واعتبر نواب المعارضة أن التصديق على قانون البلديات (مجلة الجماعات المحلية)، يعتبر حجر أساس في الاتفاق الحاصل مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، غداة تحديد الروزنامة الانتخابية وإعلان موعد الاقتراع.
ويعبّر ممثلو المجتمع المدني عن تخوفهم من تأثير بطء المناقشات وتقدم اللجان البرلمانية في المصادقة على القانون وإمكانية تعطيل مسار الانتخابات البلدية.
وأكد رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح محمد الناصر جبيرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة توصلت إلى مناقشة قرابة ثلثي مجلة الجماعات المحلية، أي ما يناهز 218 بنداً من أصل 340، مشيراً إلى أنه سيتم إنهاء المناقشات خلال شهر فبراير/شباط القادم، وسيعرض المشروع على الجلسة العامة، معتبراً أن المصادقة النهائية يمكن أن تكون قبل الانتخابات البلدية.
وقال رئيس البرلمان التونسي محمد الناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن ما يعتبره البعض بطئاً في عمل المجلس، هو ضرورة لتوسيع الاستشارة والتمعن ودراسة القانون جيداً وتشريك جميع الأطراف والمهتمين، لأن هذا القانون يهم جميع التونسيين، وسيغير النظام العام في البلاد، ويرسم مشهداً جديداً يهم الأجيال المستقبلية، عبر تمكين الجماعات المحلية المنتخبة من نفوذ وصلاحيات أوسع.
وأشار رئيس البرلمان إلى الخصوصية التي يتميّز بها موضوع الجماعات المحلية، باعتباره سيغيّر النظام في ما يخص الجهات والأقاليم في علاقتها بالدولة. وأكّد ما نص عليه الدستور الذي أقر التزام الدولة بدعم اللامركزية واعتمادها في إطار مبدأ وحدة الدولة، مبيّنا أن مفهوم السلطة المحليّة ومواصفاتها لا يتعارضان مع هذا المبدأ، ولا يمكن أن يكونا عاملَ تفتيت للروابط المكوّنة للكيان الوطني. وأضاف أن "أهم ما تحتاجه بلادنا هو التماسك والتضامن بين كل مكوّنات الشعب والالتفاف حول الدولة الضامنة للعدل والاستقرار والأمن".
وتابع الناصر في حديثه أن اللجنة تقوم بدورها على أفضل ما يكون، وهي تستحق الثناء نظراً لتقدم أشغالها، موضحاً أنه "لا توجد علاقة بين قانون الجماعات المحلية والانتخابات البلدية ولا يعطل عدم المصادقة عليه، كما يروج له، إجراء الانتخابات في موعدها".
من جهة ثانية، اعتبر أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق رضا جنيح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه لا علاقة بين قانون الجماعات المحلية والانتخابات البلدية، بل إن قانون الانتخابات ينص على مواصلة العمل بقانون البلديات لسنة 1975. وأضاف أنه كان بالإمكان المحافظة على قانون البلديات لسنة 1975 وتنقيحه، مشيراً إلى أن هناك إفراطاً في عدد البلديات، في وقت تتجه فيه التجارب المقارنة في دول عدة إلى تقليص عددها.
ولفت جنيح إلى أن نص مشروع الجماعات المحلية تتعلق به جملة من الإشكاليات على مستوى المفاهيم والجدوى، وفي ما يتعلق بالتقسيم الترابي وبالصلاحيات المنقولة من المركز إلى الجماعة المحلية وما يتطلبه ذلك من موارد مالية وإشكاليات أخرى تتعلق بالرقابة.
وأضاف عميد كلية الحقوق، أن نص قانون "مجلة الجماعات المحلية" تضمن مجموعة بنود مبعثرة تهم مسألة الرقابة بسبب "غياب دراسة جدوى تشريعية مسبقة تتولى بيان مختلف تداعيات مشروع مجلة الجماعات المحلية".
من جانب آخر، اعتبر خبير القانون ناجي البكوش، أن التخوفات التي يبديها البعض تجاه وحدة الدولة وتطبيق اللامركزية مفهومة، ولكن لا مجال لعدم تنزيل أحكام الدستور وتطبيق اللامركزية، وفي مقدمتها مبدأ التدبير الحر، مشيراً إلى أن وحدة الدولة التونسية تتصدر المبادئ الدستورية ولا خوف عليها.
وأكد البكوش أهمية المصادقة على مجلة الجماعات المحلية، لأنها تمثل الإطار القانوني المنظم للصلاحيات ووسائل العمل، لتحقيق التدبير الحر للجماعات المنتخبة.