الحرب على الفساد تُلهب البرلمان التونسي: تراشق واتهامات متبادلة

30 مايو 2017
ملف محاربة الفساد يشغل بال التونسيين (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -
تحولت نيران الحرب على الفساد إلى قبة البرلمان التونسي لتحرق الهدوء الحذر الذي كان يسود أعماله أخيرا، وتنافس النواب من مختلف الاتجاهات في قذف التهم والتراشق بالكلمات والنيل من بعضهم البعض.


وانطلق الجدل باحتجاج الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية على كلمة رئيس البرلمان محمد الناصر، التي أعلن فيها مساندة مجلس الشعب لمبادرة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في إطار تجسيم (وضع) الخطة الوطنية لمحاربة الفساد والتهريب.

وأكد الناصر في كلمته الافتتاحية أمام البرلمان، اليوم الثلاثاء، أن هذه المبادرة المتميزة لاقت تأييد وتشجيع الأحزاب والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني وأبرزت التضامن الوطني، وكان لها تأثير إيجابي على الرأي العام، بحيث ساهمت في تفاؤل التونسيين بالمستقبل والرفع من منسوب الثقة في الدولة ودواليبها وأجهزتها، داعيا إلى مواصلة الجهود من أجل تثبيت علوية (سمو) القانون وهيبة الدولة.

واحتجت قوى المعارضة البرلمانية على كلمة الناصر لاختلافهم حول مسار محاربة الفساد، الذي لا يقود ضرورة لمساندة الحكومة وتأييد رئيسها، منتقدين المنهجية المتبعة من الشاهد في حربه على الفساد، من حيث عدم الوضوح والانتقائية وتركيزه على أطراف دون أخرى.

واتهم نواب المعارضة الائتلاف الحاكم بالفساد والتستر على المفسدين تحت قبة البرلمان ودعمهم لوبيات الفساد، حيث قال القيادي في الجبهة الشعبية النائب زياد لخضر إن ما يقوم به رئيس الحكومة يخفي تأويلات عديدة، وما حدث مؤخرا يجب أن توضحه الحكومة وأن تقدم خطتها وتفاصيلها فمحاربة الفساد ليست أمنية، بل هي عمل يومي ومتواصل.

وأضاف أن الجبهة الشعبية كانت أول من دعا إلى محاربة الفساد، واجتثاثه، ولكن ما يحدث من غموض يجب ألا يكون أجندة سياسية وفرقعة اتصالية أو حرباً انتقائية.

من جهتها، انتقدت النائبة سامية عبو، عن الكتلة الديمقراطية، تهليل رئيس البرلمان لمسيرة مساندة الحكومة، في حين لم يتعامل بنفس المسافة مع المسيرات الداعية لإسقاط قانون تبييض الفساد، مشيرة إلى أن مجلس نواب الشعب عليه آثار الفساد ويغرق جزء منه في الفساد، داعية إلى إيقاف أعمال المجلس وعدم المصادقة على القوانين إلى حين التحقيق مع المتورطين.

واستنكر نواب "نداء تونس" الحملة التي استهدفت الكتلة البرلمانية للحزب بالبرلمان، معتبرين أن ما يحدث ضدهم محاولة للتشويش على الحرب التي يقودها الحزب على الفساد والمفسدين، والتي يتبناها رئيس الدولة الباجي قائد السبسي، مؤسس حزب "نداء تونس" ورئيسه الفخري، ويقودها الشاهد، القيادي في حزب "نداء تونس".

وأكد نائب حزب "نداء تونس" حسن العماري ورئيس لجنة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام بالبرلمان، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هناك حملة مسعورة ضد حزب "نداء تونس"، وضد كتلته البرلمانية خاصة من الأحزاب التي سمّاها بـ"جرحى الانتخابات التشريعية الأخيرة" التي لم يسعفها الحظ، ومن بعض دعاة الفوضى والراغبين في إجراء انتخابات مبكرة. وأشار إلى أن الاتهامات الباطلة لن تزيد كتلة "نداء تونس" إلا حرصا على مقاومة الفساد ودعم رئيس الحكومة في الخطة الوطنية لمقاومة الفساد.

وقال نائب رئيس البرلمان التونسي عبد الفتاح مورو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مجلس نواب الشعب بريء من الفساد ومن المفسدين، ورئاسة البرلمان ستحرص على كشف المتورطين إن وجدوا، وعلى فضح المفسدين إن كان ما يقال صحيحا. وأشار إلى أن ما يحدث يدخل في حملة الاتهامات السياسية بين النواب، وليس مبنيا على حجج وقرائن وحتى تثبت هذه الادعاءات فإن المجلس نقي من كل التهم.

وفي سياق متصل، قال رئيس كتلة حركة "النهضة"، نور الدين البحيري، إنه لا يوجد موضوع يحظى بإجماع التونسيين بقدر الحرب على الفساد واسترجاع حقوق الدولة المنهوبة، مشيرا إلى أن مقاومة الفساد هي استحقاق من استحقاقات الثورة وأولوية من أولويات وثيقة قرطاج وحزب النهضة يساند الخطوة التي قامت بها الحكومة في اتجاه محاربة الفساد.
ويبدو أن رئيس الحكومة سيتوجه إلى البرلمان خلال جلسة خاصة حول الحرب على الفساد، يرجح أن تكون خلال الأسبوع القادم، وربما يتم نهاية هذا الأسبوع تحديد موعدها بالتنسيق بين المؤسستين.