ميركل تتنحى عن رئاسة حزبها... وولايتها الحالية هي الأخيرة

29 أكتوبر 2018
تتولى ميركل رئاسة الحزب منذ عام 2000 (Getty)
+ الخط -
أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الإثنين، عزمها التخلي عن رئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي، في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وفي خطوة حاسمة باتجاه إنهاء مسيرتها السياسية، قالت المستشارة التي قادت بلادها طيلة 13 عاماً، إنها تأمل أن ينهي رحيلها الخلافات المريرة داخل الائتلاف لكي يتم التركيز على مهمة حكم أكبر اقتصاد أوروبي.

وقالت ميركل للصحافيين في مقر حزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ "اليوم، حان وقت فتح صفحة جديدة"، معلنةً أنها لن تختار خلفاً لها على رأس الحزب".

وأضافت ميركل أن "الصورة التي ترسلها الحكومة إلى الخارج غير مقبولة". مشيرة إلى أن الانتكاسات الانتخابية مثلما حدث الأحد في مقاطعة هيسن كانت "نقطة تحول، لكنها قد تقدم فرصة" بالنسبة للأحزاب السياسية الرئيسية لإيجاد طريق للمضي قدماً.

من جانبه، قال مصدر بارز من حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" الألماني، إن المستشارة الألمانية أبلغت زعماء الحزب بأنها لن تسعى لإعادة انتخابها رئيسة للحزب، في تمهيد لنهاية حقبة استمرت 13 عاماً وهيمنت فيها على السياسة الأوروبية.

وأعلن أربعة مرشحين على الأقل رغبتهم في التنافس على منصب ميركل بعد إعلانها. إلا أنها قالت إنها لن تسمي خلفاً لها. وأكدت "سأقبل بأي قرار ديمقراطي يتخذه حزبي".

وسيعقد الحزب مؤتمراً في ديسمبر لاختيار رئيس جديد له.

وتتولى ميركل (64 عاماً)، رئاسة الحزب منذ عام 2000 وتتولى منصب المستشارة منذ 2005.


إلى ذلك، قالت مصادر من الحزب إن ميركل تريد البقاء في منصب المستشارة حتى عام 2021، موعد الانتخابات الاتحادية المقبلة. وجاء إعلان ميركل في أعقاب ثاني انتكاسة انتخابية لائتلاف ميركل المحافظ خلال عدة أسابيع.

وخلال الانتخابات التي شهدتها ولاية هيسن، يوم الأحد، تصدَّر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي النتائج، لكنه خسر 11 نقطة مئوية من الدعم مقارنة بآخر انتخابات أجريت عام 2013.

وسيمكّن تخلي ميركل عن رئاسة الحزب من سيخلفها في المنصب من اكتساب شعبية قبل الانتخابات الوطنية التالية المقررة عام 2021.


والأكثر ترجيحاً لتولي المنصب خلفاً لميركل هي الأمينة العامة للحزب إنغريت كرامب - كارنباور.

ومن شأن التخلي عن رئاسة الحزب تقويض سلطات ميركل بدرجة أكبر والتي تضررت بالفعل هذا العام بانتكاستين انتخابيتين وفقد حليف مقرب لدوره كزعيم لتكتلها البرلماني المحافظ.

ولعبت ميركل دوراً مؤثراً على الساحة الأوروبية منذ عام 2005 فساعدت في توجيه الاتحاد الأوروبي وقت أزمة منطقة اليورو وفتحت أبواب ألمانيا أمام المهاجرين الفارين من الحروب في الشرق الأوسط في 2015، في خطوة لا تزال تسبب انقساماً في الاتحاد وألمانيا على حد سواء.

وقد يحد ضعف ميركل في الداخل من قدرتها على القيادة على مستوى الاتحاد الأوروبي في وقت يتعامل فيه التكتل مع خروج بريطانيا وأزمة تتعلق بالميزانية في إيطاليا واحتمالات تحقيق أحزاب شعبوية مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/ أيار المقبل.

