منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، يشهد اليمن حرباً طاحنةً بلا نصر لأي الأطراف، لكن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، احتفلت أخيراً بتحقيق انتصار، لم يكن ضد خصومها الذين تحاربهم منذ بدء التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية، بل كان ضد حليفها علي عبدالله صالح، خصمها في السابق. فلماذا توجّهت آليات الجماعة الثقيلة وقواتها، بحرب دون هوادة، انتهت بقتل حليفها والسيطرة على ممتلكاته وما إلى ذلك من خطوات، وهل سيقودها ذلك إلى المفاوضات أم يزيد عليها شدة الحرب؟
تقول مصادر قريبة من الطرفين لـ"العربي الجديد"، إن جملة من الأسباب المتراكمة، أوصلت إلى المواجهة الدامية بين الشريكين، ولم تكن بيانات وخطابات صالح في الأيام الأخيرة قبل مقتله، سوى الملابسات الأخيرة، بعد أن تفجّرت المواجهات بالفعل، عقب اقتحام الحوثيين لـ"جامع الصالح" الذي كان بحراسة قوات موالية لصالح، وما أعقب ذلك من مواجهات قرب منزله ومنازل أقربائه في العاصمة، عشية 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتوضح المصادر أن الحوثيين بدأوا بحشد قواتهم إلى صنعاء وتعزيز قبضتهم الأمنية، منذ أشهر طويلة، بالتزامن مع إعادة حزب "المؤتمر" الذي يترأسه صالح، أنشطته التنظيمية، وما رافقها من تسريبات عن مفاوضات غير معلنة بين صالح والتحالف، على الرغم من نفي الأخيرين أكثر من مرة، سواء بالتصريحات، أو بالقصف الذي كان لا يزال يستهدف معسكرات محسوبة على القوات الموالية لصالح.
وفي بادئ الأمر، كانت الخلافات تتصاعد يوماً بعد يوم بين الحوثيين والمحسوبين على حزب صالح، في مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة الطرفين، بعد أن دخلا في شراكة رسمية باتفاق جرى توقيعه أواخر يوليو/تموز 2016 وتضمّن تشكيل "المجلس السياسي الأعلى" بالمناصفة بين الطرفين، ثم تشكيل الحكومة الانقلابية، بالمناصفة أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وفشلت هذه الحكومة في توفير المرتبات للموظفين بعد نقل الشرعية البنك المركزي اليمني إلى عدن، الأمر الذي تسبّب بأزمة إنسانية ومجاعة واحتقان على كافة المستويات، بما في ذلك، بين شريكي "السلطة" في مناطق الانقلابيين، إذ كان أنصار حزب صالح يتهمون الحوثيين برفض تنفيذ مضامين الاتفاق، بسحب "المشرفين" و"اللجان الثورية" التابعة للجماعة، والتي تتدخل في إدارة المؤسسات الحكومية إلى حد كبير.
اعتباراً من منتصف 2017، أخذت التسريبات بتقارب أو تفاهمات بين حزب صالح والسعودية بالتزايد، مع تصاعد نشاط حزب "المؤتمر" التنظيمي، والذي بدا كأنه يهيئ نفسه لخطوة ما، ما دفع زعيم جماعة "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، للقول في أحد خطاباته، إن البلاد تعيش مرحلة "اقتحامات" وليس "انتخابات"، الأمر الذي عبّر من خلاله عن ريبة الجماعة تجاه أنشطة حليفها.
اقــرأ أيضاً
في أغسطس/آب الماضي، عاش اليمن مرحلة مفصلية بين الحليفين، فبينما كان حزب صالح يستعد لإقامة مهرجان حاشد في ميدان السبعين، بذكرى تأسيسه التي توافق الـ24 من الشهر نفسه في كل عام، حشد الحوثيون قواتهم إلى صنعاء، وانتشروا بكثافة، وأعلنوا عن اعتصامات مسلحة في مداخل صنعاء في اليوم نفسه، استعداداً لمواجهة أي تحرك، لما قيل يومها عن احتمال انقلاب صالح، واتخاذه من المهرجان غطاءً لذلك التحرك.
في الأثناء، كان واضحاً أن الحوثيين اتخذوا قراراً بالحسم العسكري، وأصدروا بيانات شديدة اللهجة ضد حزب صالح، كما أقاموا نقاط تفتيش قرب منزله ومنازل لأقاربه في شارع حدة بصنعاء، حين اعترضوا أحد أبنائه بينما كان على متن سيارة، ودارت اشتباكات جرى احتواؤها بوساطات قادتْها قيادات في الطرفين، وكل ذلك يشير إلى أن الأسباب التي قادت إلى المواجهة، سبقت ملابسات الأيام الأخيرة، التي خرج فيها حزب صالح بدعوة رسمية لأنصاره للتحرك ضد الحوثيين.
وفي السياق، يرى مراقبون للوضع، أن من أبرز دوافع الحوثيين إلى الحسم ضد صالح وقتله، إلى جانب المخاوف من انقلابه ضدهم، كانت هناك دوافع سياسية، إذ سرى اعتقاد لدى الحوثيين، بأنهم هم من سيتحكم في سير مباحثات الحل السياسي لاحقاً، إذا تمكنوا من الحسم ضد حليفهم وإثبات أنهم الطرف الأقوى، ولذلك كان الحوثيون يتوجّهون نحو التصعيد وإطلاق صواريخ باتجاه السعودية، لإيصال رسائل تتعلق بخلافاتهم مع صالح، وبأنهم الأقوى، ومن يملك زمام القوة الصاروخية، وبالتالي فإنهم الطرف الأقوى الذي يجب أن تجرى معه المفاوضات.
