وزارة الدفاع العراقية: رشاوى مالية لقاء تجنّب ساحات القتال

28 مارس 2017
من معارك الموصل الأخيرة (مارتن أيم/Getty)
+ الخط -

كشف مسؤولون في وزارة الدفاع العراقية، يوم الجمعة، عن عمليات ابتزاز كبيرة تقوم بها "مافيات" مرتبطة بأحزاب سياسية متنفذة، شملت تلقي مبالغ مالية كبيرة وبالعملة الصعبة، لقاء خدمات نقل ضباط وجنود من خطوط التماس في المعارك الدائرة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) شمال العراق وغربه، إلى مناطق مستقرة، وكذلك صفقات ترفيع أو تنسيب في دوائر مهمة، بهدف الاستفادة من العمولات والرشى التي تفرض هناك لقاء تمرير بعض الأعمال للمواطنين، كحواجز التفتيش الرئيسية على مداخل المدن ونقاط الجمارك وغيرها.

في هذا السياق، نوّه ضابط بوزارة الدفاع في بغداد لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما لا يقلّ عن 200 ضابط ومنتسب تم نقلهم من خطوط ومناطق الاشتباكات والمعارك مع تنظيم داعش إلى مناطق أخرى مستقرة، لقاء مبالغ مالية تصل إلى نحو 30 ألف دولار. وقد تمّ نقل العشرات هذا العام بالطريقة ذاتها، لكن إلى دوائر ومراكز مهمة، كالمنافذ الحدودية ونقاط وحواجز التفتيش والجمارك ودوائر أخرى على تماس مع المواطنين، لقاء مبالغ تصل إلى 150 ألف دولار، تسمح للضابط أو الجندي بالاستفادة مالياً، من تواجده هناك من خلال الرشى والعمولات التي تفرض على المواطنين أو التجار لقاء تسهيل معاملاتهم".

وبيّن الضابط أن "شبكات أو جماعات داخل وزارة الدفاع متورطة بهذه العمليات، بينهم ضباط كبار على صلة بأحزاب سياسية وشخصيات بارزة في البرلمان ومدعومون من قبلهم". وأضاف أن "هناك ضباطا دفعوا أموالاً لسياسيين وبرلمانيين لقاء بقائهم وعدم إحالتهم على التقاعد، من خلال التوسط لهم لدى المسؤولين في الوزارة أو مجلس الوزراء رغم تجاوزهم السن القانونية كونهم في حالة استفادة مالية من بقائهم".

ولفت إلى أن "هذه المافيات تتحكم أيضاً بالتعيينات والقبول في الكلية العسكرية، من أجل إرغام المعينين والطلاب المقبولين في الكلية على دفع الأموال"، مؤكداً ارتباط هذه الجماعات بأحزاب سياسية متنفذة تمتلك أذرعا سياسية في الحكومة والبرلمان.

وكان مدير التفتيش في وزارة الداخلية العراقية العميد حسين علي قد أعلن في وقت سابق، عن القبض على شخصين متلبسين بجرائم نصب واحتيال على المواطنين، بداعي التعيين في ملاك وزارة الدفاع مقابل تقاضي مبالغ مالية، موضحاً في بيان أن أحد الشخصين مدني والآخر منسوب إلى وزارة الدفاع.



وأشار إلى أن "المفرزة الأمنية استحصلت على أمر قضائي بالتحري وإلقاء القبض على الشخصين، وبعد صحة المعلومات نصبت كميناً، وألقت القبض عليهما متلبسين بتسلم مبلغ 1500 دولار من أحد المواطنين، على أن يقوما بتعيينه في ملاك وزارة الدفاع".

وكانت المفتشية العامة في وزارة الداخلية قد منحت صلاحيات واسعة لمتابعة قضايا الفساد، التي تمسّ السلك العسكري والأمني، بأمر من رئيس الوزراء حيدر العبادي، في إطار سلسلة الإصلاحات الأخيرة التي أعلن عنها الأخير.

في سياق متصل، أعلنت عضو البرلمان عالية نصيف، أنها "ستعمل على استدعاء شخص في وزارة الدفاع إلى البرلمان"، مؤكدة في بيان أن "هذا الشخص يستغل لقبه ومنصبه لتمرير بعض القرارات المشبوهة لصالح الشركات الأجنبية المتعاقدة مع الوزارة". وأضافت أنه "تم وضع اليد على وثائق ومستندات وأدلة قاطعة، تثبت تورط وتواطؤ هذا الشخص مع شخصية عسكرية كبيرة بالاتفاق مع إحدى الشركات الأجنبية على التلاعب بمخططات وتصميم مدرج أحد المطارات العسكرية"، مشيرة إلى "وجود فساد مالي في هذا الاتفاق يقدر بنحو 18 مليون دولار".

وتوعّدت نصيف بـ"ملاحقة كل من تورط في هذا الفساد مهما كان منصبه أو صلة قرابته من أي مسؤول كبير في الدولة"، مبيّنة أنها "ستقوم باستدعاء الشخص المشبوه إلى البرلمان، ولن تخضع لأية ضغوط تمارسها الجهات التي يعتقد هذا الشخص أنها ستحميه من المساءلة البرلمانية".

من جانبه وصف عضو التيار الصدري حسين البصري المعلومات بأنها "صحيحة"، مشيراً إلى أن "القضاء المدني غير قادر على التحرك إزاء تلك الملفات التي تتعلق بفساد وزارة الدفاع، كونها من اختصاص المحكمة العسكرية وفريق محققين تابعين لوزارة الدفاع". ودعا في حديث لـ"العربي الجديد" رئيس الحكومة إلى "فتح تحقيق عالي المستوى".