ترامب وشركات صناعة الأسلحة يحاولون إنقاذ صفقة للسعودية بقيمة 110 مليارات دولار

25 أكتوبر 2018
تحركات بالكونغرس لحظر بيع الأسلحة للرياض (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

تسرع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وصناعة الدفاع الأميركية الخطى لإنقاذ الصفقات الفعلية القليلة ضمن حزمة أسلحة للسعودية قيمتها 110 مليارات دولار، جرى الترويج لها كثيرا مع تنامي المخاوف بشأن تورط قيادة المملكة في مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

واتخذ ترامب نهجاً متحفظاً في انتقاده قادة السعودية في ما يتعلق بقضية خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة، والكاتب في صحيفة "واشنطن بوست"، مؤكدا أنه لا يرغب في ضياع "صفقة ضخمة" لبيع أسلحة بمبلغ 110 مليارات دولار يقول إنها ستوفر 500 ألف فرصة عمل أميركية، وهو رقم يقول الخبراء إنه "مبالغ فيه بشكل كبير".

وأثار مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، ضجة عالمية وتساؤلات حول الدور المحتمل لولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، والذي يتحكم في الأجهزة الأمنية بالمملكة.

ووزعت رابطة الصناعات الجوية على المسؤولين التنفيذيين بشركات الصناعات العسكرية وثيقة تتضمن نقاطا معينة للتحدث بشأنها، تركز على أهمية مبيعات الأسلحة لحلفاء الولايات المتحدة.

وتأمل الشركات الحفاظ على الصفقات المبرمة مع السعودية، في ظل وجود مواعيد تسليم قريبة في 2019 و2020، تنفيذا لتعهدات قدمت خلال زيارة ترامب في مايو/ أيار 2017.

وأرسلت رابطة الصناعات الجوية إلى متعاقدين في مجال الصناعات العسكرية "نقاط طوارئ بشأن مبيعات السلاح للسعودية" في الأيام القليلة الماضية، وأصدرت تعليمات للمسؤولين التنفيذيين للتشديد على أن وقف مبيعات الأسلحة قد يقلص قدرة الولايات المتحدة على التأثير في الحكومات الأجنبية.

وتهدف النقاط إلى مساعدة المسؤولين التنفيذيين في الترويج لآرائهم، عندما يتحدثون إلى موظفيهم ومورديهم ووسائل الإعلام والمسؤولين بالحكومة والمسؤولين المنتخبين.

وتبلورت في أربع نقاط تتطرق إلى "التأثير الاقتصادي"، وتشرح كيف أن مبيعات الأسلحة تعزز العلاقات العسكرية والسياسية.

وقالت كيتلين هايدن، المتحدثة باسم رابطة الصناعات الجوية، إنها لا تستطيع التعليق على تفاصيل الرسالة التي أرسلت إلى أعضائها، وأضافت أن "الرابطة لا تملي على أعضائها ما يجب أن يقولوه عن أي قضية معينة".

وتضم اللجنة التنفيذية لرابطة الصناعات الجوية الرؤساء التنفيذيين لشركات الصناعات العسكرية الخمس الكبرى، وهي "لوكهيد مارتن" و"نورثروب جرومان" و"بوينغ" و"ريثيون" و"جنرال ديناميكس".

وفي السياق، قال السناتور الجمهوري بوب كوركر، الذي يستطيع بصفته رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن يعرقل مبيعات الأسلحة للخارج، للصحافيين في الكونغرس الأميركي، إن أحد المتعاقدين في مجال الصناعات العسكرية جاء ليزوره في مكتبه، وإنه كان قد حذر- حتى قبل مقتل خاشقجي- من أن الوقت لن يكون مناسبا لمحاولة تمرير صفقة عسكرية كبيرة من خلال الكونغرس.

وقال كروكر متحدثا عن مقتل خاشقجي: "أعرف أن الكونغرس لن يسمح بذلك. هذا أمر يثير غضب الناس".

