العراق: الأحزاب تلاحق وزارات عبد المهدي الشاغرة

29 أكتوبر 2018
ائتلاف العبادي يريد حصته من الوزارات (محمد سواف/فرانس برس)
+ الخط -

لدى رئيس الوزراء العراقي الجديد، عادل عبد المهدي، أقل من عشرة أيام لإكمال تشكيلته الوزارية، بعد أن أعلن البرلمان عقد جلسة في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للتصويت على أسماء ثمانية وزراء جدد في الحكومة التي حظيت بثقة البرلمان، بعد مشاكل بين الكيانات والقوى السياسية.

وما تزال وزارات العدل والثقافة والتربية والتعليم العالي والتخطيط والهجرة والمهجرين والدفاع والداخلية بلا وزراء، وتتحرك الأحزاب من أجل السيطرة عليها، وأبرزها كتلة "عطاء"، ضمن تحالف "البناء" بزعامة هادي العامري، التي ترى أن منصب وزير الداخلية محصور ضمن حصتها الانتخابية بمرشح أوحد هو رئيس مليشيات "الحشد الشعبي"، فالح الفياض، فيما تدور الخلافات بين أطراف من مليشيا "بابليون" المسيحية مع حزب "الفضيلة" بشأن وزارة العدل. أما الثقافة، وعلى الرغم من رفض البرلمان في جلسته الأخيرة مرشح كتلة "العصائب"، فإن الكتلة ما تزال تقاتل لنيلها. وينطبق الأمر على وزارة الهجرة التي يطالب بها الأكراد، فيما يريد "ائتلاف الوطنية"، بزعامة إياد علاوي، منصب وزير الدفاع.

وقال مصدر مقرب من مكتب عبد المهدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأحزاب البارزة تواصل لعبة المحاصصة للحصول على باقي الوزارات في تشكيلة عبد المهدي، الذي يعمل الآن على حسم ملف التوافقات السياسية وتوحيد توجهات ورؤى الكيانات المتقاطعة فيما بينها". وأضاف "ليست مشكلة عبد المهدي الحالية هي التمرد على المحاصصة، وإنما كيفية تحقيق توافق بين الكيانات السياسية، لتنظيم آلية المحاصصة بينها، بسبب الاعتراضات من داخل التشكيلة الداعمة لعبد المهدي، وهي سائرون والفتح. إن حسم ملف أبرز الوزارات، وهي العدل والداخلية والدفاع، يعتمد على مدى نجاح رئيس الحكومة بالتوصل إلى توافقات"، معتبراً أن "الوزارات الشاغرة الباقية ستخضع لمحاصصة أكثر تنظيماً من السابق عبر الاتفاق على مرشحي تسوية للمناصب الوزارية".

وتبرز الخلافات بين الكيانات السياسية، مع ارتفاع حدة تصريحات بعض أعضائها، لا سيما أعضاء تحالف "البناء" حول منصب وزير الداخلية، إذ يعلن غالبيتهم، عبر مقابلات متلفزة، تمسكهم بمرشحهم الوحيد للوزارة، وهو فالح الفياض، وهو ما أكده النائب حنين قدو بقوله إن "عبد المهدي ما زال متمسكاً ببعض الأسماء المرشحة التي أخفقت بنيل الثقة النيابية". وعلى الضفة الثانية، يستمر "ائتلاف الوطنية" بالتلويح لعبد المهدي بالإسراع لاختيار مرشحه للدفاع. وقال عضو "ائتلاف الوطنية"، رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إن "عبد المهدي عازم على حسم ملف الوزارات الشاغرة، وخلال الجلسة المقبلة سيكون هذا الملف قد حسم بالكامل، وبذلك نطوي الصفحة المتعلقة بالتشكيلة الوزارية وتكون متكاملة". وأضاف أن "كتلة بدر وأغلب الأحزاب الشيعية تنازلت عن تشكيل الحكومة، وأعطت الحرية الكاملة لعبد المهدي، أما الأحزاب الباقية فهي متمسكة بالتمثيل الوزاري وفق الاستحقاق الدستوري، وقد رشحت لرئيس الوزراء الجديد شخصيات جديدة، ليختار ما يراه مناسباً". وتابع أن "الأسماء ليست جديدة، فهي مرتبطة بجهات سياسية لكنها لم تتسلم مناصب حكومية أو وزارات في وقت سابق، وسيكون هناك تفاهم كبير بين السياسيين وبين عبد المهدي، الذي سيعمل على تمرير ما تبقى من التشكيلة الوزارية بكل سلاسة".


