قُتلت لاجئة سورية وجرح 7 عسكريين لبنانيين، اليوم الجمعة، في سلسلة تفجيرات انتحارية وإطلاق قنابل يدوية، في مخيمي النور، والقارية، للاجئين السوريين.
وأعلن الجيش اللبناني، الجمعة، أن "انتحارياً أقدم على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف أمام إحدى الدوريات المداهمة في مخيم النور، ببلدة عرسال، على الحدود الشرقية مع سورية، ما أدى إلى مقتله، وإصابة ثلاثة عسكريين بجروحٍ غير خطرة.
وفي وقت لاحق، أقدم ثلاثة انتحاريين آخرين على تفجير أنفسهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما فجر مسلّحون عبوة ناسفة، في حين ضبطت قوى الجيش أربع عبوات ناسفة معدة للتفجير، جرى العمل على تفجيرها فورا في أمكنتها.
كما أكد الجيش وقوع عملٍ أمني ثان في مخيم القارية، القريبة من مخيم النور، تخلله تفجير انتحاري باستخدام حزام ناسف ومحاولة أحد المُقيمين في المخيم رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى الدوريات، ما أدى إلى إصابة أربعة عسكريين بجروح طفيفة.
واستكملت عناصر الجيش المداهمات، وتم توقيف عددٍ من المُشتبه بهم، وهم من الجنسية السورية.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر إغاثية محلية في بلدة عرسال، أن الجيش اللبناني أوقف، صباح اليوم، أكثر من 300 لاجئ سوري من عدد من مخيمات وادي الأرانب على أطراف البلدة.
ويعيد مشهد توقيف اللاجئين السوريين بشكل جماعي صور انتهاك حقوق الإنسان التي تسربت بعد حملات التوقيف الجماعي للاجئين إثر المعركة التي اندلعت بين الجيش وبين تنظيمي "داعش" و"فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) عام 2014.
وتؤكد مصادر محلية في بلدة عرسال، لـ"العربي الجديد"، أن تعامل الجيش اللبناني مع اللاجئين في البلدة، تحسن خلال قيادة قائد الجيش الحالي، العماد جوزيف عون، لإحدى القطع العسكرية المنتشرة في البلدة، إلا أن هذا الأمر سرعان ما يتبدل مع أي حدث أمني يتعرض له الجيش في البلدة.
وتكسر مداهمات اليوم، التي تخللها سقوط طفلة سورية ضحية، سلسلة من العمليات الأمنية "النظيفة" التي نفذتها وحدات مختلفة من الجيش داخل عرسال، وعلى أطرافها، وصولاً إلى جرودها المتداخلة مع الأراضي السورية، خلال العامين الماضيين. ونجحت خلالها في توقيف وقتل قادة أمنيين وعسكريين من تنظيمي "داعش" و"فتح الشام" دون تعريض المدنيين لأي خطر.
وبحسب المصادر الإغاثية نفسها، فإن عدداً كبيراً من الجمعيات كانت تتجنب العمل في مخيم النَور، بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية فيه، بعكس باقي المخيمات.
وكانت بلدة عرسال قد شهدت تطورات ميدانية خلال الأسابيع الماضية، تمثلت في إنجاز مليشيا "سرايا أهل الشام"، القريبة من النظام السوري ومن "حزب الله" اللبناني، الترتيبات اللوجستية اللازمة لعودة اللاجئين من بلدات منطقة القلمون السورية إلى منازلهم، بعد إقصاء خطر تنظيمي "داعش" و"فتح الشام" المُنتشرين في حيّز ضيق من الجرود المُمتدة بين البلدين.
وتم إنجاز انتقال حوالي 500 عائلة سورية من عرسال إلى بلداتهم في عسال الورد والطفيل، مطلع الشهر الماضي، كدفعة أولى تمهيدية لعودة المزيد من العائلات بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري و"حزب الله" و"سرايا أهل الشام".
وسُجل غياب الدور السياسي للدولة اللبنانية عن هذه العملية، في ظل اعتراض من وزير الداخلية، نهاد المشنوق، على ما اعتبره محاولة إملاء طلبات على الوزارة من "المنابر السياسية"، في إشارة إلى طلب "رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله" الشيخ محمد يزبك إلى الوزارة "تسهيل عملية انتقال اللاجئين إلى بلداتهم".
يذكر أنه في العام 2014، اندلعت معركة بين تنظيمي "داعش" و"فتح الشام"، وبين الجيش اللبناني، داخل عرسال، على خلفية توقيف الجيش قائد إحدى المجموعات المسلحة التي بايعت زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، وهو التطور الذي أدى إلى زيادة الضغط الأمني والعددي والاقتصادي للاجئين على البلدة، في ظل تقصير الدولة اللبنانية عن متابعة أوضاعهم.
وأسفرت هذه المعركة عن مقتل عشرات المدنيين والعسكريين والمسلحين السوريين واختطاف عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي، تم إعدام أربعة منهم من قبل التنظيمين، قبل إطلاق سراح 16 منهم عام 2015 عبر وساطة قطرية. ويبقى مصير تسعة عسكريين أسرهم "داعش" مجهولاً حتى اليوم.
وسُجلت مشاركة عناصر من "حزب الله" في معركة عرسال من الجانبين اللبناني والسوري.
وانتقلت المعارك بعدها إلى جرود البلدة التي وصلها عناصر الحزب بعد استيلائهم على مناطق واسعة من جرود القلمون.
وينحصر انتشار عناصر "داعش" و"فتح الشام" حالياً في حيز جغرافي ضيق من جرود عرسال، ويخوضون معارك فيما بينهم، إلى جانب معاركهم مع "حزب الله" واستهداف الجيش اللبناني الدائم لهم بالمدفعية والغارات الجوية.