"واشنطن بوست": السعودية الجديدة بقيادة محمد بن سلمان "زنزانة"

21 سبتمبر 2017
محمد بن سلمان على خطا ذوي الأساليب السلطوية (Getty)
+ الخط -

وجّهت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في افتتاحيتها، يوم الأربعاء، انتقادات حادة للسلطات السعودية، لا سيما على خلفية حملة الاعتقالات الأخيرة، واصفةً المملكة بأنّها "زنزانة"، رغم وعود ولي العهد محمد بن سلمان بإجراء إصلاحات.

وقالت الصحيفة، في افتتاحية هيئة التحرير، "مرة أخرى، الأخبار من المملكة العربية السعودية تشير إلى ذات طريقة التفكير القديم، وليس المجتمع الحديث الذي وعد به ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان".

واعتبرت الصحيفة، أنّ محمد بن سلمان، و"على الرغم من خطابه الواعد (رؤية 2030)، يسير على نحو متزايد، على خطا جيل سابق من قادة بلاده ذوي الأساليب السلطوية".

ورأت "واشنطن بوست"، أنّ "السعودية، لطالما كانت، ويبدو أنّها لا تزال مصممة على البقاء، زنزانة لأولئك الذين ينشدون ممارسة حرية التعبير".

أحدث الأدلة على ذلك، بحسب الصحيفة، هي حملة الاعتقالات واسعة النطاق، التي شنّتها السلطات السعودية، وطاولت عدداً من رجال الدين المؤثرين، وناشطين وصحافيين وكتاباً تم سجنهم، بالكاد مع أي تفسير علني.

وأشارت الصحيفة في هذا الإطار، إلى بيان صادر في 12 سبتمبر/ أيلول الحالي، عن الجهاز الأمني الجديد للحكومة، والذي شكّله الملك سلمان بن عبد العزيز، في يوليو/ تموز الماضي، لمّح على نحو قاتم، بأنّ الاعتقالات جاءت بسبب ما وصفه بـ"أطراف أجنبية"، حاولت ضرب "أمن المملكة ومصالحها، ومنهجيتها وقدراتها، وسلامها الاجتماعي، من أجل إثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية، وقد تم تحييدها".

ومنتقدةً بيان السلطات السعودية وخلفياته، لفتت "واشنطن بوست"، إلى أنّ "هذه اللغة الغامضة تخفي حقيقة أنّ العديد من المعتقلين كانوا صريحين نسبياً في التعبير عن رأيهم عبر الإنترنت، وليسوا عملاء سريين يتآمرون ضد المملكة".

وأوضحت الصحيفة الأميركية، أنّ العدد الدقيق للاعتقالات في المملكة "غير معروف"، مشيرة إلى بعض التقارير التي تقول إنّ الحملة طاولت عشرات الأشخاص.

وذكرت في هذا السياق، ما أوردته وكالة "رويترز"، بأنّ الاعتقالات شملت ثلاثة رجال دين لا ينتمون للمؤسسة الدينية الرسمية، ولكن لديهم ملايين المتابعين عبر شبكات مواقع التواصل الاجتماعي؛ هم: سلمان العودة، عوض القرني وعلي العمري.

وذكّرت الصحيفة، بأنّ هؤلاء كانوا لطالما قد وجّهوا، في السابق، انتقاداتٍ لحكومة بلادهم، لكنّهم التزموا الهدوء في مواقفهم بالآونة الأخيرة، أو امتنعوا عن دعم السياسات السعودية علناً، بما في ذلك لناحية الحصار المفروض على قطر.

وأشارت الصحيفة، إلى تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أفاد بأنّ عودة الذي سجنته السلطات السعودية، خلال الفترة من عام 1994 إلى 1999؛ دعا منذ عام 2011، "إلى مزيد من الديمقراطية والتسامح الاجتماعي"، في بلاده.

كما لفتت، إلى ما ذكره تقرير المنظمة، بأنّ القرني، الذي يتابعه أكثر من مليوني شخص على "تويتر"، مُنع بدوره من التغريد من قبل محكمة سعودية، في مارس/ آذار الماضي، وأدانته بـ"تهديد النظام العام" في البلاد.


وقالت "واشنطن بوست"، إنّ حملة الاعتقالات الأخيرة، "قد تعكس عصبية السعودية في وجه أي استياء داخلي، وعدم الرضا عن حصار المملكة بحق قطر".

وتقول بعض التقارير، بحسب الصحيفة، إنّ "هؤلاء المقبوض عليهم قد فشلوا ببساطة في التحدّث علناً بما فيه الكفاية لدعم السياسات السعودية الرسمية".

"ما هي الطريقة الأفضل لتسجيل موقف سوى رميهم في السجن؟" تتساءل الصحيفة، وتشير في هذا الإطار إلى أنّ كتاباً وناشطين يتم سوقهم إلى المعتقل، في السعودية.

وانتقدت الصحيفة، ممارسات قادة المملكة العربية السعودية، ومؤسستها الدينية الرسمية المحافظة، على مدى حكمهم منذ القرن الماضي، طارحة بعض التساؤلات، حول بعض الوقائع المتعلقة بحقوق الإنسان في المملكة.

وفي السياق، تساءلت الصحيفة "كيف تفسّر عقوبة الجلد الشديد بحق المدون رائف بدوي، المعتقل منذ العام 2012 لدعوته عبر الإنترنت إلى مجتمع أكثر ليبرالية وعلمانية؟"، مشيرة إلى أنّه حُكم على بدوي بالسجن 10 سنوات، والجلد ألف مرة، لقي منها 50 جلدة، لمجرّد الحديث علناً والتعبير عن رأي.

وتابعت الصحيفة تساؤلاتها، "كيف تفسّر الدعوة الأخيرة التي وجهتها السلطات السعودية لسكانها من أجل استخدام تطبيق هاتفي للإبلاغ عن أي شخص على اعتبار أنّه مخرّب؟".

وتجيب الصحيفة على تساؤلاتها بالقول: "هذه هي الطريقة التي كان ستالين قد يستخدم فيها تويتر"، في إشارة إلى زعيم الاتحاد السوفياتي السابق جوزيف ستالين الملقّب بـ"الرجل الحديدي"، والمعروف بقسوته لا سيما بحق المعارضين.

وكما بدأت، تختم الصحيفة افتتاحيتها، بانتقاد محمد بن سلمان، قائلة إنّه "من السهل أن تعلن مخططات فاخرة وهمية للإصلاح، كما فعل ولي العهد، إلا أنّ بناء مجتمع حديث وصحي هو أصعب بكثير"، مضيفة أنّ "ذلك يتطلّب، من بين عدة أمور أخرى، إجراءات تضمن الحقوق الأساسية، بما في ذلك حقوق الأشخاص الذين لا تتفق معهم".