وبحسب منظمات دعم المهاجرين واللاجئين فإذا كان الاتفاق قد ساهم بالفعل في انخفاض كبير في عدد الوافدين على الجزر اليونانية، في غياب بدائل آمنة وقانونية، لجأ آلاف اللاجئين إلى طرق غير آمنة للوصول إلى الدول الأوروبية عبر التعامل مع المهربين الذين كان الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا هادفاً للقضاء عليهم.

وذكرت الباحثة في مجال الهجرة واللجوء في منظمة العفو الدولية، إرم عارف، لـ"العربي الجديد"، أن "الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يجسد تماماً السياسة الأوروبية الحالية للهجرة. فالاتفاق يبقي الآلاف من الناس في ظروف بائسة على الجزر اليونانية بهدف إعادتهم إلى تركيا. ووضع هؤلاء الناس يتجاهله الزعماء الأوروبيون الذين يحتفون بالاتفاق على أنه نجاح".

وأضافت عارف أن "منظمة العفو الدولية تدعو إلى نقل طالبي اللجوء الذين يقبعون في الجزر اليونانية على وجه السرعة إلى اليونان وإلى الدول الأوروبية الأعضاء الأخرى من أجل الوفاء بوعودها بخصوص إعادة التوطين. فبناء الجدران المرئية أو غير المرئية لن يوقف تدفق الناس الذين يحاولون استئناف حياتهم في أمان. يجب على القادة الأوروبيين الوفاء بوعودهم، واستقدام اللاجئين من تركيا والدول المستقبلة الأوروبية، أي اليونان وإيطاليا".