ورغم مكانتها الدولية، إلا أن ميركل لا تسعى إلى الحصول على منصب في المفوضية الأوروبية بعد الخروج من السياسة الألمانية، بحسب ما أفاد مصدر في الاتحاد المسيحي الديمقراطي لوكالة فرانس برس.

ردود الأفعال

وفي ما يخصّ ردود الفعل، فقد تفاوتت بين مرحب ومتأسف حيال الإعلان. وبينما كانت الأحزاب الأخرى، ما عدا الاشتراكي الذي تلقى ضربة موجعة يوم الأحد في هيسن، تلملم أوراقها وترتب أولوياتها بعد نتائج انتخابات الأمس لترجمة المكاسب على أرض الواقع، عبر نيتها المشاركة في الائتلاف الحكومي للولاية، رحّب زعيم كتلة حزب ميركل، رالف برينكهاوس، بإعلان المستشارة، واصفًا القرار بالسيادي، مضيفًا أنه "بالنيابة عن أعضاء الكتلة، نقول إننا مسرورون برغبتها في العمل كمستشارة" حتى عام 2021.

من جانبها، أثنت رئيسة الخضر، أنالينا باربوك، على قرار ميركل. أما زعيم حزب "البديل" اليميني الشعبوي، ألكسندر غاولاند، فاعتبر أن انسحاب ميركل يشكل "نجاحاً" لحزبه.

أما زعيمة الاشتراكي، أندريا ناليس، فأعربت عن احترامها لقرار ميركل، فيما كان موقف "الليبرالي الحر" حاداً بحق ميركل، واعتبر زعيمه كريستيان ليندنر أنها "انسحبت من المنصب الخطأ وكان عليها أيضًا أن تتنحى عن منصب المستشارة فوراً".

بدوره، أشار زعيم "الحزب الاجتماعي المسيحي"، الشريك الأصغر لحزب ميركل، هورست زيهوفر، إلى أنه يأسف لنية المستشارة التنازل عن زعامة حزبها المسيحي الديمقراطي.

وعن تنحيها عن زعامة الحزب في الفترة المقبلة، رحب العديد من الخبراء في الشؤون السياسية الألمانية بقرار المستشارة، بعدما لم تتمكن من شد العصب في الاتحاد المسيحي خلال الفترة الماضية، وهذا ما ترجم أخيرًا في انتخابات كل من ولاية بافاريا وهيسن، إذ راكم حزبها الهزائم تلو الأخرى.

ولم تتردد المستشارة بوصف النتيجة بالمريرة والمخيبة جدًا، لافتة إلى أن الصورة التي قدمتها الحكومة الاتحادية "غير مقبولة".

إلى ذلك، اعتبر مراقبون أن توقيت ميركل الإعلان عن الانسحاب جاء في مرحلة حساسة لحزبها المسيحي الديمقراطي في ظل ما يشهده الحزب الاشتراكي الديمقراطي من تراجع مخيف وصل إلى 15% لناحية الشعبية، وهي التي كانت العراب الأكبر لحزبها مع تمدده خلال الـ13 عامًا المنصرمة مع وصولها إلى المستشارية.

من جهة ثانية، فإن المستشارة فتحت الباب لأصحاب الكفاءات والخبرة في حزبها لإثبات حضورهم لاكتساب ثقة المؤتمرين الحزبيين في ديسمبر/كانون الأول، خاصة أن الجميع مقتنع داخل الحزب المسيحي الديمقراطي بأنه ليس هناك من شخصية معينة مهيأة لخلافتها في زعامة الحزب.

وتطرح أسماء كثيرة في البازار الحزبي، ويبدو أن ميركل أصبحت مقتنعة بضرورة مساندة شخصيات حزبية لتطوير أنفسهم قبل تركها المستشارية، ولتقلب الطاولة على جميع المتربصين بها داخل المسيحي الديمقراطي والذين يخالفونها الرأي ويترددون في دعم موقفها.


(العربي الجديد، رويترز)