المنتدى المغاربي الثامن يبحث عزوف الشباب عن المشاركة السياسية

18 فبراير 2017
انعقد المنتدى على مدار يومين في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -
ناقش المنتدى المغاربي الثامن، تحت عنوان "أدوار الشباب، والفعل المدني في التحول الديمقراطي"، والذي اختتم اليوم السبت في تونس العاصمة، عزوف الشباب المغاربي عن المشاركة في الشأن السياسي.

ويأتي هذا المنتدى، والذي امتد ليومين، ببادرة من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، ومركز الأبحاث والدراسات الإنسانية "مدى" في المغرب.

وقال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، المهدي مبروك، لـ"العربي الجديد"، إنه تم اختيار موضوع مشاركة الشباب المغاربي في الحياة السياسية نظرًا لانسحاب الشباب من الشأن العام والفعل السياسي، بحسب أغلب إحصائيات الجمعيات والأحزاب ونتائج الانتخابات، والتي تعتبر قواسم مشتركة بين شباب بلدان المغرب العربي.

وأوضح المبروك أنهم طرحوا عدة أسئلة من قبيل: "ما الذي يحدث لدى شبابنا؟" و"كيف يمكن التخفيف من وطأة هذه الظاهرة السلبية؟"، مبينًا أن 40 ورقة بحث حول هذا الموضوع قدمت خلال هذه الندوة.

وأكد مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس أن البحوث اعتمدت على دراسات ميدانية في المجتمعات المغاربية، خاصة أنه توجد العديد من القواسم المشتركة بين البلدان المغاربية، معتبراً أنه استناداً إلى التجربة التونسية فإن كل هذه المظاهر السلبية ناتجة عن خيبة أمل، وشعور بالإحباط تجاه الطبقة السياسية التي تحكم أو التي حكمت بعد الثورة، إذ لم تنجح هذه الطبقة في الترفيع من منسوب الأمل لدى الشباب.

ويرى مبروك أن من أسباب عزوف الشباب عن الشأن السياسي تواصل سياسات التهميش، والإقصاء الاقتصادي وغياب التشغيل، وعدم وجود سياسة تعليمية جيدة، هذا إلى جانب غياب مبادرات تشجع الشباب على بعث مشاريع، معتبراً أن هذه الأسباب "غذّت مشاعر الإحباط وضاعفت الشعور بالمهانة والدونية"، مبيناً أن احتكار الشيوخ والطبقة السياسية المتهرمة للمشهد السياسي عموماً أدى إلى عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية.

من جهته، قال عضو مركز "مدى" من المغرب، الباحث زكريا أكضيض، إن شباب البلدان المغاربية يعزفون عن المشاركة في الحياة السياسية، ولكن السياقات تختلف؛ ففي المغرب، مثلًا، لا تزال التغيرات والإصلاحات السياسية منقوصة، ولذلك فإن طموح الشباب اصطدم بهذا الواقع السياسي.

ويعتقد أكضيض أن الشباب في تونس وصل إلى الإقرار بالمطالب، وأصبح يطالب بوجودها على أرض الواقع، عكس المغرب، موضحًا أن المغرب لا يزال دولة تتحكم فيها الإرادة الواحدة، وبالتالي فإن الشباب فقد الثقة بهذه المؤسسات.

وأكّد رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية بنواكشوط، ديدي ولد السالك، أنه رغم الشعور بالإحباط في المنطقة، خاصة بعد تعثر الانتقال الديمقراطي، وعدم نجاح التحولات الكبيرة التي رافقت "الربيع العربي" إلى غايتها المؤملة، بفعل الثورة المضادة والظروف الإقليمية والدولية غير الملائمة، إلا أن تلك التحولات ساهمت في خلق مناخ من الحرية؛ غير أن هذا المناخ لم يساهم في النهوض بالشباب.

وأشار إلى أن هذا الأمر أعطى هامشًا مقبولًا من حرية التعبير بالنسبة لمكونات المجتمع المدني في المنطقة المغاربية، خاصة في تونس والمغرب، ونسبيًّا في موريتانيا، معتبرًا أن ذلك أهّل المجتمع المدني ليصبح فاعلًا تنمويًّا وحاضرًا في متابعة ومراقبة السياسات العمومية وتقييمها في هذه البلدان.

وأضاف أنه "رغم التحديات التي لا تزال تواجه نشاط وفاعلية المجتمع المدني في الحياة العامة؛ فإن انخراط الشباب في منظمات المجتمع المدني في أقطار المغرب العربي سيبقى هو رهان المستقبل، لأن الدمج بين فاعلية عمل المجتمع المدني وطاقة الشباب كقوة تمتلك الحيوية والقدرة على العمل المنتج، سيؤهل هذه الأقطار للنجاح في معركة التنمية".

وأكد الأستاذ المساعد بكلية الحقوق والعلوم السياسية في تونس، شاكر الحوكي، أن الإحصائيات التي تمت إلى حد الآن من قبل مراكز البحوث والدراسات ومراصد الشباب في تونس وخارجها تجمع على أن الشباب بعد الثورة لم ينخرط بقوة في الحياة الحزبية والسياسية، إذ بقي صوته خافتًا، مبينًا أن هذا الشباب لم ينتخب أحزابًا شبابية، ولم يفرز قيادات شبابية قادرة على أن تمثله مباشرة، بل فضل أن يكون وقودًا لمعارك حزبية يتزعمها الشيوخ.

وبيّن أن هذا العزوف صاعد موجات الهجرة، وزاد في إقبال الشباب على المخدرات، وحتى الأغاني الشبابية طغى عليها التشاؤم والرداءة والتفكير السلبي. أما الإقبال على المطالعة وقراءة الكتب فهو ضعيف جدًّا.

وأشار الأستاذ الجامعي الليبي، نعيم الغرياني، إلى أن الشباب الليبي كان متحمسًا بعد الثورة للتغيير من خلال المشاركة في الحياة السياسية، والمشاركة في أول انتخابات شهدتها ليبيا، وهي انتخابات 2012، ورغم إقباله على المشاركة في المؤتمر الوطني بنسب عالية، إلا أنه سرعان ما انطفأت شعلة هذا الحماس، وأصبحت مشاركة الشباب ضعيفة في انتخابات 2014.

واعتبر أن من بين الأسباب الشعور بخيبة الأمل، والقصور في إدراك التغيرات الاجتماعية والسياسية، خاصة في البلدان التي عاشت الدكتاتورية على مدى أربعة عقود، معتبرًا أن هذه التغييرات تستغرق الكثير من الوقت، في حين أن أوساط الشباب تستعجل النتائج، وأغلب الظروف ليست مهيأة لذلك.

المساهمون