من جانبه، رأى عضو تيار "الحكمة"، محمد اللكاش، أن "الأحزاب ما تزال تحاصر عبد المهدي بشروطها"، موضحاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "على رئيس الحكومة الجديد أن يكون أكثر قوة في اختياره، وألا يخضع للإرادات الحزبية والكيانات السياسية التي تمارس ضغطاً كبيراً عليه، وتحديداً بما يتعلق بالوزارتين الأمنيتين، الدفاع والداخلية، وعلى لجنة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة وديوان الرقابة المالية التدقيق بالأسماء المرشحة لباقي المناصب، واتخاذ قرارات رادعة بحق المتورطين بالفساد. على العموم ما تزال الأحزاب قوية، وكان تأثيرها واضحاً في الجلسة الأخيرة التي أفرزت المصادقة على 14 وزيراً". وعلى نفس منهاج الأحزاب المطالبة بالحصص، دخل "ائتلاف النصر" التابع لرئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، على الخط، لنيل ما يراه استحقاقاً انتخابياً. وقالت عضو الائتلاف، ندى شاكر، لـ"العربي الجديد"، إن "عبد المهدي كان وعد العبادي بإعطائه وزارة الخارجية ليصبح وزيراً عليها، لكن المشكلات السياسية حالت دون توزير العبادي. وبما أن النظام عاد إلى المحاصصة الحزبية، فإن هذا يعني أن للائتلاف حصة من الوزارات المتبقية، لا سيما أن الائتلاف (النصر) يمتلك 42 مقعداً في البرلمان"، لافتة إلى أن "التشنج كان حاضراً في الجلسة البرلمانية السابقة، ولكن في الجلسة المقبلة ربما سيعيد عبد المهدي النظر باختيار شخصيات أكثر كفاءة ومهنية".

ولم يكتف الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود البارزاني، بحصوله على المالية والإعمار والإسكان في حكومة عبد المهدي، فهو ما يزال متمسكاً بوزارة الهجرة والمهجرين، على الرغم من أن الحزب الثاني في إقليم كردستان "الاتحاد الوطني" يرى أن الوزارة ذاتها من استحقاقه. وفي السياق، قال النائب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ميران محمد، في تصريح صحافي، إن "حزبه رشح أحد قيادييه، وهو خالد شواني، لمنصب وزير الهجرة في الحكومة الجديدة"، موضحاً أن "شواني كان مرشحاً لتولي منصب وزير العدل، إلا أن عبد المهدي قدم مرشحاً آخر لهذا المنصب، ليتم بعدها ترشيح خالد شواني لمنصب وزير الهجرة".
بدوره، أشار المحلل السياسي العراقي، أحمد الشريفي، إلى أن "الحكومة العراقية ماضية باتجاه تشكيلتها النهائية، التي لن تصمد طويلاً، لأنها ستواجه ضاغطين اثنين، الأول هو عدم تلبية التشكيلة للتوازنات الإقليمية والدولية، واستدراج الأزمات الدولية خلال تشكيل الحكومة، ومعنى ذلك أن الأداء الحكومي سيكون غير موفق، وبالتالي ستنهار الحكومة". وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "الضاغط الثاني سيكون على المستوى المحلي. فمنذ الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة ومنسوب الإحباط الشعبي يرتفع تدريجياً، ومع اكتمال الحكومة سيرتفع منسوب النقمة من الجماهير، ولن يستطيع أي وزير أن يقدم أداءً مقنعاً للرأي العام، لأن الأزمة داخل الوزارات أكبر من أن تحتويها هذه الشخصيات. لذلك سيحصل اضطراب وتظاهرات شعبية جديدة، يؤيدها زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) ومرجعية النجف متمثلة بعلي السيستاني".

المساهمون