النظام السوري يطيح مسعى تشكيل اللجنة الدستورية

25 أكتوبر 2018
سعى دي ميستورا لتحقيق إنجاز قبل مغادرته(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
لم يخرج مسعى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، لإحداث خرق في ملف تشكيل لجنة لصياغة الدستور السوري، عن المتوقع بالاصطدام بتعنّت النظام، الذي أكد للمبعوث الأممي أن هذا الملف "شأن سيادي يقرره الشعب السوري من دون أي تدخل خارجي"، بما يعني أن دي ميستورا سيغادر منصبه أواخر الشهر المقبل من دون النجاح في حلحلة هذه العقدة ودفع مسار الحل السياسي. في موازاة ذلك، تتكثف اللقاءات الدولية حول سورية، إذ تستضيف إسطنبول قمة رباعية يوم السبت، فيما تسعى روسيا لعقد قمة ثلاثية بمشاركة تركيا وإيران وفق صيغة اجتماعات أستانة، في ظل مسعى أنقرة للحفاظ على اتفاق إدلب الذي توصل إليه الرئيسان، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، فيما النظام السوري لا يزال يتحدث عن أنه سيعود إلى إدلب.

واصطدم دي ميستورا الذي بدأ أمس زيارة إلى دمشق لبحث ملف اللجنة الدستورية، بإعلان وزير خارجية النظام وليد المعلم، خلال لقائه به، أن "الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي يقرره الشعب السوري من دون أي تدخل خارجي"، كما ذكرت وكالة الأنباء "سانا" التابعة للنظام. وقال المعلم متوجهاً لدي ميستورا، إن "إطلاق عمل هذه اللجنة يجب أن يراعي المبدأ المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية، والمتمثل بضرورة الالتزام القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً". وأضاف: "عليه، فإن كل هذه العملية يجب أن تكون بقيادة وملكية سورية، وذلك باعتبار أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره الشعب السوري بنفسه، من دون أي تدخّل خارجي، تسعى من خلاله بعض الأطراف والدول لفرض إرادتها على الشعب السوري".

وشكّل ذلك الموقف ضربة قاسية لمسعى دي ميستورا تحقيق إنجاز على صعيد تشكيل اللجنة المنوط بها وضع دستور سوري، قبيل مغادرته منصبه أواخر الشهر المقبل بناء على طلبه. ويُفترض أن تتألف اللجنة الدستورية من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة، التي تمثّلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلث آخر من النظام السوري، والثلث الأخير ممن يختارهم دي ميستورا، على أن يتم اختيار 15 عضواً منهم (خمسة أعضاء من كل مجموعة) لصياغة دستور دائم للبلاد.

وكانت المعارضة قد قدّمت، في يوليو/تموز الماضي، قائمة بمرشحيها إلى اللجنة الدستورية، وضمّت ممثلين عن مكوّنات الهيئة العليا للتفاوض، من الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية التي ينظر إليها باعتبارها ممثلة لمعارضة الداخل السوري، ومنصتي موسكو والقاهرة، والفصائل العسكرية، ومستقلين. ويريد النظام الهيمنة على اللجنة الدستورية من أجل تمرير دستور يعطي الرئيس صلاحيات مطلقة في إدارة البلاد، ويسمح لبشار الأسد مجدداً بالترشح للانتخابات الرئاسية. في حين تسعى المعارضة إلى وضع دستور جديد يحد من صلاحيات الرئيس، ولا يتيح للأسد الترشح في انتخابات تلي إنجاز التفاوض على الانتقال السياسي وبقية السلال التفاوضية وهي: الحكم، والدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب. وكانت "المجموعة المصغرة" حول سورية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والأردن ومصر والسعودية، قد طلبت من دي ميستورا أن يتحدث بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول الحالي عما أنجزه بشأن اللجنة الدستورية.


في غضون ذلك، يُقبل الملف السوري على سلسلة لقاءات دولية حوله، إذ تستضيف مدينة إسطنبول التركية يوم السبت، قمة رباعية تضم الرؤساء التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على أن يعقبها السبت لقاء قمة ثنائي يجمع الرئيسين التركي والروسي، ومن المتوقع أن يكون الملف السوري حاضراً في محادثاتهما، خصوصاً على صعيد المضي في تنفيذ بنود اتفاقهما بما يخص الوضع في شمال غربي سورية.

كذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده "تجهز لعقد قمة رئاسية ثلاثية جديدة لقادة تركيا وروسيا وإيران حول سورية وفق صيغة اجتماعات أستانة". واعتبر إثر اجتماعه أمس في موسكو مع نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، ومساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين جابري أنصاري، أن "صيغة قمة أستانة هي الأساس الأكثر موضوعية للمضي قدماً على كل المسارات بهدف تسوية الأزمة السورية".

ويأتي هذا الحراك وسط مسعى تركي وروسي لإنجاح اتفاق سوتشي حول شمال غربي سورية، فيما لا يزال النظام يتحدث عن أن هذا الاتفاق مؤقت، وأنه سيعود إلى محافظة إدلب "على مراحل" تبدأ من المنطقة "منزوعة السلاح"، وفق صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، التي قالت أمس إن قوات النظام "على أهبة الاستعداد لاقتحامها في انتظار أن تنضج الظروف الملائمة المتمثلة بنعي "منزوعة السلاح"، وسوتشي مع إخفاق تركيا المتكرر توجيه سفينة الراديكاليين، بموجب بنوده ومقتضياته"، وفق تعبير الصحيفة المذكورة.

في المقابل، كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يؤكد انسحاب قسم كبير من "العناصر الراديكالية والأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب"، التي تم إنشاؤها وفق اتفاق سوتشي. وأوضح أكار، في تصريحات أمس، أن انتهاك وقف إطلاق النار في المنطقة انخفض بنسبة 90 في المائة، لافتاً إلى توصل بلاده وروسيا لتفاهم حول إنشاء مركز لتنسيق التحركات المشتركة بين العناصر العسكرية للطرفين التركي والروسي، ولاستمرارية وقف إطلاق النار. وأعرب عن أمله في أن تتم زيادة تنشيط حالة وقف إطلاق النار في إدلب خلال المرحلة المقبلة، وبالتالي ينعم سكان المدينة بحياة آمنة ومستقرة.

وأضاف أكار أن بلاده "لن تسمح بإقامة أي ممر إرهابي في الشمال السوري، من شأنه تهديد أمن تركيا واستقرارها وراحة شعبها"، في إشارة واضحة إلى محاولات الوحدات الكردية فرض إقليم ذي طابع كردي في منطقة شرقي الفرات. وكشف أن القوات التركية "طهرت ألفي كيلومتر من الإرهابيين، وحيّدت 3 آلاف عنصر من داعش خلال عملية درع الفرات".
وفي ما يخص مدينة منبج، أوضح الوزير التركي، أنه "عقب الدوريات المشتركة بين الجيشين التركي والأميركي ستبدأ الدوريات المشتركة في منبج بعد أيام من التحضيرات"، مضيفاً: "نحتاج للتحضير والقيام بعمليات تدريب للعناصر التركية والأميركية في إطار القيام بدوريات مشتركة وهذه المرحلة بدأت في 9 أكتوبر/تشرين الأول، ولا تزال مستمرة حالياً في غازي عنتاب".

المساهمون