السودان: محاولات لإحياء التفاوض مع الحركات المسلحة المعارضة للحكومة

07 فبراير 2017
القوى الممانعة للحوارقد تفكر في التسوية السياسية(سامر بول/فرانس برس)
+ الخط -

تسيطر حالة من الجمود على المشهد السوداني، مع محاولات لإحياء عملية التفاوض مع الحركات المسلحة السودانية التي تقاتل الحكومة في ولايات دارفور، ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، دون إحداثها اختراقا يذكر.

 

وينتظر أن يصل الخرطوم نهاية الأسبوع المقبل، رئيس الآلية الأفريقية لحل الأزمة السودانية ثامبو أمبيكي، لإحداث حراك في الملفات السودانية، وصولا لوقف الأعمل العدائية بمناطق النزاع، والدخول في تسوية سياسية شاملة عبر عملية الحوار الوطني.

 

وأنهت الحكومة السودانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مؤتمر الحوار، بإقرار جملة من التوصيات، فضلا عن وثيقة وطنية أعلنت وقتها طرحها للقوى الممانعة للحوار للتوقيع عليها، دون المطالبة بنقطة الصفر "أي بدء الحوار من أوله".

 

وقاطعت الحركات المسلحة الدارفورية الرئيسية، فضلا عن "الحركة الشعبية قطاع الشمال"، وعدد مقدر من الأحزاب المعارضة السلمية بينها، "حزب الأمة القومي"، بقيادة الصادق المهدي، و"الحزب الشيوعي" بزعامة مختار الخطيب عملية الحوار الوطني، الذي شاركت فيه الحكومة وحلفاؤها وأحزاب معارضة ليست ذات وزن في الشارع السوداني، باستثناء المؤتمر الشعبي.

ويرى مراقبون أن الوضع لايزال شائكا أمام إحداث اختراق في ملف التفاوض مع الحركات المسلحة، رغم الضغوطات الدولية والإقليمية التي تمارس على الطرفين "الحكومة والحركات "، بالنظر لتمسك كل طرف بمواقفه، وانتظار حدث ما يقلب الموازين لصالح طرف دون آخر، لاسيما في ظل المتغيرات والتعقيدات الإقليمية والدولية.

ورفضت "الحركة الشعبية قطاع الشمال" الخضوع للضغوطات الدولية، وبدت الأخيرة متمسكة بمواقفها بحسم قضايا الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وحل أزمات البلاد بشكل كامل.

 

 وأكد رئيس "الحركة الشعبية" مالك عقار في تسجيل صوتي الاثنين، أن حركته لن تقبل بأنصاف الحلول، وأنها ستظل ندا للحكومة في الخرطوم، لحين إيجاد سودان توفر فيه كل الحقوق، قاطعا بأنهم ليسوا دعاة حرب، وأنها فرضت عليهم.

 

وشدد عقار أنه "ولو وجدنا فرصة واحدة لإيقاف الحرب فلن نضيعها، بشرط أن تنفذ حقوق المواطنين السودانيين كافة، وحقوق أهالي المنطقتين بصفة خاصة".

 

وانتقد محاولات البعض لقيادة الحركة للقبول بالمقترح الأميركي الخاص بحسم الخلاف، لإيصال المساعدات الإنسانية لولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، مشيراً إلى أنه لكونها "مبادرة أميركية افترضوا أن علينا القبول بها، كما أنها ضخمت وأفرغت من مضمونها".

 

 وأوضح رئيس الحركة أن المبادرة الأميركية التي اقترحت أن تقوم المعونة الأميركية بإيصال جزء من المساعدات للمنطقتين، عبر المسار الداخلي، تمنح الخرطوم الهيمنة على العملية الإنسانية، وهو أمر لن نقبل به، مبيّناً أن حركته على استعداد لمناقشة المقترح.

 

 ورجح عقار أن يدعو أمبيكي لمشاورتهم، واشار لمواقفهم الثابتة والتي أبلغو بها الوسيط الأفريقي، والمتمثلة في رفضهم الجلوس مع أي من لجان الحوار المنتهي بالخرطوم، باعتبارهم ليسوا طرفا فيه، فضلا عن تحقيق شروط تهيئة المناخ قبل الدخول في أي حوار مع الحكومة، والتي من بينها وقف الحرب وإطلاق الحريات.

 

ووفقاً لمعلومات، فإن المسار الخاص بدارفور، حقق اختراقاً طفيفا بعد موافقة الحكومة السودانية بإدراج ملحق باتفاقية الدوحة لسلام دارفور، التي وقعتها مجموعة من الحركات المنشقة عن الحركات الرئيسية في 2011، لاسيما وأن الحكومة ظلت ترفض تلك الخطوة باستمرار.

 

وفي لقاء له بإحدى الإذاعات المحلية في جنوب أفريقيا، نصح أمبيكي الحركات الدارفورية بتحديد التعديلات التي تطالب بها في وثيقة الدوحة، ووجه ذات النصح لـ"الحركة الشعبية" بتقديم البديل للمقترح الأمريكي، الأمر الذي رأى فيه مطلعون تأكيداً على وصول الوساطة لطريق مسدود، بشأن إيجاد الحلول للملف السوداني، ومحاولة تقريب شقة الخلاف.

 

وأكدت مصادر داخل لجان الحوار أن الرئيس السوداني عمر البشير رأى إرجاء إعلان الحكومة أملا في نجاح المحاولات الدولية والإقليمية في إقناع الحركات والقوى الممانعة بالانضمام للحوار، ومن ثم الحكومة المرتقبة.

 

ورأى المحلل السياسي أبوبكر عبد الرازق أن "القوى الممانعة للحوار، لاسيما الحركات وحزب الأمة بقيادة الصادق قد تفكر في التسوية السياسية، خصوصاً بعد إعلان المؤتمر الشعبي المشاركة في الحكومة الجديدة، لإغلاق الباب أمام عودة الإنقاذ لسيرتها الأولى.

 

من جانبه، برر الأمين السياسي للمؤتمر الوطني حامد ممتاز تأخير إعلان الحكومة بالترتيب الأفضل لإخراجها بشكل لائق، بالنظر إلى المهام التي ستديرها، باعتبار أنها تأتي في مرحلة انتقال سياسي تنقل البلاد من الصراع والنزاع السياسي، إلى مرحلة جديدة مستبعد تماما أن يكون التأخير فيها متعمداً.