"قسد" تستأنف حملتها ضد "داعش" وراية "النصرة" تفجر غضب السوريين

13 نوفمبر 2018
عادت قوات "قسد" للمعارك (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

من المنتظر أن يكون الشرق السوري مسرحاً لمعارك جديدة بين تنظيم "داعش" من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، وذلك بعد توقف العمليات البرية احتجاجاً من الوحدات الكردية، التي تشكل النواة الصلبة لهذه القوات، على قصف تركي لمواقع لها في منطقة شرقي الفرات. في المقابل، اشتعل شمال غربي سورية غضباً من محاولات "هيئة تحرير الشام" (النصرة) حرف الثورة السورية عن مسارها من خلال الترويج لراية جديدة اعتبرها الشارع السوري المعارض "راية طارئة، خبيثة تستخدم المقدس لإفشال ثورة الكرامة"، داعياً إلى التعبير عن رفضها من خلال تظاهرات حاشدة.

ميدانياً، أعلنت "قوات سورية الديمقراطية"، يوم الأحد الماضي، استئناف عملياتها العسكرية البرية ضدّ تنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، بعدما كانت قد أعلنت وقفها في وقت سابق، في خضم التحذيرات التركية من شنّ عملية عسكرية في شرق الفرات، مع قصف مدفعي استهدف مواقع لهذه القوات على الحدود السورية التركية في الفترة الأخيرة.

وذكرت "قسد"، في بيان لها، أن "القصف الجوي، ورغم توقف العملية العسكرية، لم يتوقف"، مضيفة أنّ "داعش استغل وقف العمليات وقام بالتقدم في مواقع عديدة". وأوضحت أنّ "استئناف العمليات العسكرية، جاء نتيجة الاتصالات المكثفة بين القيادة العامّة لقسد وقادة التحالف الدولي" بقيادة واشنطن.

كما أشار البيان إلى أن "استئناف العمليات العسكرية، جاء بعد الحركة الدبلوماسية النشطة التي استهدفت نزع فتيل الأزمة على الحدود، والدعوات الإيجابية من الحلفاء لضبط النفس وتركيز الجهود على محاربة الإرهاب وملاحقته، بما يساهم في دعم الاستقرار في المنطقة، ويصبّ في مصلحة كل الأطراف".

وكانت قوات "قسد" قد بدأت في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، عملية عسكرية واسعة النطاق، قالت إنها "تهدف من خلالها لطرد داعش من آخر جيوبه في هجين ومحيطها، بدعم جوي من طيران التحالف الدولي". وحققت المعارك في بداياتها تقدماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة وباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة وأبدى شراسة في الدفاع عن آخر معاقله في ريف دير الزور، شمال نهر الفرات.

من جانبه، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين، إلى أن "العمليات العسكرية ضمن القطاع الشرقي من ريف دير الزور ضد الجيب الأخير لتنظيم داعش، استكملت شهرها الثاني"، موضحاً أن "الأوضاع الميدانية عادت إلى نقطة الصفر، أي إلى ما قبل انطلاقة العملية العسكرية".

وأضاف المرصد أن "التنظيم اعتمد على عمليات هجوم مضادة، أسفرت عن استعادة كامل ما خسره خلال العملية العسكرية، لتعود مناطق سيطرته إلى الامتداد من بلدة هجين إلى الحدود السورية – العراقية، وتضم بلدات وقرى: هجين والشعفة والمراشدة والبوخاطر والبوبدران والسوسة والشجلة والباغوز فوقاني والباغوز تحتاني".



كما أكدت مصادر محلية أن "المئات من مسلحي قسد قُتلوا وأُصيبوا في العمليات، تحديداً في شهرها الثاني"، مشيرة إلى أن "قيادة هذه القوات زجت بمقاتلين عرب غير مدربين في المعارك. ما أدى إلى تراجع هذه القوات التي تتحرك تحت غطاء جوي كثيف من طيران التحالف الدولي".

