لماذا لم تتبنَّ أي جهة مجزرة مسجد الروضة؟

28 نوفمبر 2017
الغموض يلف تفاصيل جريمة استهداف مسجد الروضة(العربي الجديد)
+ الخط -
لم يتكشّف غموض جريمة استهداف مسجد الروضة في محافظة شمال سيناء، التي تشهد صراعاً مسلحاً بين مجموعات مسلحة من ناحية، وقوات الجيش والشرطة المصرية، من ناحية أخرى منذ 2013. المجزرة التي نفذها مسلحون مجهولون الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل 305 أشخاص، وإصابة العشرات، يحيطها اللغط الشديد خلال الأيام التي تبعتها، لناحية عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الحادث. أصابع الاتهام أشارت إلى تنظيم "ولاية سيناء" وذلك عقب الهجوم مباشرة، خصوصاً أن هناك سوابق للتنظيم في استهداف الصوفيين بسيناء. العام الماضي أعدم التنظيم اثنين من مشايخ الصوفية بسيناء، وهما سليمان أبو حراز وأحد أتباعه بقطع رأسيهما، وأعقب الحادثَ حوار مطول على صفحتين بمجلة "النبأ" التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، لمن يسمَّى أمير مركز الحسبة في "ولاية سيناء".

سوابق التنظيم في استهداف المخالفين له كثيرة في سيناء، خصوصاً من يصفهم بـ"المتعاونين مع الجيش والأجهزة الأمنية"، فضلاً عن سقوط مدنيين خلال بعض عملياته ضد قوات الجيش والشرطة. ويبقى أن هناك 3 سيناريوهات يمكن أن تفسر تأخر إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الدموي الذي استهدف مسجد الروضة.



السيناريو الأول: "ولاية سيناء" المسؤول

هذا السيناريو يذهب إلى أن فرع تنظيم "داعش" هو المنفذ الفعلي للهجوم، لكن هول الصدمة التي أصيبت بها سيناء، دفعه إلى عدم الإعلان عن مسؤوليته عن استهداف المصلين، بحسب مصادر قبلية. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم ربما وجد أنه ليس من الحكمة إعلان تبنّي الهجوم، في ظل حالة الغضب التي عمّت سيناء منذ يوم الجمعة الماضي، لما للحادث من تأثير على شعبية "ولاية سيناء".

وأضافت المصادر أن التنظيم المسلح كان يقدم نفسه لأهالي سيناء بأنه "الحامي" لهم من انتهاكات الجيش والشرطة، وبالتالي ليس في صالحه إعلان مسؤوليته، حتى لا يفقد الحاضنة الشعبية التي حاول تشكيلها منذ أن كان اسمه "أنصار بيت المقدس"، حتى قبل تغيير اسمه إلى "ولاية سيناء".

وبحسب المصادر نفسها، فإن "كل الشواهد والحوادث السابقة تؤكد أن التنظيم هو المسؤول عن الهجوم، فلا أحد يمكن أن ينفذ هذا العمل الخسيس بالهجوم على مصلين خلال صلاة الجمعة بهذه الصورة، وسط تعمّد شديد في ملاحقة وقتل كل مَن كان في المسجد".

ونشرت صفحة عبر "فيسبوك"، تابعة لمجموعة قبيلة الترابين التي تواجه تنظيم "ولاية سيناء"، تسجيلاً صوتياً قالت إنه يؤكد تبني التنظيم للهجوم، من خلال اختراق "اللاسلكي" الخاص بعناصرهم وهم يباركون تنفيذ الحادث، فضلاً عن أن التسريبات الرسمية حول الجريمة تحدثت عن رفع منفذي المجزرة أعلام تنظيم "داعش"، وهي نفسها أعلام "ولاية سيناء". وفي هذا الإطار، تداولت وسائل إعلام محلية روايات لأهالي سيناء، تفيد بأن التنظيم هدد قبل شهرين باستهداف الصوفية والمسجد.

السيناريو الثاني: خلافات داخل التنظيم

أما السيناريو الثاني، أن يكون الهجوم جاء بتوجيهات بعض قيادات التنظيم والتي في الغالب ليست من سيناء، ولا تعرف طبيعة الأوضاع جيداً، ومدى تأثير هذا الهجوم على التنظيم نفسه، من منطلق "المصلحة".

وقال باحث في الحركات الإسلامية، إنه من الوارد أن يكون الهجوم حدث من دون توافق بين قيادات التنظيم، وتحديداً من "السيناوية"، مع قيادات أخرى ربما هي التي لها الكلمة العليا بناء على ترتيبات القيادة من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية".

وأضاف الباحث لـ"العربي الجديد"، أنه عقب الهجوم وفداحة القتل والضجة التي صاحبت الحادث وسقوط ضحايا بالمئات بين قتلى وجرحى، كلها أمور دفعت التنظيم إلى عدم إعلان التبني والصمت حتى الآن حتى عن النفي رغم أن الجميع يتهم التنظيم. وتابع أن هذا الصمت يدفع بأن ثمة أزمة داخل التنظيم حيال الهجوم، ويبدو أن بعض القيادات السيناوية شددت على عدم الإعلان حتى لا يخسر التنظيم في سيناء.

هذا السيناريو ربما يدعمه ما نشرته "العربي الجديد" قبل أشهر، عن وجود خلافات داخل التنظيم بين مؤسسي التنظيم قبل مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" وهم من أبناء سيناء، وبين بعض القيادات غير المصرية.

وقالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، حينها، إن هناك اتصالات بين عدد من شيوخ القبائل مع أبنائهم من عناصر التنظيم، وحثّهم على ضرورة وقْف ما يحدث في سيناء، وإنهاء تواجد فكر تنظيم "الدولة الإسلامية".

السيناريو الثالث: جهة مجهولة

وأخيراً، فإن بعض الاتجاهات تذهب إلى أن ثمة جهة مجهولة قامت بتنفيذ الهجوم بشكل متعمّد وبهذه الوحشية في القتل من أجل إثارة القبائل وأهالي سيناء ضد ولاية سيناء، وتأليب القبائل والدفع بهم باتجاه مواجهات مع التنظيم. وقالت مصادر من سيناء إن هناك شيئاً غير مفهوم في الجريمة، وهو ما خرج به البعض للقول إن الجريمة تهدف إلى إخلاء سيناء من أهلها في إطار مخطط إسرائيل لنقل أهالي غزة إلى سيناء ضمن خطة تبادل الأراضي. وتعجبت من هذه الرواية التي لا تزال محصورة في إطار التحليل، ويتعاطى كثيرون معها على أنها نظرية من "نظريات المؤامرة"، بينما يعتبر البعض الآخر أنها يمكن أن تكون صحيحة في ظل استمرار الحديث الإسرائيلي بشكل موسمي حول بند "دولة سيناء" لتكون أرضاً فلسطينية بديلة عن أراض تحتلها إسرائيل في الضفة.

 

دلالات
المساهمون