عقيدة غروزني في الغوطة

26 فبراير 2018
حوّل النظام الغوطة إلى كتلة من الدمار(حمزة العجوة/فرانس برس)
+ الخط -
ما يجري في الغوطة الشرقية من همجية وبربرية في التدمير والقتل، في ظل واقع عربي مخجل في صمته على جرائم الاحتلال الروسي، وغياب أي أثر دولي، يعيد المتابعين للسياسة التدميرية التي تنتهجها موسكو على امتداد الأرض السورية إلى إيمان الكرملين بما يطلق عليه "عقيدة غروزني". فكل محاولات إرغام شعب على الاستسلام، بكومبارس يحكم بما يمليه المحتل، أمر ستكون توابعه وارتداداته كارثية، سواء على روسيا نفسها أو سورية ومجتمعها والعرب من ورائهم. فالفارق بين عقيدة غروزني وإسقاط التجربة في سورية، بكل ما يحمله الكذب المفضوح أمام دماء وأشلاء الضحايا، هو أن سورية ليست إقليماً في جغرافيا روسيا، بل بلد يفترض أنه "صاحب سيادة"، وشعب مهجر بملايينه بدعم الكرملين لنظام واجه انتفاضة مدنية شعبية بكل ما صدّرته العسكرتارية الروسية، المتفاخرة بتجربة أسلحتها على الشعب السوري. حين يذهب المحتل الروسي إلى الغرق بأكاذيبه، وفي "الإنكار"، وتحويل سورية إلى مختبر لأحلام بوتين بالعودة إلى زمن سوفييتي، واستخدام أدواته المحلية، بتمجيد قوة القتل الهائلة، كما في صرخات مندوبي مؤتمر سوتشي عن "تحيا روسيا"، فإن مقدمات جهنمية يصنعها لمستقبل كارثي، مع تواطؤ عربي ودولي يقوم على مصالح غير مضمونة العواقب. من يدعي أنه "يحارب الإرهاب في سورية"، متحالفاً مع معسكر المليشيات الطائفية المتغني بـ"عاصفة السوخوي"، يعزز من شوكة "داعش وأخواتها" لإضعاف تلك القوى. واليوم، حين يستعيد الروس، على لسان عسكرييهم ودبلوماسييهم، مساهمتهم بالتهجير الطائفي، الذي لم يتوقف، لإفراغ محيط دمشق من أهلها، يصبون زيت نار مستقبلية خطيرة في مستوياتها المجتمعية، والطائفية على وجه التحديد. إن استهداف السوريين، تارة بحجة الحفاظ على "مقامات" وتارة أخرى "لمواجهة الإرهاب" يمكن أن يجر مستقبلاً مشاهد أخطر من تلك الداعشية. وبغياب أي دور عربي، بل ومباركة انتهازية لإبادة ماثلة، تكون مخاطر تدفيع المطالبين بالحرية أثماناً فادحة، وفق عقلية "الثورات المضادة"، كدروس دموية للشعوب المتطلعة للحرية والكرامة، مرشحة لتتجاوز مستقبلاً حدود سورية، وسيزيد من إصرار الأجيال العربية على الانعتاق من هذا الاستبداد الممارس. هذه المحرقة بأيدي نظام ومليشيات من الشرق والغرب، وبتراقص على أنهار الدم، بتحالف مع موسكو سيضع الأخيرة أمام حالةٍ عانتها واشنطن لعقود. ومهما بدا وهم الانتصار قريباً، فإن العودة إلى ما كانت عليه سورية قبل 2011 ضرب من المستحيلات.
دلالات
المساهمون