كيف توحدت مواقف حفتر والسراج ضد قرارات مجلس النواب؟

28 نوفمبر 2018
إعادة تشكيل السلطة التنفيذية أساس الاعتراضات (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
دافع رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق، عقيلة صالح، عن شرعية إجراء تعديل على الإعلان الدستوري خلال جلسة لمجلسه الاثنين الماضي، مؤكّدًا أن التصويت على تحصين قانون الاستفتاء وقرار إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق جرى بحسب النصاب القانوني المطلوب بواقع 118 صوتًا من أصل 119؛ هم مجمل الأعضاء المشاركين في الجلسة.

وفيما أكد صالح، في فيديو بثته صفحة المجلس الرسمية، أن ما قام به أعضاء المجلس "إجراء صحيح مثبت بالمستندات"، طالب الشعب الليبي بعدم الالتفات إلى النواب المحسوبين على المجلس مقاطعين لجلساته، ومنهم فايز السراج وعلي القطراني.

وتأتي اتهامات صالح لنواب معرقلين لقرارت المجلس مؤخرا ضمنيا بعد موجة من الجدل والاعتراضات حيال قرارات المجلس خلال جلسته الاثنين الماضي، بشأن تضمين وتحصين قانون الاستفتاء على الدستور بنصه على تقسيم ليبيا إلى ثلاث دوائر انتخابية، وإقراره بضرورة إعادة تشكيل السلطة التنفيذية المتمثلة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بواقع رئيس ونائبين.

ويعتبر رئيس المجلس الرئاسي الحالي فايز السراج أحد أعضاء مجلس النواب، قبل أن تعلنه البعثة الأممية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، رئيسا للمجلس الرئاسي المنبثق من الاتفاق السياسي، أما علي القطراني فهو الآخر نائب بمجلس النواب قبل أن يتم اختياره من البعثة الأممية عضوا بالمجلس الرئاسي ممثلا لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

واتجه رفض النواب لقرارات المجلس الاثنين الماضي إلى الاعتراض على شكل قانون الاستفتاء، معتبرين أن شكله الحالي يكرس مبدأ تقسيم البلاد إلى ثلاث ولايات، ويعيد إلى الأذهان التقسيم التاريخي لليبيا، كما أنه لا يعطي الفرصة الكافية ليعبر الليبيون عن رأيهم بشكل حقيقي بسبب اختلاف الكثافة السكانية، التي تتركز في الغرب الليبي وتقل بشكل كبير في الشرق والجنوب.

غير أن قرار إعادة تشكيل السلطة التنفيذية يبدو أنه يمثل أساس الاعتراض على قرارات الجلسة، فقد اتجهت أغلب تصريحات المعترضين إليه من خلال تأكيد عدد من نواب المجلس على عدم شرعية الجلسة، وأن قراراتها اتخذت دون وصول الجلسة إلى نصابها القانوني المطلوب، وهو ثلثا الأعضاء من أصل 200 عضو هم كامل أعضاء المجلس. 

وفي هذا الصدد، أكد عضو مجلس النواب، فرج بوهاشم، وهو من الموالين لحفتر، أن "الجلسة علقت دون إجراء أي تصويت"، وأن "عدد النواب الذين حضروا الجلسة كان 96 نائبا فقط"، مشيرا إلى أن التصويت لم يتم "لا بالعد ولا بالمناداة، ولا بالصندوق، كما أنه لم يكن مدرجا على جدول أعمال الجلسة كما تنص لائحة المجلس". ولفت إلى أن "النواب تفاجأوا بانطلاق التصفيق بعد قراءة مشروعي القرارين، لتعم الفوضى الجلسة التي علقت دون أن يتم التصويت عليهما".

وأكد بوهاشم، على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، أن "الذين طالبوا بضرورة توسعة المجلس الرئاسي ليكون تسعة هم اليوم من يطالب برئيس ونائبين بعد أن سقطت الأقنعة وأعلنوا عن ترشحهم، ليكونوا هم الرئاسي وهم الحكومة".

