وعلى الرغم من ذلك، اعتبر المراقبون أن الأهم في الاجتماع هو النتائج التي سيخرج بها، في ظل التسريبات التي سبقت الاجتماع، وأشارت بمجملها إلى مساعٍ حثيثية لإحياء مسار المفاوضات السياسية في البلاد.
وكانت السعودية، وقبل ساعات من انعقاد الاجتماع، كشفت عن أنه سيُعقد على مستوى السفراء المعتمدين لهذه الدول لدى اليمن، وهم سفير الولايات المتحدة الأميركية، ماثيو تولر، والبريطاني سايمون شيركليف، والسعودي محمد بن سعيد آل جابر، والإماراتي سالم بن خليفة الغفلي، بالإضافة إلى العُماني، عبدالله البادي، وذلك بحضور المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي يقود الجهود الدولية الساعية لإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة التفاوض.
وتعد هذه المرة الأولى التي يعقد فيها اجتماع الرباعية، أو الخماسية مع إضافة عُمان، على مستوى السفراء، منذ أن تألفت منتصف العام الماضي، إذ إن الاجتماعات السابقة جميعها بين لندن وجدة ونيويورك والرياض، وصولاً إلى ميونخ في ألمانيا 16 فبراير/شباط المنصرم، كانت بحضور وزراء خارجية هذه الدول.
وجاء التمثيل المتدني ليعكس تباينات في آراء هذه الدول تجاه المقترحات المطروحة للتعديل، أو تجاه الاجتماع على الأقل، إذ إن السفراء يجتمعون فعلاً بشكل روتيني بين الحين والآخر، دون أن يكون ذلك بالأهمية المرتبطة باجتماعات وزراء الخارجية في الرباعية.
وعلى الرغم من تدني مستوى التمثيل، إلا أن تحولاً مهماً ارتبط بتحضيرات هذا الاجتماع، وهو الاهتمام السعودي الواضح بعقد الاجتماع، ما جعله يبدو وكأنه جاء بدعوة سعودية في الأساس، إذ جاء الإعلان عن الاجتماع أثناء وجود المبعوث الأممي في السعودية، وبالتزامن مع تسريبات تناقلتها وسائل إعلام سعودية تفيد بأن ولد الشيخ يحمل نسخة معدلة من "خارطة الطريق" المقترحة أممياً، وأهم هذه التعديلات، وفقاً للمصادر السعودية، هي إبقاء الرئيس عبدربه منصور هادي في منصبه بكامل الصلاحيات حتى أقرب انتخابات رئاسية، بعد أن كانت النسخة السابقة من الخطة تتطلب منه التنازل عن صلاحياته خلال 30 يوماً من توقيع الاتفاق.
كما تشمل التعديلات المقترحة إلغاء منصب نائب الرئيس، بما يؤدي إلى إقالة النائب الحالي، علي محسن الأحمر.
وعلى الصعيد الأمني، تتحدث التعديلات عن تسليم الحوثيين أسلحتهم لقوات الجيش اليمني المرابطة حالياً في حضرموت، بعد انتقالها إلى صنعاء.
وكانت الرياض أول دولة من أعضاء الاجتماع الخماسي تدلي بمعلومات حوله، إذ نشرت وزارة الخارجية السعودية بيانا يتضمن شرحاً عن "اللجنة الرباعية.. من أجل اليمن"، وحددت أنها تشكلت في 19 يونيو/حزيران2016، مشيرة إلى أبرز الاجتماعات التي عقدها، وذكرت في ختام البيان أن اجتماع لندن سيكون "على مستوى السفراء"، في معلومة بدت مفاجئة للمراقبين الذين تابعوا باهتمام انعقاده، في ظل التسريبات التي تتحدث عن حل.
وفيما لم يصدر موقف رسمي عن جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) وحزب "المؤتمر"، الذي يترأسه الرئيس المعزول علي عبدالله صالح، علق وزير الخارجية الأسبق، أبوبكر القربي، وهو عضو وفد حزب صالح بتغريدة مقتضبة في صفحته الشخصية في موقع "تويتر" سبقت الاجتماع: "لا تتفاجأوا بمستوى التمثيل في اجتماع الرباعية وعُمان غدا في لندن، فالمهم هو ما سيصدر عنه، وهل سيقرر وقف الحرب، وبالتالي الفصل بين الصدق والكذب".
وكانت مصادر سياسية يمنية وأخرى قريبة من مكتب الأمم المتحدة لدى اليمن قد أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن الاجتماع مخصص لمناقشة وإقرار تعديلات مقترحة على خطة السلام المقترحة من قبل الأمم المتحدة، ليتسنى للمبعوث الأممي طرحها من جديد على الأطراف اليمنية كخطوط عريضة يتم استئناف المفاوضات حولها برعاية دولية للوصول إلى حل سلمي في البلاد.
ويأتي الاجتماع قبل أقل من أسبوعين من الذكرى الثانية لانطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية ضد الانقلابيين، في 26 مارس/آذار 2015، وهي المناسبة التي تذهب التكهنات والتسريبات إلى وجود توجه يسعى لإحياء مسار المفاوضات السياسية بالتزامن معها، بعد أن تعثرت مختلف المحطات السياسية خلال العامين الماضيين، وأخذت الحرب مدى أطول مما كان متوقعاً في الشهور الأولى.
وكان المبعوث الأممي قد قدم، في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، خطة عُرفت بـ"خارطة الطريق"، وهي الخطة التي جسدت بالأساس مبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، التي أعلنها في الـ25 من أغسطس/آب، عقب اجتماع للجنة الرباعية في مدينة جدة السعودية، ثم تعرضت الخطة للإضافة والتعديل في إطار اللجنة الرباعية، ومع ذلك، واجهت رفضاً صارماً من الحكومة الشرعية التي اعتبرتها "مكافأة للانقلاب"، فيما قدم الانقلابيون ملاحظات جوهرية تجاه الخطة، لكنهم اعتبروها أرضية قابلة للنقاش.
وتفضي أغلب المقترحات الدولية، التي يجري النقاش حولها، منذ مشاورات الكويت التي انطلقت في أبريل/نيسان 2016، في شقها السياسي، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الأطراف، برئاسة شخصية توافقية، كما تتضمن في الغالب إبعاد نائب الرئيس الحالي، علي محسن الأحمر، وفي المقابل، يتركز الخلاف حول مؤسسة الرئاسة وبقاء الرئيس هادي، وحدود صلاحياته في أي مرحلة انتقالية تعقب الاتفاق.
وفي الجانب الأمني، وهو في الغالب نقطة خلاف جوهرية، تطالب المقترحات الدولية الحوثيين بالانسحاب من صنعاء ومدن أخرى، وتسليم الأسلحة الثقيلة، بما فيها الصواريخ البالستية لطرف ثالث.
كما تتضمن، ووفقاً للنسخة السابقة من خارطة الطريق، انسحاب الحوثيين 30 كيلومتراً عن الحدود السعودية، فيما يطالب الانقلابيون بوقف شامل للعمليات العسكرية، ويضعون العديد من التعقيدات والاشتراطات المتعلقة بتنفيذ الجانب الأمني، الذي يمثل، إلى حد ما، حجر الزاوية، بالنسبة لمطالب الحكومة الشرعية، وتعتبره أبرز مقتضيات قرار مجلس الدولي 2216 والصادر في إبريل/نيسان من عام 2015.