اليمن: توثيق التعذيب بـ208 سجون سرية تحت سيطرة أطراف الصراع

08 سبتمبر 2017
الإمارات متورطة بإدارة سجون سرية باليمن (محمد هويس/فرانس برس)
+ الخط -


قالت منظمة "سام للحقوق والحريات"، في تقرير صدر الخميس، إن أطراف الصراع في اليمن تحتجز المدنيين في سجون سرية ومراكز اعتقالات غير قانونية، مشيرة إلى أن هذه السجون تفتقر إلى أبسط المعايير الإنسانية، وتوجد في عموم المناطق اليمنية، وتخضع لسلطة أطراف الصراع.

 

وذكرت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، أنها وثقت أكثر من 208 سجون ومعتقلات غير قانونية تحت إدارة مليشيات مقاتلة تتبع جماعة الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، أو بعض الفصائل المسلحة التي تتحالف مع الحكومة الشرعية، أو قيادات عسكرية في الحكومة الشرعية، مؤكدة أن هذه الأطراف تمارس شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين، وتحرمهم من أبسط الحقوق المكفولة بموجب الدستور اليمني والقوانين الدولية.

 

وأوردت "سام" أن جماعة الحوثي وقوات صالح تسيطران على السجون ومراكز الاعتقال في العاصمة صنعاء، وكلٍّ من محافظات عمران وحجة وإب والبيضاء وذمار والحديدة. كما أن الحكومة الشرعية والجماعات المقاتلة معها، ودولة الإمارات، تسيطر على السجون ومراكز الاعتقال في كل من تعز ومأرب ولحج وأبين وعدن وحضرموت والمخا. 

 

ووثقت منظمة "سام" في تقريرها شهادات توضح أساليب تعذيب بشعة ومهينة في مدرسة الهادي بالعاصمة صنعاء، ومعتقل سري آخر لممارسة التعذيب وإخفاء الضحايا في مبنى دار القرآن بجوار المقر السابق لقيادة الفرقة الأولى مدرع في صنعاء، إذ توفي داخله بعض السجناء من شدة التعذيب، وفقاً للتقرير، كما وثقت أيضاً معتقلاً سرياً في منطقة حِزْيز جنوبي صنعاء تشرف عليه قيادات تتبع جماعة الحوثي وقوات صالح.

 

وقالت إن جماعة الحوثي وصالح حوّلت العديد من المنازل التي سيطرت عليها، والتابعة لقيادات سياسية وعسكرية، إلى معتقلات وسجون.

 

ووفقا لمنظمة "سام"، فقد جرى توثيق حالات احتجاز واختفاء قسري خارج نطاق القانون، تعرض لها العديد من المدنيين على يد مليشيا الحوثي وقوات صالح في مناطق سيطرتهما، وبعض فصائل الحكومة الشرعية في مناطقها.

وفي سياق التقرير، ذكرت أن تعز أكثر منطقة تجمّع للسجون والمعتقلات، ورصدت المنظمة 53 من السجون والمعتقلات التي أقامتها الفصائل والتنظيمات المتصارعة في المحافظة.

 

وأبرزت المنظمة أنها وثقت انتهاكات متعددة ضد المدنيين في سجن مدرسة النهضة بتعز، والذي تتم إدارته من قبل شخصيات نافذة في حزب التجمع اليمني للإصلاح في تعز، وذكرت أن تكتما شديدا حال دون معرفة أحوال المحتجزين داخله، بسبب عدم السماح لأسر المعتقلين بزيارتهم ومقابلتهم شخصياً، كما أن المحتجزين فيه لا يتمتعون بحقوقهم في الأكل الوافر والمتنوع، ولا في حصولهم على التهوية في داخل السجن، أو السماح لهم بالجلوس تحت أشعة الشمس في النهار.

 

وأكدت المنظمة أن فريق الرصد التابع لها في تعز أكد أنّه تم إغلاق هذا السجن قبل عدة أشهر.

 

وقال التقرير ذاته إن ما تعرف بجماعة أبي العباس، المدعومة من دولة الإمارات، استولت على قسم شرطة باب موسى وقسم شرطة الباب الكبير وسط المدينة، ومدرسة هائل للبنات، وحوّلتها إلى سجون ومعتقلات خاصة بالجماعة، ووثقت حالات تعذيب تعرض لها سجناء من المفرج عنهم.

 

وقالت المنظمة إنه ومع وصول قوات الحزام الأمني - المدعومة من الإمارات - إلى منطقة المخا (115 كيلومتراً غربي تعز)، تم رصد استحداثها العديد من السجون ومراكز الاعتقال خارج نطاق القانون، تعرض فيها معتقلون للتعذيب.

ومن بين مراكز الاعتقال التي رصدتها المنظمة مبنى بنك التسليف التعاوني بقيادة ذي يزن اليافعي، ومعتقل المحكمة الابتدائية في ساحل المخا، والذي يتبع كتيبة قوات الطوارئ بقيادة نجيب سيف اليافعي، ومعتقل مصنع الثلج، والذي يتبع الكتيبة الرابعة بقيادة رائد اليافعي، مبرزة أن جميعها تشهد ممارسة التعذيب بحق المحتجزين المدنيين، والذين يحتجزون من دون أي مسوغات أو إجراءات قانونية.

 

كما رصدت المنظمة جماعات متطرفة لها علاقة بتنظيم "القاعدة" في مدينة تعز تسيطر على مدرسة الحمزة ومبنى الجمعية الخيرية لبيت هائل سعيد، وأحد المباني في سوق الصميل شرقي تعز، تم تحويلها إلى مراكز اعتقال وسجون سرية.

 

وفي تعز أيضا، أشار التقرير إلى أن مليشيا الحوثي وصالح في منطقة الجحملية، شرقاً، حوّلت محلات تجارية وبيوتاً خاصة إلى معتقلات وسجون مورس فيها التعذيب، كما أقامت العديد من السجون والمعتقلات في تعز، بعضها تم إغلاقها بعد استعادة الجيش والمقاومة للمدينة، والبعض الآخر أبقت عليه المقاومة كمعتقلات لها، في منطقة المجلية شرقي المدينة. 

كما أن للحوثيين وصالح عدداً من السجون الخاصة في المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهما في تعز، منها سجون تقع على الطريق الرابط بين مدينتي تعز وإب، وفي حي مدينة الصالح السكني، الذي يعد أكبر مركز اعتقال شمالي شرقي تعز، إذ يصل عدد المعتقلين المدنيين فيه، وفقاً لتقرير المنظمة، إلى ما يزيد عن ألفين، بحسب تقديرات بعض المفرج عنهم.

 

وذكرت منظمة "سام" العديد من مراكز الاعتقال والسجون التي يشرف عليها قيادات مليشيات الحوثي وقوات صالح في محافظة ذمار والحديدة والبيضاء وإب، وكذلك سجوناً ومراكز اعتقال تقع تحت إشراف قيادة في الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية، في محافظة مأرب، منها معتقل "الأمْنيات"، ومعتقل آخر يقع بالقرب من منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية.

 

وأدانت المنظمة كافة تلك المعتقلات والسجون، وعبرت عن استنكارها لجميع الانتهاكات التي ارتكبت فيها، وطالبت الأطراف الالتزام بالاتفاقيات الدولية المُنظمة لحقوق الإنسان، حيث تعد تلك المعتقلات انتهاكاً للقانون الدولي، كما تعد تلك الأفعال بحق المدنيين المختطفين جرائم ضد الإنسانية.