تونس: "الحقيقة والكرامة" تسلط الضوء على تزوير الانتخابات في العهدين السابقين

20 يوليو 2017
الشهادات تشمل عهدي بورقيبة وبن علي (العربي الجديد)
+ الخط -

تسلط هيئة الحقيقة والكرامة بتونس الضوء على ملف تزوير الانتخابات خلال العهدين السابقين، أي فترة حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وتحديدا من الخمسينات إلى حدود الثورة التونسية.

وأكدت الهيئة، اليوم الخميس، أنّها ستقدم شهادات علنية، تكشف من خلالها تزييف إرادة الشعب والممارسات التي وقعت طيلة العقدين الماضيين، حيث "تم التلاعب بالنتائج وتغييرها لفائدة من يمسك  بالقرار السياسي، أي لصالح مرشح وقائمة واحدة".

وتأتي هذه التأكيدات قبل يوم واحد من بث الجلسة العلنية المخصصة ليوم غد الجمعة، حيث أكدت الهيئة، ضمن مؤتمر صحافي اليوم بمقرها المركزي، أنّ الاعترافات ستشمل وزراء سابقين ومشرفين على الانتخابات، ومرشحين وأشخاص سيقدمون، ولأول مرة، اعتذارهم للشعب التونسي.

وقالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ اختيار موضوع تزوير الانتخابات برمج في جدول أعمال الهيئة منذ عدة أشهر، وأنه تزامن صدفة مع عملية التسجيل للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول، معتبرة أن "هذا التزامن قد يكون جيدا ليساهم في المزيد من توعية التونسيين بحقوقهم وبالتجاوزات التي وقعت، ليكونوا أكثر يقظة، وليساهموا في عملية الانتقال الديمقراطي".



وأضافت أن "الهيئة سبق أن عرضت شهادات علنية عن القمع السياسي والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب، وأنه بعد ورود عدة ملفات ووثائق عن تزوير الانتخابات في تونس، فقد ارتأت تخصيص جلسة علنية لهذا الموضوع".

وأوضحت بن سدرين أن "الهدف من تقديم هذه الشهادات والجلسات العلنية توعية التونسيين بالممارسات التي وقعت سابقاً، واستخلاص العبرة، وأن يصبح المواطن رقيباً على المسار الديمقراطي، فلا يسمح بعودة مثل هذه الممارسات والتجاوزات، والتي ساهمت طيلة عقود ماضية في تزيف إرادة الشعب".

وأضافت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة أن "تونس عرفت منذ الاستقلال إلى حدود الثورة التونسية 36 استحقاقاً انتخابياً، شمل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلديات، وأنه خلال هذه الاستحقاقات حصلت عدة تجاوزات وخروقات لتزوير للانتخابات، والتي لم تكن تستجيب للمعايير الدولية"، مؤكدةً أن "الهيئة ستعرض في جلسة يوم غد 10 شهادات لضحايا ولمشرفين على تزييف الانتخابات". كما أشارت إلى أنّها وجدت ضمن الأرشيفين الوطني والرئاسي وثائق تتعلق بالمال السياسي، والمداخيل التي كانت تخصص للقوائم الحزبية، وأنه تم الاستفادة بشكل كبير من هذه الوثائق، التي من شأنها أن تكشف العديد من الممارسات.

بدورها، أكدت عضو هيئة الانتخابات، علا بن نجمة، أن "الهيئة عند دراستها لهذا الملف وجهت استدعاءات لشهود ومرتكبي انتهاكات، وأن نسبة كبيرة منهم قبلوا الحضور، وهم ملزمون قانونا بذلك، وأن من رفض منهم الدعوة فقد تعهد القضاء بملفه"، معتبرةً أن "كشف الحقيقة ضروري لكي لا تتكرر التجاوزات التي حصلت، وأن تفكيك المنظومة سيساهم في التصدي لتزييف إرادة الشعب".

ولفتت بن نجمة إلى أن "أغلب الأشخاص الذين قدموا ملفات جاؤوا من تلقاء أنفسهم"، وأن الهيئة "درست الوثائق وتابعت الملف، ووصلت إلى جزء هام من الحقيقة سيتم الكشف عنها غدا".

كذلك، قال نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة، محمد بن سالم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "إرادة الشعب كانت مغيبة، والمصوتون كانوا يحضرون بشكل صوري للتصويت، ثم يجري التلاعب بالنتائج"، مبينا أن "عدة تجاوزات حصلت في السنوات الماضية، وخاصة في العام 1979، والتي سبقها تعديل الدستور التونسي، والذي أصبح بمقتضاه الزعيم الحبيب بورقيبة رئيسا مدى الحياة". 

واعتبر نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة أن التزوير حصل في الماضي بنسب متفاوتة، ولكنه كان ممارساً من قبل حكومات ما قبل الثورة، موضحاً أنه "في أول انتخابات بلدية عرفتها تونس في مايو/ أيار 1959، حصل تزوير للنتائج، حيث رشح الحزب الدستوري آنذاك قائمة موحدة، ولكن عندما ترشحت قائمة مستقلة في محافظة نابل تحمل اللون الأخضر، غضب بورقيبة وعزل كاتب عام الجامعة الدستورية في تلك الولاية، وحل المجلس البلدي، وعاقب المحافظة بأكملها، ونقل عاصمة الولاية إلى منطقة "قرنمبالية". ولم ترجع نابل كعاصمة للولاية إلا في العام 1966، وذلك عقابا على عدم ترشيح القائمة الحمراء، في تجاوز واضح لرأي الشعب وإرادته".