وأثبتت الأوضاع الجوية السيئة في المنطقة أن هذه القوات غير قادرة على التحرك من دون هذا الغطاء، فاستطاع التنظيم استعادة المواقع التي خسرها عندما لم يستطع الطيران تنفيذ غارات. ولجأ طيران التحالف الدولي إلى اتباع سياسة الكثافة النارية، لصد عناصر التنظيم الذين استغلوا العاصفة الرملية التي ضربت دير الزور منذ نحو أسبوعين، ما أدى إلى مجازر بحق مدنيين مقيمين في المناطق الخاضعة للتنظيم.

على صعيد آخر، اجتاح شمال غربي سورية، أمس الاثنين، غضب عارم بعدما اتخذت هيئة مرتبطة بـ"هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) إجراءات لتعديل جوهري في راية الثورة السورية. واعتمدت ما تسمى "الهيئة التأسيسية للمؤتمر السوري العام" التي انبثقت عنها "حكومة الإنقاذ"، بحسب بيان لها، "علماً واحداً وراية واحدة في الشمال المحرر، وهو مؤلف من أربعة ألوان، وهي الأخضر من الأعلى والأبيض في الوسط، وفي الأسفل اللون الأسود، وتكتب بالوسط على اللون الأبيض وباللون الأحمر عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بالخط الرقعي".

وأضاف البيان أن "هذا القرار نافذ ضمن المناطق المحررة، ويبلغ من يلزم تنفيذه من وزارات ودوائر حكومية ومجالس محلية وبلديات". وعبّر الشارع السوري المعارض عن غضبه من هذا القرار على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي معتبراً أن التعديل "خيانة لدماء الشهداء وحرف سافر غير مقبول لمبادئ الثورة السورية، واستثمار واضح في الدين لتحقيق مكاسب سياسية من قبل جهة لا تمثّل الثورة السورية ولا تمت لها بالصلة".

ودعا ناشطون وهيئات سياسية لتوسيع دائرة الرفض والاستياء من سياسات جبهة النصرة المسيئة للثورة السورية، من خلال الخروج بتظاهرات حاشدة، يوم الجمعة المقبل، تحت شعار "علم الثورة يمثلني". وكان نشطاء الثورة السورية قد رفعوا في أواخر عام 2011 علم الاستقلال عن فرنسا بديلاً عن علم النظام، بعدما بدأ الأخير بسفك دماء السوريين، في محاولة لنزع الشرعية الوطنية عنه. وظلّ علم الثورة الحالي معتمداً في سورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى الوحدة السورية المصرية في عام 1958، حين جرى اعتماد علم آخر أعاده حافظ الأسد في عام 1980 ولا يزال حتى الوقت الراهن علم النظام السوري.

وحاولت جبهات وهيئات إسلامية، أبرزها "جبهة النصرة"، التعتيم على علم الثورة السورية من خلال رايات تغيرت وتبدلت خلال أكثر من سبع سنوات، وبقي علم الثورة هو الراية التي يجتمع تحت ظلها السوريون المعارضون للنظام بمختلف مشاربهم السياسية. واعتبر ناشطو الثورة أن الراية الجديدة "مؤامرة جديدة"، مشيرين من خلال صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد" التي تأتي في مقدمة الصفحات المعبّرة عن الثورة السورية، إلى أن "علم الثورة هو الراية الشرعية التي أجمعت عليها قوى الثورة لسبع سنوات". وأضافوا أن "كل راية طارئة على راية الثورة هي راية ضرار وفتنة. فبعد أن عجزت قوى الظلم والظلام عن إلغاء علم الثورة وتبني رايات داعش والنصرة المعادية، ذهبت إلى طرح راية مشابهة للرايات السوداء لكنها مطعمة بعلم الثورة". واعتبروا أن "الأحرار الواعين يميزون بين كلمة التوحيد ومقتضياتها، وبين رايات خبيثة تستخدم المقدس لإفشال ثورة الكرامة". ولفتوا إلى أن "طرح الفكرة الملغومة من أطراف معادية للثورة ومكفّرة للناس تؤكد مدى سوء الوضع"، داعين "أحرار سورية للوقوف صفاً واحداً في وجه المكائد والحيل التي تتربص بثورتنا وإسقاط (الراية الضرار)".



المساهمون