ويبدو أن تصريحات بوهاشم تفسر شيئا من غموض اتهامات صالح للسراج والقطراني، ممثل حفتر، ووضعهما في سلة واحدة ضمن الساعين لعرقلة جلسة الاثنين الماضي. فما المشترك بين حفتر والسراج في هذه المرحلة؟

ترى نجاح الترهوني، وهي صحافية ليبية، أن "مصالح الرجلين التقت بكل تأكيد؛ فالسراج يقاوم رغبات ومساعي الإطاحة بمجلسه وحكومته، وحفتر له مصلحة أيضا في الطعن بشرعية الجلسة التي أقرّت قانون الاستفتاء على الدستور الذي سيقصيه ويمنعه من تولي أي منصب، كونه عسكريا متقاعدا وأجنبيا وحاصلا على جنسية دولة أخرى".


وأضافت الترهوني، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "عقيلة صالح وطيفا نيابي كبيرا بات طرفا آخر في الأزمة بعد تشعبها بسبب طول أمدها، ولا خلاف في أن صالح وحفتر لم يعودا على وفاق"، مؤكدة أن "صالح برفقة ضباط كبار، مثل رئيس أركان الجيش اللواء عبد الرزاق النظوري، وبدعم قبلي واسع، يسعون إلى إقصاء حفتر من المشهد من خلال طرح مسودة الدستور للاستفتاء عليها وإقرارها، وهي المسودة التي طالما اعترض عليها اللواء المتقاعد علنا، واعتبر أنها معيبة وغير قانونية، بل اقتحمت عناصر مسلحة تابعة له جلسة التصويت النهائية علىها في البيضاء في يوليو/ تموز من العام الماضي لمنع التصويت عليها وتمريرها".

وعن السراج قالت: "أعتقد أن دولا كبرى تدعمه حلحلت أكثر الخلافات بينه وبين حفتر، وما الإصرار الإيطالي الكبير على حضور حفتر لمؤتمر باليرمو إلا دليل على ذلك، ويشير إلى التقارب بينهما ما سربته الصحافة الإيطالية عن حفتر أنه لا يمانع في بقاء السراج في منصبه، ما يعني اتفاقات حدثت بينهما في إيطاليا".

وعن مآلات قرارات مجلس النواب، شددت الترهوني: "أعتقد أن إبطالها من خلال المحاكم والقضاء سيكون سهلا وقريبا كما هو حال كثير من القرارات السابقة"، موضحة أن "تصريحات مسؤولي المجلس كشفت عن تضارب كبير في ما يخص نصاب الجلسة".

وتابعت: "عقيلة صالح يقول إن الحاضرين 119، صوت منهم 118 بالموافقة، بينما الناطق الرسمي عبد الله بليحق يقول إنهم 123، وتصريحات نواب آخرين تؤكد أن نظام البصمة الإلكترونية يظهر حضور 104 فقط، كما أن طريقة طرح القرارين للتصويت غير واضحة، والقراءة العامة لأجواء الجلسة تشير إلى تحايل لتمرير القرارين"، لافتة إلى أن اللجنة القانونية بالمجلس أغلبها من موالي حفتر، وبالتالي لن تنتهي المساعي بناء على القرارين إلى شيء".

كما لفتت الصحافية الليبية إلى أن البعثة الأممية أعلنت، عبر صفحتها أمس الثلاثاء، عن ترحيبها بوصول مجلس النواب إلى توافق على قانون الاستفتاء دون أن تتحدث حتى بالإشارة عن ترحيبها بالقرار المتعلق بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي.

وقالت: "يتطلب تعديل وإقرار الاتفاق السياسي برمته ومخرجاته، التي على رأسها المجلس الرئاسي المدعوم دوليا بالإجماع، موافقة البعثة الأممية التي أعلنت قبل أشهر عدم رغبتها في العودة لجلسات تونس، في إشارة إلى جلسات تعديل وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي، بل ووصفتها بالمتاهة".​