ألمانيا: انتخابات هيسن قد تهدّد زعامة ميركل للمسيحي الديمقراطي

27 أكتوبر 2018
التحضيرات الأخيرة للخضر قبل الانتخابات (توماس لوهنيس/Getty)
+ الخط -
تترقّب الأحزاب الرئيسية في ولاية هيسن الألمانية، غداً الأحد، نتائج الانتخابات التي سيقترع فيها أكثر من 4 ملايين ناخب لرسم خارطة التمثيل الحزبي داخل برلمان الولاية للسنوات الخمس المقبلة، في ظل المنافسة الشديدة بين حزب المستشارة أنجيلا ميركل، المسيحي الديمقراطي وبين الخضر والاشتراكي الديمقراطي. وتكتسب نتائج هذه الانتخابات أهمية خاصة لكونها قد تهدد مصير قيادات حزبية وتضعف الائتلاف الحاكم في برلين، الذي بات يدور بطروحاته حول نفسه مع تغير المزاج الشعبي تجاهه.

ويبدو أن الخضر الذي أصبح ثاني أكبر قوة في هيسن بنسبة 21 في المائة، يعتمد تكتيكاً انتخابياً، فيه الكثير من الحنكة السياسية عبر التكتم على أرجحية تحالفاته في بناء ائتلاف حكومي جديد في الولاية. وهذا ما سيمكنه من استقطاب ناخبين من الحزبين التقليديين المسيحي الديمقراطي، الأوّل بنسبة 27 في المائة، والاشتراكي ثالث الترتيب بنسبة 20 في المائة، وهم المستاؤون أساساً من قادة أحزابهم. ويحاول الخضر رفع أرقامه لمبارزة الأحزاب الشعبية بقوة، ما قد يسمح لمرشحه الرئيسي، نائب رئيس الحكومة الحالي طارق الوزير بالفوز بمنصب رئيس وزراء الولاية في ائتلاف جديد. بالتالي يكون الخضر قد تربع على رئاسة ثاني مجلس وزراء بعد ولاية بادن فورتمبيرغ. مع العلم أن الحزب يبلي بلاء حسناً في حملته الانتخابية، ويخوضها بكثير من التعقل والمصداقية التي تؤشر إلى نوايا واضحة للتغيير وليصبح القوة الرائدة ليسار الوسط.

بالتالي فإن نتائج هذه الانتخابات قد تحمل الكثير من المفاجآت، إذ إنه إذا بقي الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل، عبر مرشحه الرئيسي رئيس الوزراء الحالي فولكر بوفييه في السلطة، فإن الأمر سيعزز من وضع المستشارة في برلين، وهذا ما يكتسب أهمية كبيرة في السياسة الفيدرالية. في المقابل، فإن فشل حزب ميركل في هيسن، سيدحض كل الأقاويل والاتهامات التي سيقت بحق زعيم الحزب الاجتماعي هورست زيهوفر، بأن الأخير كان السبب في تراجع الاجتماعي في بافاريا ومعه الاتحاد المسيحي نتيجة المناكفات مع ميركل داخل الحكومة الاتحادية في برلين، ثم تعود وترتفع الأصوات التي تحمّل ميركل مسؤولية تراجع الاتحاد، الذي يضمّ الحزبين المسيحي الديمقراطي والاجتماعي المسيحي على مساحة البلاد.

في السياق، طالبت المستشارة قبل أيام من انتخابات هيسن، أعضاء حزبها بالتوقف عن مناقشة نتائج الانتخابات السيئة في بافاريا وسياسة اللجوء، معتبرة أن "هذا الأمر يهدد وضع الاتحاد المسيحي كحزب الشعب". ودعت إلى العمل على "سياسات مستقبلية موجهة لأن الناس يريدون منا أن ننظر إلى المستقبل بثقة من دون رسم العالم بشكل جميل، والخوف ناصح سيئ".



في موازاة ذلك، يسعى الاشتراكي الذي حكم الولاية حتى نهاية التسعينات، إلى تدعيم حيثيته بعدما اتُهم بالوهن والمرونة، وتحقيق أقصى الممكن لتحصيل منصب رئيس الوزراء من خلال التصويب على شريكي الائتلاف في الحكومة الحالية: الخضر والمسيحي. وفي هذا الإطار، هاجم المرشح الرئيسي للاشتراكي تورستن شيفر غامبل، الخضر، ولفت في حديث لصحيفة "دي فيلت" أخيراً، إلى أن "الخضر يتحدثون دائماً عن ضرورة مكافحة أسباب التغير المناخي، فيما التقدم في مجال الطاقة المتجددة بسيط في الولاية، عدا عن الإهمال في السياسة التعليمية ومشكلة الديزل من قبلهم". كما دعا في تصريحات أخرى إلى "أن يركز حزب الخضر في طروحاته على فرص العمل والوظائف"، قائلاً إن "العمل والبيئة يكمّلان بعضهما البعض". كل ذلك يحصل فيما يتهم الخضر الاشتراكي بمحاولات عدم التواصل، وأنه لم يتضح بعد ما يريد فعله في القضايا الاجتماعية والتعليم أو البنى التحتية والضرائب.

وستبقى الأنظار مصوبة لمعرفة النتائج والتي قد تكون مفصلية وتبرهنها كل الاستطلاعات، ويُستبعد أن يتمكن التحالف الحالي بين ميركل والخضر من إعادة تشكيل ائتلاف حكومي من دون شريك ثالث، خصوصاً بعد أن فقد الائتلاف الأكثرية، فالمسيحي خسر قرابة 10 نقاط لصالح أحزاب اليسار والليبرالي الحر 7.5 في المائة واليمين الشعبوي 13 في المائة. وبات بحكم المؤكد دخولهم برلمان هيسن.

ويراقب البعض الخطوات التي سيقوم بها الخضر، الذي قد يعمد إلى أخذ زمام المبادرة وخوض مفاوضات مع الاشتراكي الديمقراطي واليسار، ما قد يشكل ضربة لمرشح المسيحي الديمقراطي فولكر بوفييه وميركل. وسجّلت تصريحات لنائب في حزب ميركل، وفق ما ذكرت "دي فيلت"، مفادها أن "فشل بوفييه وفقدانه لمنصبه، قد يكلف المستشارة زعامة الحزب"، مشيراً إلى أنه "لا ضمانة لشيء إذا ما جاءت الأرقام مخيّبة في هيسن. وعلى بوفييه أن يكون قادراً على الاستمرار، وإلا فإن كل شيء قد يتغير، في ظلّ الحديث عن غليان لدى القاعدة، المتريثة على مضض، وعندها لن يكون أي شيء آمنا لميركل، وستضطر إلى إفساح المجال بفعل الضغط المتزايد وتعزف عن الترشح لتجديد زعامتها للحزب، خلال المؤتمر الحزبي المقرر انعقاده في ديسمبر/كانون الأول المقبل في هامبورغ، خصوصاً أن نوابا كثرا يطالبون بدم جديد داخل قيادة الحزب، وتوفير آفاق أفضل للحفاظ على السلطة وامتصاص النقمة الحزبية، وبعدما بات هناك خوف وجودي على المسيحي الديمقراطي".