انتخابات العراق في مايو: مخاوف من خارطة انتخابية مجحفة

22 يناير 2018
المطالبة بتأجيل الانتخابات أصبحت بلا قيمة (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
بعد طلب قُدم للمحكمة الاتحادية من قبل قيادات نافذة في التحالف الوطني الحاكم في بغداد، ألزم القضاء العراقي الحكومة والبرلمان بتثبيت موعد الانتخابات البرلمانية في الثاني عشر من مايو/أيار المقبل وعدم جواز التأجيل، وهو ما يمكن اعتباره حسماً للأزمة الحالية التي استمرت زهاء شهر كامل، إذ تُطالب الكتل العربية السنية والكردية وأحزاب من الأقليات الدينية والعرقية وكتل مدنية أخرى بتأجيل الانتخابات لستة أشهر، لضمان عودة النازحين لمدنهم، وسحب المليشيات منها، التي يعتبرونها ستؤثر على عملية الاقتراع وتتدخّل في الانتخابات بشكل عام.

ومن المقرّر أن يصوّت البرلمان العراقي، اليوم الإثنين، على الموعد المرسل (12 مايو/ أيار المقبل) من قبل مجلس الوزراء، الخاص بالانتخابات البرلمانية، وهو ما يمكن اعتباره تصويتاً محسوماً وارتباكاً وتداخلاً في الوقت نفسه، بين صلاحيات القضاء العراقي وصلاحيات البرلمان التشريعية.

وفي هذا السياق، أوضح النائب علي شكري في حديث لـ"العربي الجديد" أنه في حال صوّت النواب الأكراد والسنة بالضدّ من موعد الحكومة فإنه "سيبقى القرار القضائي ملزماً"، إلاّ أنّه أكّد في الوقت نفسه أنه "سيتم إجراء تصويت على موعد 12 أيار/ مايو أو 15 أيار/ مايو فقط، كون الموعدين ضمن المدة الدستورية التي فسّرتها المحكمة ضمن صلاحيتها المنصوص عليها بالمادة 93 من الدستور".

وردّت السلطة القضائية العراقية، أمس الأحد، على استفسار قدّمه القيادي في التحالف الوطني والنائب في البرلمان، همام حمودي، حول مشروعية تأجيل الانتخابات، لتعلن المحكمة الاتحادية في اليوم نفسه أن التفسير الدستوري لا يجيز تأجيل الانتخابات، ويجب إجراؤها ضمن إطار أربع سنوات تشريعية بلا تأخير. وهو ما اعتبر حكماً ملزماً للبرلمان والحكومة في الوقت نفسه.

وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الاتحادية العليا، إياس الساموك، في بيان صحافي مقتضب، إنّ "المحكمة الاتحادية العليا أصدرت بالاتفاق، قراراً تفسيرياً لأحكام المادة (56/ ثانياً) من الدستور بناء على الطلب الوارد من مجلس النواب بتاريخ 21/ 1/ 2018، قضت فيه بوجوب التقيّد بالمدة المحددة في المادة المذكورة لانتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد وعدم جواز تغييرها".

ووفقاً للقيادي في تحالف الوطنية، كاظم الشمري، فإن "المطالبين بتأجيل الانتخابات لديهم أسبابهم القانونية، وبالتالي لا يوجد مانع ضدّ إجراء الانتخابات من قبل كتل البرلمان المطالبة بتأجيلها، لكن الحكومة لديها مشاكل ولن تكون قادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما أننا نعتقد أنها لن تفي بالتزاماتها". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "في حال أجريت الانتخابات، سيتعذّر على مئات الآلاف من الناس ممارسة حقهم الانتخابي، وهذا خلل وعجز، وستكون انتخابات غير نزيهة وغير شفافة ولن ينتج عنها تمثيل حقيقي للعراقيين في الحكومة أو البرلمان المقبل".

 في المقابل علّق عضو التحالف الوطني الحاكم، سليم شوقي، على قرار القضاء العراقي بالقول إن "المطالبة بالتأجيل أصبحت بلا قيمة، وقرار المحكمة بالموعد الدستوري أنهى الجدل بشأن الانتخابات وموعدها، ويمكن القول إنه لا قيمة لأصوات المعترضين في جلسة الغد (اليوم)، كون القرار القضائي ملزماً للجميع". وأضاف "الحكومة ألزمت نفسها بأربع نقاط لإجراء الانتخابات ولديها الوقت لتنفيذها، وفي حال أخفقت يجب أن تتحمل تبعات ذلك".

من جانبه، أكّد المتحدث باسم تحالف القوى، سالم العيساوي، أنّ "تحالف القوى يحترم قرار المحكمة الاتحادية بشأن موعد الانتخابات"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الإثنين سيشهد التصويت على الموعد وفقاً لتفسيرات المحكمة الاتحادية".

وحول النقاط الأربع التي ألزمت الحكومة نفسها بها لتوفير أجواء انتخابية صحية، حصل "العربي الجديد" على وثيقة توضح تلك النقاط وتفاصيلها، وهي: إعادة جميع النازحين العراقيين إلى مدنهم، وأن يكون التصويت إلكترونياً في عموم مدن العراق، ومنع الأحزاب التي تملك أجنحة مسلحة من المشاركة في الانتخابات، وأخيراً، توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات.

وحول ذلك، ذكر المسؤول الحكومي ذاته الذي سلّم مراسل "العربي الجديد" في بغداد نسخة من الوثيقة الحكومية أن "جميع النقاط الأربع غير مكتملة وبعضها مستحيل تنفيذه خلال أربعة أشهر مقبلة تبقّت على الموعد"، مضيفاً "هناك سباق انتخابي بين الكتل الشيعية، وخلال ذلك سيتم القفز على حقائق وتشويه أخرى، وإعلانات مزيّفة عن إنجاز الحكومة ما ألزمت به نفسها".

وبرأي المسؤول، فإنّ الانتخابات، في حال أجريت في موعدها المحدد، "ستكون خارطة غير عادلة، ولا تعبّر عن الشارع العراقي. فالأمم المتحدة سبق أن حذّرت عبر مسؤول فيها في بغداد من أنّ المحافظات المختلطة طائفياً وعرقياً ودينياً، لن تشهد انتخابات عادلة ولا نزيهة، خصوصاً بابل وبغداد وصلاح الدين وديالى، كون السنة والأكراد فيها مهجّرين أو داخل مناطق تسيطر عليها مليشيات الحشد الشعبي والقوات العراقية الأخرى، وتحكم عسكرياً الآن، فضلاً عن أن 80 في المائة من المسيحيين والصابئة والشبك خارج مناطقهم، ولا نتوقّع أن تكون هناك عملية تمثيل حقيقي لهم في الانتخابات المقبلة". وأضاف أنّ "شكاوى ترد من مواطنين في مدينة يثرب بصلاح الدين على سبيل المثال التي تسيطر عليها قوات مليشيا بدر وتساوم النازحين في المخيم بالعودة إلى مدينتهم، مقابل انتخاب قائمة الفتح، وتوقعهم على تعهدات وهناك من وافق ووقّع فقط من أجل العودة إلى منزله وأرضه".







المساهمون