صلاح البردويل لـ"العربي الجديد": ضغوط على السلطة تعرقل المصالحة

24 نوفمبر 2017
البردويل: لن نعود إلى مربع الانقسام (كريس بورونكل/فرانس برس)
+ الخط -
يجدد عضو المكتب السياسي في حركة "حماس"، صلاح البردويل، في حوار مع "العربي الجديد"، موقف حركته بالتمسك بالمصالحة الفلسطينية ورفضها العودة إلى مربع الانقسام، مؤكداً أن حركته قدّمت كل ما في يدها للسلطة الفلسطينية، من المعابر والسلطات في غزة وغيرها. ويبدي البردويل مرونة من قِبل "حماس" بشأن حكومة الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن الحركة غير متمسكة بالمشاركة فيها إذا كانت ستتسبب في التأثير سلباً على القضية الفلسطينية، مشدداً على التمسك بسلاح المقاومة. كما يتطرق إلى العلاقة مع قطر ومصر، نافياً أن تكون "حماس" ذهبت للمصالحة بسبب الضعف أو قلة التمويل. إلى نص الحوار:

هل مورست ضغوط على المشاركين في مؤتمر القاهرة لعدم مناقشة بعض الملفات المتفق عليها؟
واضح أننا قمنا بالخطوة الأولى عبر حل اللجنة الإدارية، ثم الخطوة الثانية الخاصة بتمكين الحكومة وتسليم المعابر، وحكومة الوحدة استلمت المعابر، ولم تراعِ أي نوع من الوحدة الوطنية، وقامت بطرد كل من فيها من "حماس" واستبقت فقط أبناء "فتح"، وهذه خطوة كانت حساسة، ولكن نحن رفضنا أن نثير أي مشاكل، وسارت الأمور. ولكن الآن بقي الاستحقاق الثالث وهو مناقشة القضايا، وعندما بدأنا الاستعداد للمجيء إلى القاهرة لمناقشة هذه القضايا وفق ما هو متفق عليه، فوجئنا أن السلطة ترسل إلينا من يطلب تأجيل كافة الملفات وأن نناقش فقط ملف تمكين الحكومة، وذلك على الرغم من أن الحكومة استلمت المؤسسات، فلماذا تؤجل باقي الملفات؟ هم يقولون إن عليهم ضغوطاً ولا يستطيعون مواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية، ويريدون التأجيل، ولن يتقدّموا خطوة إلا بعد تمكين الحكومة. أصبح هناك خلط بين المراحل، وحركة "فتح" والسلطة الفلسطينية هي السبب في هذا الخلط، علماً بأن السلطة قالت إننا سنلتزم بالخطوات كاملة.

كانت هناك اجتماعات بين الفصائل ليلة الاجتماع مع الجانب المصري، والكل مجمع على الالتزام بتطبيق اتفاق القاهرة 2011، وفق الجدول الزمني المحدد له، حتى الاستخبارات المصرية قالت إنه تم الالتزام أمامها وهي ملتزمة بما تم الاتفاق عليه ولكنها لا تريد ردة فعل، وتريد نوعاً من التماس العذر. في المقابل نحن أكدنا أنه لا يمكن أن تتم المصالحة بهذا الشكل، فإذا أرادت "فتح" كل يوم مراجعة الاتفاقات وتغيير بعضها والتراجع عما سبق، في اعتقادنا أن الأمر سيصعب كثيراً على الشعب الفلسطيني وسيصيبه بإحباط كبير.

ما موقفكم في حركة "حماس" إذا استمر ما تسمونه مماطلة؟ هل ستكملون الاتفاق أم أن هناك قراراً آخر؟
آخر شيء نفكر فيه أن نبحث عن خيار معاكس، فالخيار الذي سيظل قائماً في ذهننا هو استمرار عملية المصالحة. لدينا قرار داخلي بألا نعود إلى الوراء، ولن نعود إلى مربع الانقسام مهما حدث، وسنظل في حالة هجوم مصالحة كما يسمونه، ونستعين بالله والفصائل، ثم الراعي المصري الذي رعى الاتفاقية. ومن غير المعقول أن مصر لا تريد أن تنجح، بالتأكيد من يبدأ قصة يجب أن ينجح، والاستخبارات المصرية تقول نحن عازمون على النجاح، والذي يكون عازماً على النجاح يجب أن يصون إنجازاته، من أجل ذلك عليه أن يضغط على الطرف المخالف، ونحن تحدثنا بهذا المنطق مع الجانب المصري.

