العراق: خندق يعزل طوزخورماتو وينذر بصراع جديد بين "الحشد" والبشمركة

02 يوليو 2017
صراع حول النفوذ في طوزخورماتو (كريم صاحب/ فرانس برس)
+ الخط -
صراع مؤجل بين مليشيات "الحشد الشعبي" وقوات البشمركة الكردية بدأت ملامحه بالتشكل من جديد مع بدء سلطات إقليم كردستان العراق بحفر خندق يمتد على مسافة 43 كليومتراً في مدينة طوزخورماتو المختلطة قومياً ومذهبياً، شرقي محافظة صلاح الدين شمال العراق، قالت أربيل إنه يهدف لتأمين القضاء من هجمات محتملة لتنظيم "داعش" إلا أن المليشيات المرابطة حول المدينة تعتبره محاولة لضمها إلى حدود الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.


وتتقاسم السيطرة على المدينة ميليشيات "الحشد" المدعومة إيرانياً والشرطة المحلية وقطعات من الجيش العراقي، بالإضافة إلى قوات البشمركة التي تبسط سيطرتها على غالبية أجزاء المدينة، ما أدى إلى تحويل القضاء لمنطقة صراع سياسي وبسط للنفوذ بين تلك القوى.

وساد الهدوء المدينة منذ أشهر عدة، إثر اتفاق هدنة وقعته المليشيات والبشمركة بعد اشتباكات دامت أياماً عدة أوقعت قتلى وجرحى من الجانبين، ورعت الاتفاق حينها بغداد وإيران.


ويقول مسؤول قوات البشمركة في طوزخورماتو، حسن بارام، لـ"العربي الجديد"، إن الخندق الأمني الذي تم حفره يهدف لمنع تسلل "داعش"، إلا أن زعماء المليشيات يعتبرونه كسراً للهدنة ومخططاً كردياً لابتلاع المدينة وضمها إلى كردستان العراق.


ويضيف بارام أن "الخندق الذي انتهت البشمركة من حفره سيمنع نقل السلاح لداخل المدينة أو تسلل أعضاء تنظيم (داعش) القادمين من سلسلة جبال حمرين المجاورة"، مؤكداً أن "سلطات الإقليم قررت إرسال المزيد من قوات البشمركة بالتزامن مع بناء الخندق، الأمر الذي أثار حفيظة القوى السياسية الشيعية ومليشيات (الحشد الشعبي) من دون أي مبرر".


وتابع "سلطات الإقليم تسعى من خلال حفر الخندق إلى منع تنظيم (داعش) من اختراق القضاء الذي يعد امتداداً للأراضي الكردستانية، نافياً بشكل قاطع وجود أية غايات أو دوافع سياسية توسعية للخندق".


وتشكك قيادات في مليشيات "الحشد الشعبي" بتصريحات القادة الكرد، بسبب تزامن حفر الخندق مع إعلان الإقليم عن إجراء استفتاء الانفصال عن العراق.


من جهته، يؤكد القيادي في مليشيا "بدر"، معين الكاظمي، أن خطر تنظيم "داعش" انحسر بشكل كبير بعد التقدم الذي أحرزته القوات العراقية في الجانب الأيمن من مدينة الموصل والسيطرة على الجامع النوري، مشيراً إلى أن "المرحلة الحالية تتطلب هدم الخنادق لا حفرها".


وهدد الكاظمي في حديث لـ"العربي الجديد" بالتصدي لمحاولات إقليم كردستان العراق السيطرة على القضاء وضمه إلى أراضي الإقليم، محذراً من تداعيات لا تحمد عقباها إذا ما استمرت سلطات الإقليم بسياساتها "التوسعية".


وشن تنظيم "داعش" خلال الشهر الماضي ست هجمات على مواقع البشمركة في القضاء أسفرت عن خسائر بشرية ومادية في صفوف القوات الكردية.


في المقابل سجلت المناطق التي يقطنها العرب والتركمان والأكراد من الطائفة السنية في مدينة طوزخورماتو العشرات من عمليات الاغتيال والخطف على يد عناصر ترتدي زي مليشيات "الحشد الشعبي"، وتستقل سيارات تحمل شعارات طائفية خلال الشهرين الماضيين بواقع 31 عملية اغتيال وخطف وجدت الضحايا فيها جثثاً هامدة فيما بعد داخل مكبات نفايات أو ساحات عامة.


ويطالب سكان محليون من القوميتين العربية والتركمانية الحكومة العراقية بالتدخل للحفاظ على هوية قضاء طوزخورماتو المتنوعة، إذ تتورط في الوقت نفسه عصابات كردية بعمليات قتل مماثلة على أسس قومية، في مسعى لإعادة ديموغرافية المدينة وخلخلة طبيعتها السكانية لصالح جهة دون أخرى.


من جانب آخر، قال حسن وصفي، أحد وجهاء مدينة طوزخورماتو عن المكون التركماني، إن الصراع بين مليشيات "الحشد الشعبي" والقوات الكردية للسيطرة على القضاء يهدد أمن المنطقة وينذر بصراع جديد لا يقل خطراً عن تنظيم "داعش"، مستغرباً في حديث لـ"العربي الجديد" من "تنازع قوى عسكرية وافدة على أراضٍ لا تمتلك فيها شبراً واحداً سوى أن لهم أطماعاً بدوافع طائفية وقومية".


وطالب بتدخل رسمي لبغداد ووضع حد لما وصفه بـ"جرائم تنذر بصراع أكبر".
وكانت السلطات العراقية قد قررت عام 1978 عزل القضاء عن محافظة كركوك وإلحاقه بمحافظة صلاح الدين، وبعد عام 2003 أصبح القضاء واحداً من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق في أربيل، ولم تحسم المادة 140 من الدستور العراقي عائديته على الرغم من مطالبة السلطات الكردية بإلحاقه بمحافظة كركوك مجدداً.


ويضم قضاء طوزخورماتو، إضافة إلى مركز القضاء، ثلاث نواحٍ وهي (يكنجة وامرلي) وغالبية سكانهما من التركمان السنة، و(سليمان بيك) والأغلبية فيها للعرب السنة، في حين لم ترد أية إحصاءات رسمية عن وجود مناطق ذات غالبية كردية باستثناء بعض مناطق مركز القضاء التي يتوزع فيها الكرد بشكل غير منتظم، وعلى الرغم من ذلك فإن القوى السياسية الكردية ترى أن إقليم كردستان العراق يمتد في حدوده ليشمل قضاء طوزخورماتو.