وأكد عضو مجلس النواب الأميركي، جيمس مكغفرن، أن مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين طرحت مشروع قانون في المجلس الأربعاء من شأنه أن يوقف معظم مبيعات الأسلحة للسعودية ردا على مقتل خاشقجي.

وفي ظل الانتقادات المتزايدة من الكونغرس، كثف البيت الأبيض جهوده لإنقاذ حزمة مبيعات الأسلحة للسعودية.

وقال مسؤول أميركي كبير لـ"رويترز"، متحدثا شرط عدم نشر اسمه، إن بيتر نافارو، المستشار التجاري لترامب بالبيت الأبيض وواضع سياسة "اشتر المنتج الأميركي" لتخفيف القيود على مبيعات الأسلحة الخارجية، كان أحد الأصوات البارزة خلال قضية خاشقجي في التوضيح للرئيس أهمية صفقات الأسلحة السعودية والنتائج المترتبة على الوظائف في الولايات المتحدة.

وخلال اجتماع حول مائدة مستديرة مع المتعاقدين في قاعدة لوك التابعة للقوات الجوية في أريزونا السبت، سعى ترامب ومساعدوه إلى تهدئة مخاوف المسؤولين التنفيذيين بشأن مستقبل مبيعات الأسلحة للسعودية، وطمأنهم بأن الرئيس "سيبذل كل ما في وسعه لتمضي كما هو مخطط لها".

ومنذ الإعلان عن الحزمة التي تبلغ 110 مليارات دولار، للمرة الأولى قبل 18 شهرا، بدأت بعض الأموال السعودية تتدفق على الشركات، حيث جرى إرسال مبالغ إلى شركة لوكهيد مارتن المسؤولة عن تصنيع فرقاطات للمملكة.

ولكن غالبية الصفقات الأخرى، مثل منظومة الدفاع الصاروخي ثاد، والبالغة تكلفتها 13.5 مليار دولار من لوكهيد، تواجه صعوبات، نظرا لعدم التوصل إلى اتفاق شراء حاسم.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إنها بدأت في التعامل مع مبيعات عسكرية للسعودية بقيمة 14.5 مليار دولار منذ زيارة ترامب. وصفقات كثيرة باقية إما جرى التفاوض بشأنها بالفعل خلال رئاسة باراك أوباما، أو كانت مشروطة بطبيعتها. 

وقال مسؤولون تنفيذيون بشركات الصناعات العسكرية ومسؤولون بالحكومة، تحدثوا شرط عدم الكشف عن أسمائهم، إن السعوديين يريدون الكثير من العتاد العسكري إذا أدت الصفقات إلى توفير فرص عمل جديدة في المملكة، في إطار مبادرات رؤية 2030 لولي العهد.

وطبقا لمسودة أعدت في 2017 بقائمة صفقات حزمة الأسلحة اطلعت عليها "رويترز"، فإنه تم تحديد نحو 95 مليار دولار كمذكرات نوايا، أي تعهدات غير ملزمة للشراء.

ولم يردّ البيت الأبيض على طلب للتعليق.

وما زال المتعاقدون في مجال الصناعات العسكرية وإدارة ترامب يشعرون بالقلق من تعطل الصفقات في الكونغرس، حيث يشعر الديمقراطيون والجمهوريون، على حد سواء، بالقلق بشأن قضية خاشقجي، التي كشفت مخاطر تراجع الاهتمام بحقوق الإنسان في خضم حملة "اشتر المنتج الأميركي".

وحتى قبل قضية خاشقجي، أعاق نواب ديمقراطيون ما لا يقل عن أربع صفقات أسلحة، ويرجع ذلك إلى حد كبير بسبب مقتل مدنيين يمنيين في هجمات نفذتها السعودية.

وقال مسؤول كبير بالإدارة طلب عدم نشر اسمه: "هذا يجعل من المرجح أن يوسعوا القيود لتشمل أنظمة ليست بالضرورة مثيرة للجدل بالنسبة إليهم. هذا مبعث قلق كبير".

(رويترز)