تونس: اتهام السلطات بالاعتداء على النواب والمحتجّين ضد قانون المصالحة

28 يوليو 2017
حملة "مانيش مسامح" تتشبث بإسقاط القانون (ياسين كايدي/ الأناضول)
+ الخط -


بعد الوقفة التي نظّمت أمام البرلمان التونسي ضد تمرير قانون المصالحة، اتهم، اليوم الجمعة، نواب المعارضة التونسية والمشاركون في الوقفة الاحتجاجية، السلطات الأمنية بالاعتداء عليهم، مؤكدين أنها حاولت منعهم من إغلاق الطرقات وتعطيل عملية المرور، ونصب خيام للاعتصام، في حين عاد وتقرّر في وقتٍ لاحق اليوم تأجيل النظر في مشروع القانون.

وخلال الجلسة العامة للبرلمان اليوم، والمخصّصة لسد الشغور في هيئة الانتخابات، طغت مداخلات من رؤساء الكتل، ندّدوا فيها بالاعتداء على النائب عبد المؤمن بلعانس، محذرين من عودة الممارسات البوليسية وقمع حرية التظاهر والاحتجاج والتضييق على الحقوق والحريات.

وقال نائب رئيس كتلة "آفاق تونس"، كريم الهلالي، لـ"العربي الجديد "أنا مناهض تماماً للفكر السياسي الذي يمثله شباب "مانيش مسامح" (لن أسامح)، لكنني سأدافع عن حقهم في التعبير عن فكرهم وموافقهم بكل حرية وفي إطار سلمي".

كذلك أكد النائب عن كتلة "الجبهة الشعبية"، عبد المومن بن عانس، لـ"العربي الجديد"، أنه تعرّض للاعتداء من قبل قوات الأمن في وقت متأخر من ليلة أمس، وأنه تم تمزيق قميصه ودفعه بالقوة خلال محاولات السلطات تفريق المعتصمين والمحتجّين.

وأضاف بن عانس أن "حجة الأمنيين أنهم اعتقدوا أنه مواطن عادي، وكأنه يحق لهم الاعتداء على المواطنين حسب درجاتهم أو مسؤولياتهم"، على حدّ قوله.

وأكد أن "كتلة "الجبهة الشعبية" تساند تحركات حملة "منيش مسامح" وتدعم جميع مطالبها ووقفاتها، لأنها تمثل إرادة شباب الثورة ومطالبهم، والتي يحاول الائتلاف الحاكم الالتفاف حولها وسرقتها، عبر تمكين المجرمين والمتورطين من الإفلات من العقاب"، بحسب تعبيره.

من جهتها، ذكرت المديرة التنفيذية لمنظمة "أنا يقظ"، منال بن عاشور، لـ"العربي الجديد"، أن "رجال الأمن اعتدوا على الشباب المعتصمين في ساحة باردو قبالة مقر البرلمان ومنعوهم من نصب خيمة للاعتصام داخلها إلى حين إسقاط قانون المصالحة". وأشارت إلى أن "قوات الأمن حاولت انتزاع الخيمة وتفريق المحتجين ومحاصرتهم في رقعة صغيرة، وطلبت التعزيزات الأمنية لتطويق المحتجين ومنع التحاق المواطنين بهم". كذلك أكّدت أن "حملة "منيش مسامح" لن تتوقّف حتى يتم سحب هذا المشروع، والذي يشرع لتبييض الفساد ويحمي الفاسدين"، على حدّ قولها.

من جهتها، نفت المصالح الأمنية في منطقة باردو، لـ"العربي الجديد حدوث أي اعتداء أو تضييق على المحتجين أو المعتصمين، مؤكّدة أن الاحتجاج لا يجب أن يعطل السير الطبيعي للحياة بقطع الطريق أو اقتحام المؤسسات أو منع حركة المرور، و"عند حدوث مثل هذه الممارسات تحاول السلطات إقناع المحتجين بالعدول عن ذلك".

وكانت قد انطلقت أمس أمام مقرّ البرلمان الوقفة الاحتجاجية لمجموعة "منيش مسامح"، والتي تضم عدداً من المنظمات والجمعيات والحقوقيين والصحافيين والشخصيات الرافضة لقانون المصالحة، والذي تقدّم به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي منذ 2015.

وشارك نواب "الجبهة الشعبية" و"التيار الديمقراطي" ونواب من المعارضة في الوقفة الاحتجاجية التي استمرّت حتى الساعات الأولى من فجر اليوم، لتعود وتستأنف صباحاً بمشاركة عشرات الشبان المطالبين بإسقاط المشروع، والمنادين بتخلّي رئيس الجمهورية عما سمّوه "قانون الفساد وتبييض الفاسدين".

ورفع المحتجون لافتات وشعارات "لا تصالح" و"لن يمر" و"يا باجي.. يا غنوشي.. لن يمر هذا القانون"، و"المقاومة والمحاسبة ولا للمصالحة والمساومة"، و"جاك الدور يا شاهد الزور"، و"لا مصالحة دون محاسبة"، و"لا لقانون تبييض الفساد"، و"بالشارع لن يمر".

وأكد المحتجون أنهم سيواصلون التظاهر ضد تمرير مشاريع من هذا النوع، لأنها "تكرس في بنودها العفو عن الفاسدين، وتضرب قيمة دستورية ومواطنية هي المساواة أمام القانون، ولأن مثل هذا القانون يخالف القيم التي انبنت عليها الثورة وفلسفة الجمهورية الثانية".

تأجيل النظر في قانون المصالحة 
إلى ذلك، أعلن البرلمان التونسي، صباح اليوم، بصفة رسمية، تأجيل النظر في قانون المصالحة إلى موعد لاحق، وبالتالي لن يتم التصديق عليه خلال الدورة الحالية، وتبقى فرضيات برمجته في دورة استثنائية أمراً وارداً.

وجاء في البيان الرسمي لمجلس نواب الشعب، أن مكتب المجلس وافق، صباح اليوم، على طلب المهلة المقدم من المجلس الأعلى للقضاء للإدلاء برأيه الاستشاري بخصوص مشروع القانون الأساسي، المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، مضيفاً أنه "حتى يتمكن المجلس الأعلى للقضاء من أداء وظيفته الاستشارية على الوجه المطلوب، قرر إرجاء النظر في مشروع القانون المتعلق بالمصالحة إلى حين استكمال الاستشارة الوجوبية، ليتم النظر فيه في جلسة عامة قادمة".

ويشمل قانون المصالحة مئات الموظفين السامين والمسؤولين وأعضاء الحكومة وأعضاء الدواوين ممن ارتبطت أسماؤهم بقضايا فساد، والذين طبقوا تعليمات تحت الإكراه زمن الاستبداد وتحت سطوة نظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي.

وتعتبر رئاسة الجمهورية أن "هذا القانون سيحرر المبادرة الإدارية، وسيكسر القيود التي تكبل الإدارة التونسية، وسيدفع العمل داخل مؤسسات الدولة بجبر الضرر عن المسؤولين المظلومين، والذين أخذوا بسبب القوانين الضيقة".








دلالات