تونس: إرساء المحكمة الدستورية ومخاوف على استقلاليتها

23 ابريل 2017
البرلمان شرع في مسار انتخاب أعضاء المحكمة(Getty)
+ الخط -

شرع البرلمان التونسي في مسار انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وسط مخاوف قوى المعارضة من ضرب استقلاليتها، في إطار المحاصصة بين أحزاب الائتلاف الحاكم.

واتفقت القيادة السياسية في تونس على إرساء المحكمة الدستورية، قبل إجراء الانتخابات البلدية والمحلية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، باعتبار أن هذه المؤسسة ستكون ضمانة لنزاهة المسار الانتخابي، ولتكريس الشفافية والديمقراطية في جميع مراحلها.

وينص البند 118 من الدستور التونسي، على أنّ "المحكمة الدستورية، هيئة قضائية مستقلة، تتكون من اثني عشر عضواً من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة. ويعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات".

وعلى الرغم من تنصيص الدستور على أجل إرساء المحكمة الدستورية في غضون سنة من تاريخ الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، إلا أنه تم تجاوز هذا البند، مما اعتبره خبراء في القانون الدستوري، خرقاً فاضحاً وتأخيراً مقصوداً من الأحزاب والنواب غير راغبين في إحداث هذه المؤسسة الدستورية.

بدوره، طالب رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، رؤساء الكتل البرلمانية السبعة، بتقديم أربعة مترشحين قبل يوم 5 مايو/أيار المقبل، وبالتالي ستنظر اللجنة الانتخابية في 28 مترشحاً سيتنافسون على 4 مقاعد في المحكمة الدستورية، ويتم انتخاب هؤلاء في جلسة عامة عبر التصويت في دورات متتالية.

وقال الناصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "البرلمان التونسي حريص على تركيز المحكمة الدستورية في أقرب وقت ممكن"، مبيناً أنه سيتم انتخاب 4 أعضاء في تركيبة المحكمة الدستورية، قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.

وأضاف أن "عملية انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، ستكون في منتهى الشفافية والديمقراطية، وهي خطوة إيجابية، نحو تركيز أهم مؤسسة دستورية ستكون ضامنة لاحترام الدستور وعلويته، وبهدف استكمال بناء مؤسسات دولة القانون".

كما لفت إلى أن "الخبرة والكفاءة والاختصاص والاستقلالية والحياد والنزاهة، هي أهم المواصفات التي يجب أن تتوفر في المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية. الأعضاء الذين ستقترحهم الكتل، يجب أن يكون ثلاثة أرباعهم مختصين في القانون، وأما الثلث الأخير فهم من أختصاصات أخرى، شرط أن يكونوا حاصلين على شهادة الدكتوراه، على أقل تقدير".

وتتزايد مخاوف المعارضة من المحاصصة الحزبية في تركيبة المحكمة الدستورية، خاصة في الأعضاء الأربعة، الذين سيعينهم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، مؤسس حزب حركة "نداء تونس"، الذي يتزعمه حاليا نجله حافظ قائد السبسي.

من جهته، أكد النائب والقيادي في الجبهة الشعبية، منجي الرحوي، لـ"العربي الجديد"، أن "تونس اليوم في حاجة إلى إرساء محكمة دستورية، في أقرب وقت ممكن، لحماية الحقوق والحريات، ومراقبة بقية السلطات من التجاوزات والخروقات، خاصة القوانين التي تمررها الأغلبية الحاكمة، والتي تمثل تهديداً لمستقبل البلاد وسيادتها".

وأضاف "ما نؤكد عليه هو أن تكون الشخصيات المترشحة لعضوية المحكمة الدستورية مستقلة، وغير منتمية إلى أحزاب بعينها، وإلا يكون لها ولاء إلا للوطن"، مبيناً أن "حزبي نداء تونس والنهضة يعملان من أجل محاصصة حزبية داخل المحكمة الدستورية وتفصيلها على المقاس، وهذا لا يمكن أن يطمئننا على مستقبل الانتقال الديمقراطي، وعلى دولة القانون والمؤسسات التي نعمل على التأسيس لها".

وعلى الرغم من أن قانون المحكمة الدستورية ينص على أن المرشحين يجب ألا يكونوا من المنتمين إلى أحزاب سياسية، أو ممن ترشّحوا لرئاسة الجمهورية أو لمسؤوليات نيابية، فإن المعارضة تخشى من تغوّل ائتلاف الحكم البرلماني على مسار انتخاب الأعضاء الأربعة الموكل إلى مجلس نواب الشعب تعيينهم. حيث يمثل ثقل كتلة حركة "نداء تونس" بـ64 نائباً وكتلة حركة "النهضة" الإسلامية بـ69 نائباً، أي ما يناهز ثلثي تركيبة البرلمان المكون من 217 عضواً، ما يمكن الكتلتين من تمرير ما يتفقان حوله من قرارات، خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية الوقتية.

المساهمون