"الكنيست" الإسرائيلي الـ20: 136 مشروع قانون عنصرياً خلال عامين

19 ابريل 2017
الأحزاب الإسرائيلية باتت تتنافس على سنّ قوانين عنصرية(العربي الجديد)
+ الخط -
عقد "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية" (مدار)، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "الكنيست الـ20- سجلّ القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان"، تناول خلالها الصحافي والباحث في "مدار"، برهوم جرايسي، بالرصد والتحليل، مجموعة القوانين العنصريّة التي أدرجت على جدول أعمال "الكنيست" خلال العامين الماضيين. واستضاف المركز، للتعليق على الندوة، الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، امطانس شحادة، والنائب في "الكنيست" عن القائمة المشتركة، أسامة السعدي.

التقرير الذي ناقشته الندوة، تضمّن مقارنة بين القوانين العنصرية الصادرة في "الكنيست" الـ20 خلال عامين برلمانيين، وأظهرت النتنائج تصاعدًا واضحًا ونوعيًّا في عدد تلك القوانين، وهو ما يحيل إلى استفحال العنصرية، بشتّى مظاهرها، في إسرائيل، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي. وفي هذا السياق، قال جرايسي إن "ما اعتُبر ذروة"، خلال قوانين العام البرلماني الأسبق، أي حتى إبريل/ نيسان 2016؛ "تجاوزه الواقع الآن إلى حد كبير"، فقد ارتفع عدد القوانين خلال العام البرلماني الثاني إلى 136 قانوناً، بعد أن وصل إلى 66 قانوناً في العام البرلماني السابق.

وترسّخ تلك المعطيات حقيقة صعود المد العنصري في إسرائيل، توازيًا مع إحكام "اليمين الجديد" في إسرائيل قبضته على المشهد السياسي، بقيادة حزب "الليكود"، وذلك ما تؤكّده أيضًا المقارنة مع الأعوام البرلمانية السابقة؛ ففي الولاية البرلمانية الـ17 (بين 2006 و2009)، أقرّ "الكنيست ستة قوانين عنصرية، بينما أقرّ في الولاية البرلمانية الـ18 (2009 حتى 2013)، ثمانية قوانين بشكل نهائي، في حين أقرّ الكنيست 25 قانونًا عنصريًّا خلال العامين الأخيرين فحسب، مدمجة في 21 قانونًا، بعد تحويل أربعة قوانين إلى بنود في قوانين أخرى.

وأبرز جرايسي الشقّ العنصري المتعلّق باستهداف الفلسطيني تحديداً، عبر الإشارة إلى التشريع الذي يخصّ رمي الحجارة، مشيراً إلى تحديد الحدّ الأعلى للسجن بـ20 عاماً، على ألا يقلّ الحدّ الأدنى عن ربع تلك المدّة (خمس سنوات)، بينما لم يسرِ ذلك، مثلًا، على "الحريديم" (اليهود الأرثوذكس المتطرفين) في خضمّ المواجهات التي اندلعت بينهم وبين الشرطة على خلفيّة قانون التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال، وكلّ ذلك بمعزل عن اعتداءاتهم اليوميّة التي تمسّ الفلسطينيين على وجه التحديد.

والملاحظ أيضًا، مع استفحال التنكيل السياسي والتشريعي والقانوني، هو تنافس الأحزاب الإسرائيلية، حتّى تلك التي تعمل من خارج الائتلاف الحكومي، على المبادرة إلى طرح قوانين تمسّ الفرد الفلسطيني، سواء في الداخل أو في الضفة الغربية وغزّة. عطفًا على ذلك، يبيّن جرايسي، في قراءته، أن "كتلتي المعارضة الرئيسيتين، (المعسكر الصهيوني)، و(يوجد مستقبل)، أظهرتا انجرافاً أكبر نحو القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال والاستيطان. ومنذ بدء الولاية البرلمانية في مايو/ أيار 2015، وحتى انتهاء الدورة الشتوية 2017، يتبيّن أن لكل واحدة من الكتلتين خمسة قوانين، كمبادرة أولى. كما أن مشاركات النواب في المبادرات للقوانين بلغت 37 مشاركة لكل واحدة من الكتلتين".

وعقّب الأمين العام لحزب التجمع، امطانس شحادة، على ذلك بالقول إن "عقلية الجدار الحديدي وعقيدة جابوتنسكي (الأب الروحي لحزب الليكود) هي ما تحكم إسرائيل اليوم"، مشيرًا، من خلال ذلك، إلى عدم وجود معارضة حقيقية للتوجّه اليميني الذي يحكم إسرائيل اليوم، وذلك مردّه، بحسب شحادة، إلى أن الأحزاب الإسرائيلية باتت مدركة أنه "لا سبيل لها للوصول إلى السلطة إذا لم تخاطب الجمهور الإسرائيلي، إذ لا يجرؤ أي حزب اليوم على اقتراح قانون يخالف الإجماع العام لدى الجمهور".

ودلّل شحادة على ذلك من خلال الإشارة إلى حالة رئيس حزب "يوجد مستقبل" (أحد أقطاب المعارضة)، يائير لبيد، والذي بدأ حملته الانتخابية من جامعة مستوطنة "أرئيل"، قائلًا إن لبيد، بوصفه أحد الأقطاب البارزة في المعارضة، يقدّم نفسه اليوم ليس معارضًا لنتنياهو، بل بديل عنه.

واعتبر شحادة أن المغزى من كل تلك التشريعات هو فرض أمر واقع باستخدام القوة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن النقاش حول الأمور المفصلية المتصلة بالصراع تحوّل اليوم إلى نقاش داخلي بين الأحزاب الإسرائيلية، في حين غُيّب عنه الجانب الفلسطيني بشكل شبه مطلق، مجملًا حديثه بالقول: "ما كان صعبًا ومستحيلًا تخيّله سياسيًّا؛ أصبح الآن واقعًا".

من جانبه، ربط النائب عن القائمة المشتركة، أسامة السعدي، والذي يترأس لجنة الأسرى في القائمة أيضًا، بين تلك التشريعات وقضيّة الأسرى الذين يخوضون اليوم إضرابًا عن الطعام داخل سجون الاحتلال. وفي حين أكّد السعدي على دعم القائمة وإسنادها الأسرى المضربين في معركتهم؛ أشار إلى أن الكنيست سنّ عشرة قوانين تتعلّق بالأسرى خلال العامين الماضيين، من بينها قانون التغذية القسرية، والذي يهدّد الساسة الإسرائيليون اليوم بفرضه لقمع حراك الأسرى الحالي.

وخلص إلى القول إن الدورة المقبلة ستكون "دورة الضغط لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، وخصوصًا مناطق ج"، وهو ما يسري عمليًّا اليوم، بحكم الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل عبر التوسّع في الاستيطان، واستدماج المستوطنات حتى عبر منظومة التشريعات القائمة التي تسري عليها أيضًا، وهو ما يعني عمليًّا ضمّها إلى منظومة المؤسسات المحلّية في دولة الاحتلال.

المساهمون