وبالفعل أثبت الحوثيون أنهم الطرف الأقوى، وأبعد من ذلك، تمكنوا من قتل صالح، والاحتفال في شوارع صنعاء. لكن السؤال اليوم هل ستجري الأمور وفقاً لاعتقادهم بأنهم سيفاوضون؟ أم أن ما شهدته صنعاء، أفقدهم الحليف القوي الوحيد يمنياً وجعلهم وحيدين في مواجهة القوى اليمنية الأخرى في الحرب؟ كما أن عامل إثبات أنهم الأقوى قد يؤدي إلى نتائج عكسية للمفاوضات، وهو زيادة مخاوف الرياض من أن قوة الحوثيين الذين تتهمهم بأنهم ذراع لإيران، تعني أن التهديد لحدودها يصبح أكبر، ويبقى من الصعب التكهن بما سيحدث قبل انتظار تطورات الفترة القليلة المقبلة.
اقــرأ أيضاً
تقول مصادر قريبة من الطرفين لـ"العربي الجديد"، إن جملة من الأسباب المتراكمة، أوصلت إلى المواجهة الدامية بين الشريكين، ولم تكن بيانات وخطابات صالح في الأيام الأخيرة قبل مقتله، سوى الملابسات الأخيرة، بعد أن تفجّرت المواجهات بالفعل، عقب اقتحام الحوثيين لـ"جامع الصالح" الذي كان بحراسة قوات موالية لصالح، وما أعقب ذلك من مواجهات قرب منزله ومنازل أقربائه في العاصمة، عشية 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي بادئ الأمر، كانت الخلافات تتصاعد يوماً بعد يوم بين الحوثيين والمحسوبين على حزب صالح، في مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة الطرفين، بعد أن دخلا في شراكة رسمية باتفاق جرى توقيعه أواخر يوليو/تموز 2016 وتضمّن تشكيل "المجلس السياسي الأعلى" بالمناصفة بين الطرفين، ثم تشكيل الحكومة الانقلابية، بالمناصفة أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وفشلت هذه الحكومة في توفير المرتبات للموظفين بعد نقل الشرعية البنك المركزي اليمني إلى عدن، الأمر الذي تسبّب بأزمة إنسانية ومجاعة واحتقان على كافة المستويات، بما في ذلك، بين شريكي "السلطة" في مناطق الانقلابيين، إذ كان أنصار حزب صالح يتهمون الحوثيين برفض تنفيذ مضامين الاتفاق، بسحب "المشرفين" و"اللجان الثورية" التابعة للجماعة، والتي تتدخل في إدارة المؤسسات الحكومية إلى حد كبير.
اعتباراً من منتصف 2017، أخذت التسريبات بتقارب أو تفاهمات بين حزب صالح والسعودية بالتزايد، مع تصاعد نشاط حزب "المؤتمر" التنظيمي، والذي بدا كأنه يهيئ نفسه لخطوة ما، ما دفع زعيم جماعة "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، للقول في أحد خطاباته، إن البلاد تعيش مرحلة "اقتحامات" وليس "انتخابات"، الأمر الذي عبّر من خلاله عن ريبة الجماعة تجاه أنشطة حليفها.
في أغسطس/آب الماضي، عاش اليمن مرحلة مفصلية بين الحليفين، فبينما كان حزب صالح يستعد لإقامة مهرجان حاشد في ميدان السبعين، بذكرى تأسيسه التي توافق الـ24 من الشهر نفسه في كل عام، حشد الحوثيون قواتهم إلى صنعاء، وانتشروا بكثافة، وأعلنوا عن اعتصامات مسلحة في مداخل صنعاء في اليوم نفسه، استعداداً لمواجهة أي تحرك، لما قيل يومها عن احتمال انقلاب صالح، واتخاذه من المهرجان غطاءً لذلك التحرك.
في الأثناء، كان واضحاً أن الحوثيين اتخذوا قراراً بالحسم العسكري، وأصدروا بيانات شديدة اللهجة ضد حزب صالح، كما أقاموا نقاط تفتيش قرب منزله ومنازل لأقاربه في شارع حدة بصنعاء، حين اعترضوا أحد أبنائه بينما كان على متن سيارة، ودارت اشتباكات جرى احتواؤها بوساطات قادتْها قيادات في الطرفين، وكل ذلك يشير إلى أن الأسباب التي قادت إلى المواجهة، سبقت ملابسات الأيام الأخيرة، التي خرج فيها حزب صالح بدعوة رسمية لأنصاره للتحرك ضد الحوثيين.
وبالفعل أثبت الحوثيون أنهم الطرف الأقوى، وأبعد من ذلك، تمكنوا من قتل صالح، والاحتفال في شوارع صنعاء. لكن السؤال اليوم هل ستجري الأمور وفقاً لاعتقادهم بأنهم سيفاوضون؟ أم أن ما شهدته صنعاء، أفقدهم الحليف القوي الوحيد يمنياً وجعلهم وحيدين في مواجهة القوى اليمنية الأخرى في الحرب؟ كما أن عامل إثبات أنهم الأقوى قد يؤدي إلى نتائج عكسية للمفاوضات، وهو زيادة مخاوف الرياض من أن قوة الحوثيين الذين تتهمهم بأنهم ذراع لإيران، تعني أن التهديد لحدودها يصبح أكبر، ويبقى من الصعب التكهن بما سيحدث قبل انتظار تطورات الفترة القليلة المقبلة.