ولكن في حال السيناريو الأسوأ؟

السيناريو الأسوأ أن تقول السلطة إنها لا تريد أوراق قوة فلسطينية، وإنها تريد أن تظل مرتبطة بالاحتلال وأميركا ولا تريد المصالحة. إذا وصلت الأمور لا سمح الله إلى ذلك فنحن سنقول لهم أمام كل الشعب، إننا لا نقبل أن نكون طرف انقسام. أنتم الآن في مواجهة الشعب كله وليس "حماس"، فكل ما في يد "حماس" قدّمته لكم، سلّمنا الحكومة، والمعابر، والسلطات، والجباية في قطاع غزة، والآن "حماس" فقط هي قضية مقاومة، إلا إذا كانوا يريدون أن يتسلموا المقاومة أيضاً، وهذا صعب جداً.

تقول إن "فتح" والسلطة أبلغاكم أن هناك ضغوطاً أميركية وإسرائيلية عليهما، فما هدف هذه الضغوط؟
قبل أن نسأل عن هدف هذه الضغوط يجب أن ندرك أن شعبنا الفلسطيني خلال مائة سنة تعرض لضغوط للتنازل عن أرضه وحقه ومقدساته، ودفعنا عشرات الآلاف من الشهداء والقادة من أجل البقاء على أرضنا وصيانة حريتنا وحقنا في المقدسات، فهل استجدّت اليوم ضغوط أكبر مما مارسته إسرائيل طيلة هذه المدة؟ لا يمكن، فنحن لم نستسلم في يوم لما مورس علينا من حروب، فما الذي استجد اليوم لكي تقنعنا السلطة بأن هناك ضغوطاً تدفعها للتخلي عن وحدة شعبها؟ المفترض أن من تُمارَس عليه ضغوط من عدوه أن يستعين بشعبه ويوحّد شعبه في مواجهة عدوه، فهل من الممكن أنه إذا ضغط عليك عدوك تتخلى عن شعبك؟ كلامهم غير مقنع، ونابع من حالة حزبية وفئوية وحب استئثار بالسلطة، فـ"فتح" والعقلية السلطوية لا تريد شراكة في السلطة، تريد فقط أن تظل هي التي تقود كل شيء.


برأيك هل هو حب استئثار بالسلطة فقط، أم أن هناك مخاوف من قدوم محمد دحلان كنتيجة حتمية للمصالحة؟

هذا التفكير غير صحيح، فمن الأقوى على الساحة الفلسطينية، محمد دحلان أم "حماس"؟ هو لا يمتلك سوى جزء من أنصار حركة "فتح"، في مقابل أن "حماس" تمتلك 60 في المائة من مقاعد المجلس التشريعي، وفازت بانتخابات كبيرة، وتمتلك ترسانة عسكرية، وأنصاراً وأكبر تنظيم في كل الوطن العربي بالكامل وليس فلسطين فقط. وإذا كانت السلطة خائفة، فهي تخاف من "حماس" لا من دحلان، لأن الأخير في النهاية من "فتح" أولاً وأخيراً، و"حماس" خاضت ضده حرباً دموية.

لكن دحلان أعلن نواياه بالترشح في حالة حصول انتخابات رئاسية؟
إذا فاز دحلان وفق خيار الشعب الفلسطيني فعلى العين والرأس، فكل إنسان فلسطيني له الحق أن يترشح، لماذا نحُول دون ترشح دحلان؟ ولكن هل حقيقي أن حظ دحلان أقوى من كل حظوظ قادة الشعب الفلسطيني بمن فيهم "حماس"؟ أعتقد أن الأمر لا يعدو كونه مناكفة بين السلطة ودحلان، فإذا كانت هناك مشكلة داخلية في "فتح" مع دحلان، لماذا يحوّلون الأمر إلى فوبيا دحلان؟

