ماكرون في تونس: الاقتصاد والأمن الإقليمي على الطاولة

31 يناير 2018
يحمل ماكرون ملفات كثيرة إلى تونس (فرانس برس)
+ الخط -
ينزل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، ضيفاً على تونس في زيارة دولة تمتد على يومين، ينتظر التونسيون أن تكون ذات فعالية أعلى من زيارة سلفه فرنسوا هولاند، الذي ألقى بدوره سيلاً من الوعود، التي تكررت منذ لقاء الوزير الباجي قايد السبسي وقتها بزعماء العالم في دوفيل الفرنسية، ولكن لم يتحقق منها الشيء الكثير، بينما يعرف التونسيون أن فرنسا بإمكانها أن تقدم أكثر بكثير لصديق قديم وديمقراطية ناشئة يدعي الجميع ضرورة الدفاع عنها.

وقالت الرئاسة التونسية إن "الزيارة تترجم السعي لدعم علاقات التعاون الثنائي وتنويع مجالاته وتكريس سُنّة التشاور السياسي بين البلدين والتباحث في المسائل ذات الاهتمام المشترك".

غير أن هذه الملفات ذات الاهتمام المشترك ليست نفسها من زاوية كل بلد، حيث تنتظر تونس من فرنسا أن تترجم ما تعلنه منذ سنوات عن دعمها لتونس في مرحلة صعبة اقتصادياً واجتماعياً وفي منطقة متوترة ألقت بتداعياتها على الفضاء الأوروبي. وفي حين ترغب فرنسا من تونس أن تلعب دور الحارس لحدود أوروبا الجنوبية، ترى تونس أن أزمة الهجرة غير النظامية لا يمكن حلها إلا بالاستثمار بجدية في دول الجنوب.

وينتظر أن يلتقي الرئيس الفرنسي بالرئيس التونسي ورئيسي الحكومة ومجلس نواب الشعب، قبل أن يلقي خطاباً في البرلمان، إضافة إلى توقيع عدد هام من الاتفاقيات، وانعقاد المنتدى الاقتصادي الذي ينتظم بالشراكة بين الغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة وجمعية مستشاري التجارة الخارجية بفرنسا بحضور حوالى عشرين من رجال الأعمال وممثلي مؤسسات فرنسية كبيرة.

وبالرغم من أن تونس تكتم خيبتها من فرنسا، إلا أنها لا ترغب في المجازفة بالشريك الاقتصادي الأول لها في العالم، حيث أنها تعد أول بلد مستثمر في تونس، وتحتضن أكبر جالية تونسية بالخارج، كما تعتبر فرنسا أهم قبلة للصادرات التونسية.

ولكن هذه الأرقام كلها لا ترقى إلى توقعات تونس من هذا الشريك التاريخي والاقتصادي، وكان الرئيس السبسي ردد منذ سنوات أن "أوروبا لا تفعل ما يكفي من أجل تونس، رغم حاجتنا الماسة إلى الدعم، وسنكون سعداء لو تعرض علينا فرنسا إلغاء ديونها".

ولكن فرنسا لم تسمع لهذه الدعوة، واكتفت مع الرئيس هولاند بتحويل 60 مليون يورو فقط من هذه الديون، في حين أن ألمانيا مثلاً كانت بادرت لذلك منذ 2012، حيث أعلنت المستشارة أنجيلا ميركل عن تحويل جزء من الديون المترتبة على تونس لصالح ألمانيا بقيمة 60 مليون يورو إلى مشاريع تنموية.

وربما تكون هذه المسألة بالذات من مؤشرات نجاح زيارة ماكرون إلى تونس من عدمها، وستوضح تماماً إذا ما كان الرئيس ماكرون لم يغضب من عدم استقبال الرئيس السبسي له عندما زار تونس بصفته وزيراً قبل أن يترشح للرئاسة.

ولكن الملفات بين البلدين متعددة، لعل أهمها الملف الأمني بشقيه الاٍرهابي والليبي، حيث ترى تونس على لسان رئيسها أن "التخلص من الإرهاب ليس مسألة تونسية فقط بل إقليمية وتتطلب توحُّد الجميع لمواجهتها" وأن "الفرنسيين والإيطاليين يجب أن ينخرطوا فيها، لأن سلامة أوروبا من سلامة المنطقة المتوسطية".



وتعتبر تونس أيضاً أن الحل الليبي يمر عبر التقاء الجميع على طاولة واحدة، وأن لقاء حفتر فقط لا يحل المشكل، وأوضح الرئيس السبسي بعد زيارة حفتر لباريس أن "المبادرات التي تلخص الأزمة في لقاء حفتر والسراج مبادرات سطحية"، مثلما تم في مصر والإمارات وفرنسا، مؤكدة أن السراج وحفتر "جزء من المشكل، وجزء من الحل، ولكنهما ليسا كل الحل، لأن هناك أطرافاً مهمة أخرى لا ينبغي استبعادها".

وقد يكون الشريكان التونسي والفرنسي بحاجة إلى من يبعث الحرارة في هذه العلاقات، وربما تكون أحلام الغربي، وهي التونسية التي تشغل منصب مستشارة الرئيس الفرنسي ماكرون، والمكلفة بشؤون الشرق الأوسط  وشمال إفريقيا، قادرة على ذلك، إذا لم تصطدم بالواقع الصعب للبلدين.