محاولة أممية لإحياء جهود السلام في اليمن

06 مارس 2017
طالب الحوثيون الشهر الماضي بتغيير المبعوث الدولي(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -




شهد اليمن في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، تطورات متسارعة على أكثر من صعيد سياسي وأمني، بدا المشهد معها متغيراً وقابلاً لمزيد من المفاجآت، في ظل بروز تساؤلات حول مصير الجهود السياسية لحل سلمي في البلاد، مع تصعيد الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً ضد تنظيم "القاعدة" في جنوب البلاد، قبل أسابيع من إتمام عامين على بدء عمليات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ضد الانقلابيين.
وفي سياق محاولات إحياء جهود الحل السلمي، بدأ المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس الأحد، زيارة إلى الكويت التي تعد محوراً هاماً في جهود السلام باليمن، واستضافت أطول جولة مشاورات العام الماضي. وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية بأن المبعوث الأممي التقى بنائب رئيس الحكومة الكويتية، وزير الخارجية، صباح خالد الحمد الصباح، وقال إنه "تم خلال اللقاء بحث آخر المستجدات في اليمن والجهود الدولية الهادفة لإيجاد حل سياسي شامل"، فيما أكد الوزير الكويتي على موقف بلاده "الداعم لكافة الجهود التي يقوم بها المبعوث الخاص لإعادة الأمن والاستقرار في ربوع اليمن".
وجاءت زيارة ولد الشيخ أحمد إلى الكويت، في إطار جولة في المنطقة، من المتوقع أن تشمل عدداً من العواصم العربية، وفي مقدمتها العاصمة السعودية الرياض، بعد أن قام الأسبوع الماضي بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو، التقى خلالها بمسؤولين في الخارجية الروسية، وكان من أبرز اللقاءات التي انعقدت على هامشها، اجتماع ضم المبعوث الأممي والرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، الذي يتبنى دعوات لوقف الحرب في البلاد.
وفي مؤشر إضافي على تحرك الجهود الدولية والاتصالات مع الأطراف المعنية لإحياء جهود السلام، أطلق رئيس وفد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) المفاوض، والمتحدث باسمها، محمد عبدالسلام، تصريحاً لافتاً، على صفحته الشخصية في موقع "تويتر"، تضمن التأكيد على التمسك بموقف الجماعة المطالب بـ"ما تم التوقيع عليه في مسقط"، وذلك في إشارة إلى التفاهمات التي توصل إليها لقاء وفد الحوثيين بوزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وأشار إلى أن ذلك يتضمن وقف ما وصفه بـ"العدوان" (في إشارة لعمليات التحالف) و"آثاره"، وكذلك "عقد جولة من المفاوضات باعتبار خطة الأمم المتحدة أرضية للنقاش لما يفضي لحل شامل".
وتأتي هذه التطورات، بعد أن كان الحوثيون قد شنّوا الشهر الماضي حملة ضد المبعوث الأممي إلى اليمن وطالبوا بتغييره، فيما كانت الجهود السياسية التي تتولاها الأمم المتحدة، في مرحلة جمود لما يقرب من شهرين، باستثناء اجتماع اللجنة الرباعية التي تضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات بالإضافة إلى عُمان، في ألمانيا الشهر الماضي، وهو الاجتماع الذي حضره لأول مرة، وزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون. فيما رفضت الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة، مطالبات الحوثيين بتغيير ولد الشيخ أحمد، وحصل الأخير على دعم واضح بمختلف البيانات والمواقف، بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير، الصادر في الـ23 من فبراير/ شباط الماضي.


وعلى الرغم من الانسداد الواضح من خلال المواقف السياسية التي تبديها الأطراف المختلفة، وكذلك عدم تحقيق اختراق سياسي نوعي في الأشهر الأخيرة، إلا أن الأوساط اليمنية تترقب تحولات سياسية في الشهر الحالي، على ضوء المستجدات الأخيرة في البلاد، وأبرزها تكثيف الولايات المتحدة لعملياتها العسكرية ضد أهداف مفترضة لتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، في ثلاث محافظات يمنية، هي أبين وشبوة والبيضاء، منذ يوم الخميس الماضي. ورجحت مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، أن تكون لهذا التطور آثار مباشرة على مسار الحل السلمي بالبلاد، لما يمكن أن ينتج عن هذا التطور من متغيرات سياسية وأمنية في المناطق التي تصفها الحكومة بـ"المحررة" من الانقلابيين، وباعتبار أن واشنطن على رأس الأطراف الدولية الفاعلة في المسار السياسي، وقدّمت العام الماضي، مبادرة شهيرة عُرفت بـ"مبادرة كيري"، في حين أن من شأن هذا التصعيد أن يؤدي إلى خلط أوراق المشهد السياسي في البلاد.
في السياق نفسه، تبرز أهمية التحركات السياسية الأخيرة، بأنها تأتي قبل أسابيع من إكمال البلاد عامين على بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، بطلب من الحكومة الشرعية ضد الانقلابيين، في ظل توقعات بأن تشهد العملية السياسية تطورات متزامنة، على غرار ما حدث العام الماضي، إذ شهد شهر مارس/ آذار 2016، اختراقاً سياسياً مهماً، تمثل بالتفاهمات المباشرة بين السعودية والحوثيين، والتي أفضت إلى هدنة في الحدود، استمرت ما يقرب من ثلاثة أشهر. وعلى هذا الصعيد، تأتي التطورات الإنسانية، مع تزايد البيانات والتصريحات الصادرة عن المنظمات الدولية، والتي تقرع أجراس الإنذار على خلفية الأزمة الإنسانية الكارثية المتصاعدة في البلاد.
وفي مقابل هذه الحوافز، لم تظهر حتى اليوم، أي مؤشرات تقارب حول صيغة توافقية أو مقبولة بالحد الأدنى، من قبل الطرفين، فالحكومة الشرعية متمسكة بمعارضتها لما يُعرف بـ"خارطة الطريق" الأممية، ولم يُعلن حتى اليوم، عن أي صيغة أو مقترحات سياسية جديدة، تلقى قبولاً لدى طرفي الأزمة (الحكومة والانقلابيين)، وكل ذلك يجعل الوضع مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بما فيها استمرار الجمود السياسي إلى حين.
في غضون ذلك، استمرت الغارات الأميركية على مواقع لـ"القاعدة" في اليمن لليوم الرابع على التوالي. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر أمنية، أن طائرات أميركية استهدفت، فجر أمس الأحد، بخمس غارات "مناطق جبلية، وهي يشبم والمحضرة والمسحاء في مديرية الصعيد بشبوة، فيما قصفت الطائرات الأميركية مجدداً قرية جاعر في مديرية الصومعة بمحافظة البيضاء، وأخرى استهدفت قرية الغيل". كما طاول القصف الجوي، بحسب المصادر ذاتها، "قرية يكلا في البيضاء". وقالت مصادر قبلية إن التنظيم "أخلى الكثير من المنازل التابعة له في جميع المناطق التي استُهدفت ونقل أعضاءه إلى مناطق جبلية في شبوة والبيضاء بعد الضربات الأميركية".
في هذا الوقت، قُتل ستة جنود وأصيب آخرون جراء هجوم استهدف نقطة أمنية في محافظة أبين، جنوبي اليمن. وأفادت مصادر محلية في أبين لـ"العربي الجديد"، بأن مسلحين يُعتقد أنهم من تنظيم "القاعدة"، هاجموا نقطة تفتيش للجيش في منطقة الرهوة، في مدينة شقرة، واشتبكوا مع أفراد النقطة، ما أدى إلى سقوط ستة قتلى وإصابة آخرين من الجنود.