مرشح اليمين الفرنسي فيون وزوجته: بالسراء والضراء وأمام المحاكم

29 مارس 2017
فيون وزوجته يواجهان متاعب قضائية (باتريك كوفاريك/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية، فرانسوا فيون وهو يتزوج، قبل 37 سنة، بينيلوبي، القادمة من بريطانيا، يعلم أنها ربما ستكون "نقطة ضعفه"، وأن طموحه في حكم فرنسا لن يصل إلى غايته.

في المقابل، تعرف بينيلوبي فيون أن ثمة خطرا داهما يتهدد بيتها. فإذا لم يفز زوجها في الانتخابات الرئاسية، قريبا، ويحتم بحصانة خمس سنوات قابلة للتجديد، كما فعل جاك شيراك من قبل، سيجد نفسَه، من جديد، أمام القضاة، وربما في السجن، وهو مصير يتهددها أيضا.


وبعد أن التقيا في نهاية سبعينات القرن الماضي على مقاعد أحد الدروس في القانون، كانت كل الظروف مُناسِبة، آنذاك، ليقضي الزوجان حياة جميلة، ساعدت عليها طبيعة بينلوبي الميّالة نحو الانعزال، والتي لم تكن تخفي، أمام صديقاتها ومعارفها، قرفَها الشديد من العلاقات العامة.

لكن ذلك لم يطرح أي إشكال مع زوجها، الذي ومنذ نعومة أظفاره، "تزوَّج" السياسة، وكرّس حياته كلها لها. إذ ابتدأ مساره السياسي الطويل بالعمل مُساعدا برلمانيا، قبل أن يصبح أصغرَ نائب برلماني في فرنسا، سنة 1981، مع وصول اليسار للسلطة، بقيادة فرانسوا ميتران.

منحت بينيلوبي لزوجها فرانسوا ابنة وأربعة أولاد. ولكنها ظلت حريصة على "انعزالها"، وتكريس كل وقتها لزوجها، ولأبنائها، على الرغم من حصولها على شواهد جامعية تتيح لها أن تشتغل، بكل حرية. فكل من عرفوا بينيلوبي، الحاصلة على ديبلوم في المحاماة، والتي لم تستثمره كما ينبغي، يُجمعون على أنها إنسانة مجتهدة في عملها، ذكية وكفؤة، كما تتمتع بإصرار وعزيمة قويين.

ولأن البيت كان بحاجاة إلى الكثير من الأموال، وهذا ما سيكتشفه الفرنسيون، لاحقا، مع ولع فيون بالبذخ والأناقة المُكلفتين، قرر فرانسوا فيون أن يوظف زوجته، معه، مُساعدة برلمانية، كما يفعل نحو 25 في المائة من النواب الفرنسيين. هذا إضافة إلى وظيفة أخرى، كناقدة كُتب، في مجلة "ليدو-موند"، التي يرتبط صاحبها مارك لادريت دي لاشاريير بصداقة قوية مع فرانسوا فيون. وهما وظيفتان يشدد الزوج فرانسوا فيون على التأكيد أن زوجته "أنجزتهما بتفان واقتدار ومهنية".

ولكن شاءت الأقدار أن يُخرِجَ ترشّح فرانسوا فيون للرئاسة وكذلك صحافة التحقيقات، هذه السيدةَ الوقور من "سكينتها" إلى صخب الإعلام والمَحاكم. ولم يكن الإعلام رحيما معها، إذ تعترف، في تصريح نادر، بأنه لولا الإيمان بالله، لما استطاعت الصمود، ردّا على انتشار إشاعات تحدثت عن انتحارها.

يبدو المَشهَد، الآن، كما لو أن أحد الزوجَيْن يجرّ الآخَر، في مسيره. فبعد توجيه الاتهام، رسميا، لفرانسوا فيون، جاء دور الزوجة، بينيلوبي لتأخذ جرعتها، هي أيضا، وبشكل رسمي، في التحقيق حول "طبيعة" عملها، كمساعدة برلمانية، إلى جانب زوجها، ثم إلى جانب النائب الذي خلفَ زوجَها، مارك جولو حين كان هذا الأخير، رئيسا للحكومة الفرنسية.

وتتلخص التهم التي وجهت إليها، رسميا، في "التواطؤ في اختلاس أموال عامة" ثم "التواطؤ في إساءة استخدام ممتلكات شركة"، وأخيرا "تلقي عائدات من هاتين الجريمتين".

التحقيق ينصب على عقود الشغل لبينيلويي فيون خلال الفترة ما بين 1986 و2013، مع بعض الانقطاعات، إما باعتبارها مساعدة برلمانية لزوجها أو لجولو، وهي وظائف جنت منها مبلغ 680 ألف و380 يورو، إضافة إلى الاشتغال في مجلة "ليدو-موند"، ما بين مايو/أيار 2012 وديسمبر/كانون الأول 2013، مقابل 5000 يورو شهريا.

لكن شبهات المحققين والقضاة تتجه أيضا، وبشكل خاص، إلى وثيقة عثر عليها تعلن فيها بينيلوبي فيون أنها اشتغلت في شهر يوليو/تموز 2012، شهريا في مجلة "ليدو-موند"، خلال 14 ساعة، وهو ما اعتبره المحققون انتقاصا مقصودا من بينيلوبي حتى تحترمَ الحدود القانونية لزمن الشغل المتراكم، حين كانت في آن واحد، تشتغل لفائدة المجلة وأيضا للبرلمان، ما بين يوليو/تموز 2012 ونوفمبر/تشرين الثاني 2013، وهما عملان يتطلبان كامل الوقت.

ولكن لا يبدو أن هذه السيدة، التي تقول بأنها ستذهب مع فرانسوا فيون حتى النهاية، وفي كل اختياراته وقراراته، تخاف شيئا، منذ أن قررت، سنة 1980، الاقتران بفرانسوا، وشقّ طريق الحياة معاً، بقضها وقضيضها، بِحُلْوِها ومُرّها.