زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر: السيسي وشيخ الأزهر رابحان

30 ابريل 2017
دعا البابا لنشر ثقافة اللقاء والحوار والأخوة (العربي الجديد)
+ الخط -
"فوائد" متعددة حملتها زيارة بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، إلى مصر، يومي الجمعة والسبت الماضيين. فهي منحت نظام الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، قسطاً جديداً من الاعتراف الدولي، الذي لا يزال يمثل ما يشبه العقدة بالنسبة له، منذ وصوله إلى الحكم بعد إطاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي في انقلاب عام 2013. وأكسبته أيضاً أهمية في قضية "الحرب على الإرهاب" على الرغم من فشله الداخلي فيها، إذ تزايدت وتيرة العمليات الإرهابية على أرض مصر منذ وصوله إلى الحكم. وزيارة البابا فرنسيس، بوصفه أكبر قيادة دينية مسيحية في العالم، أكسبت السيسي أيضاً تعاطفاً في قطاعات عريضة في الغرب، إذ استغلها في الترويج إلى أنه يدافع عن المسيحيين في مصر.

وجاء في بيان للرئاسة المصرية، أن السيسي أكد للبابا أن "المصريين المسيحيين هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني المصري، وأن الدولة تتعامل مع كافة أبناء مصر على أساس المواطنة والحقوق الدستورية والقانونية، فضلاً عن ترسيخ ثقافة المساواة والانتماء الوطني، الأمر الذي حصّن مصر بنسيج اجتماعي متين تمكنت بفضله من دحر قوى التطرف والظلام"، وفق تعبيره.

وإذا كان السيسي قد استفاد بهذا الشكل من زيارة البابا، إلا أن شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، قد نال الحظ الأوفر من فوائد تلك الزيارة، نظراً إلى أنها تمت في وقت اشتدت فيه الهجمة عليه من قبل السيسي وأركان بارزة في نظامه، وأجهزة إعلامه، تحت ذريعة فشله في مواجهة الفكر المتطرف وفي إنجاز ملف "تجديد الخطاب الديني" الذي طالب به السيسي في وقت سابق.


وكما حملت زيارة البابا إلى مصر، دعماً ظاهرياً إلى السيسي أمام العالم، فإنها وفرت دعماً حقيقياً إلى شيخ الأزهر، وأعطته شهادة نجاح من أكبر قيادة مسيحية في العالم، في قضية "مواجهة الفكر المتطرف". ففي الوقت الذي يُتهم فيه الطيب من داخل مصر بأنه فشل في ذلك، جاءه الدعم من الخارج، ما جعله أقوى بكثير من المترصّدين والمتربصين به في مصر.

ويأمل البابا فرنسيس في إصلاح العلاقات مع المسلمين بزيارته لمصر على الرغم مما يواجهه من انتقادات من المحافظين بالكنيسة لاجتماعه مع رجال دين مسلمين بعد سلسلة هجمات أودت بحياة العشرات من المسيحيين. وفي خلفيات الزيارة أيضاً، هناك هدف رئيسي لها، وهو السعي لتعزيز العلاقات مع الأزهر الذي أوقف الحوار مع الفاتيكان عام 2011، بسبب ما قال إنها إهانات للإسلام وجهها البابا بنديكت السادس عشر الذي خلفه فرنسيس. واستؤنف الحوار، العام الماضي، بعدما زار الطيب الفاتيكان. ودان شيخ الأزهر الذي يعتبر من أكثر كبار رجال الدين الإسلامي اعتدالاً، تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وإعلان التنظيم أن مخالفيه كفرة ومرتدون.

ويقول الفاتيكان، إن البابا فرنسيس الذي يدين العنف باسم الدين مقتنع بأن الحوار الإسلامي المسيحي أكثر أهمية، اليوم، بالمقارنة بأي وقت مضى. ويقول مساعدو البابا إن معتدلاً مثل الطيب سيكون حليفاً مهماً في إدانة التطرف.

وأدى البابا، صباح أمس السبت، قداس الصلاة في "ستاد" الدفاع الجوي، وذلك بحضور أكثر من 25 ألف شخص، في ثاني أيام زيارته مصر. وتحت شعار "بابا السلام في مصر السلام"، دخل بابا الفاتيكان المكان عبر سيارة مكشوفة لتحية الحضور، بعد رفضه استخدام سيارة مصفحة، مؤكداً ثقته في الأمن المصري. وألقى عظة في القداس دعا فيها إلى "نشر ثقافة اللقاء والحوار والاحترام والأخوة". وقال إن "التطرف الوحيد المسموح به للمؤمنين إنما هو تطرف المحبة". وبعد غداء مع أساقفة مصريين، التقى البابا قساوسة وراهبات وطلاباً دينيين في الكلية الإكليريكية للأقباط الكاثوليك بضاحية المعادي بالقاهرة. ودعا البابا القساوسة الكاثوليك إلى التوقف عن التذمر والشكوى بشأن التحديات التي يواجهونها، وأن يعملوا بدلاً من ذلك من أجل الحوار والانسجام. وقال لهم "على الرغم من أن هناك العديد من الأسباب التي تدعونا للإحباط، وسط العديد من رسل الدمار والإدانة، والكثير من الأصوات السلبية اليائسة، فلتكونوا أنتم قوة إيجابية"، وفق تعبيره.