هل تفكر "حماس" في ملف الرئاسة؟

"حماس" لا تفكر في ملف الرئاسة ولا غير الرئاسة، فالجميع شاهد أن الحركة فازت في انتخابات نزيهة وحصلت على أكبر عدد من الأصوات، وكان شاهداً على ذلك الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وهي انتخابات فازت عبرها "حماس" بـ60 في المائة من مقاعد المجلس التشريعي، وشكّلت الحكومة، ومع ذلك تنازلت عنها لـ"فتح" التي كانت تمثل الأقلية، إذ فازت بشقيها دحلان والسلطة بـ34 في المائة، والآن "فتح" منقسمة، دحلان 15 في المائة وعباس 17 في المائة، وكلا الطرفين أقل من "حماس". هذا ليس غروراً، ولكن هم لا يريدون رؤية "حماس" على الإطلاق، وهذا مثير للعجب.
أريد أن أذكّر الرئيس محمود عباس بأن حماس قوة في يدك، تردع الاحتلال الذي يعتدي عليك، فأنت تهان في رام الله وتُضرب وتُقتل، وتُمنع من السفر من حاجز لحاجز. في المقابل عندما جئت إلى غزة لم تجد إلا كل الاحترام، فرامي الحمدالله على سبيل المثال وهو رئيس الحكومة، أوقفه في رام الله جندي إسرائيلي على الحاجز وأهانه إهانة كبيرة جداً، لكن عندما جاء إلى غزة، خرج ألف مقاتل فلسطيني بكامل عتادهم وخرجت الجماهير على الصفين تستقبله. انظر للكرامة في الوطنية، مقابل الإهانة الإسرائيلية، ومع ذلك هم يريدون إدارة الظهر للكرامة الوطنية والقبول بالإهانة الإسرائيلية.

الولايات المتحدة أعلنت أنها ترفض التعامل مع حكومة فلسطينية تشارك فيها "حماس"، فماذا سيكون موقفكم من حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها؟

"حماس" قد تضحي بأي شيء إلا الوطن والمقاومة. إذا كان هذا الرفض الأميركي يجعل القضية الفلسطينية على طاولة الاحترام ويعيد الحق للشعب الفلسطيني، سنتنازل عن كل المناصب، في الوزارات والبلديات، فشرطنا الوحيد أن الوطن والقضية الفلسطينية والمقدسات لها الأولوية، ما دون ذلك لا يهمنا حتى لا يفهم أحد أن "حماس" تعيش حالة من الرغبة في المحاصصة. نحن فزنا بجدارة بالأغلبية الساحقة ثم تنازلنا عنها، ولكن هذا ليس معناه أن نسلّم السلطة لإنسان فاسد لا سمح الله، "حماس" من الممكن أن تدعم إنساناً محترماً مهنياً بعيداً عن الفساد. نحن غير متمسكين بالمشاركة في الحكومة على الإطلاق، فما نتمسك به هو أن يكون هناك احترام لإرادة الشعب الفلسطيني، وأن تكون هناك قيادة تلبّي طموحات الشعب وألا تتنازل، ما دون ذلك لا تهمنا المناصب الفردية، فالوطني لدينا مُقدّم على الحزبي.

كيف تتعاملون مع مطالب محمود عباس والسلطة بما يخص سلاح المقاومة و"حماس"، وتأكيداته أنه لن يقبل بحالة "حزب الله" في فلسطين؟
لم تطرح حركة "فتح" على طاولة المفاوضات سلاح المقاومة، في الوقت نفسه يأتي أناس منهم يقولون كلاماً معاكساً، ثم يأتي آخرون يقولون نحن لا نقصد سلاح المقاومة، ولكن نقصد السلاح الداخلي وسلاح الحكومة. في كل الأحوال نعتبر سلاح المقاومة خارج السلطة الفلسطينية، فالسلطة نشأت بعد المقاومة. هم يريدون سلاحاً واحداً، ونحن مع سلاح واحد بالنسبة للسلطة، وسلاح السلطة الواحد يجب أن يكون مشتركاً وفق رؤية وقانون وطني ينظم عمل الأجهزة الوطنية في الداخل، بحيث يسير وفق القانون، ونحن مع ذلك، ولا يكون السلاح حزبياً. وعندما يأتي دور المقاومة يكون لمساندة السلاح الواحد لا الوقوف في وجهه. نقبل بتوحيد سلاح الأمن الداخلي، من دون المساس بسلاح المقاومة، ولا أحد يقبل المساس بسلاح المقاومة إلا بعد أن تتحرر الأرض، فنحن شعب تحت الاحتلال.

ثم ما هو السلاح الذي تريد أن تستلمه السلطة، فأقصى ما تملكه هو سلاح خفيف، مسدسات وبنادق آلية وهراوات، لكن هل تستطيع السلطة أن تستلم صواريخ طويلة المدى مثلاً، أو ترسانة كبيرة جداً، فأين ستذهب السلطة بهذا السلاح وهل ستقوم بتسليمه للعدو مثلاً؟ فإذا كان هذا السلاح لردع العدوان الإسرائيلي فعلى السلطة أن تضرب له السلام لأنه يحميها، كما أن السلطة نفسها يجب عليها أن تحمي سلاح المقاومة عبر الجبهة الداخلية، وهذا كان يحدث في كل المراحل السابقة.

في ضوء المتغيرات الأخيرة، كيف تسير العلاقات بين "حماس" وقطر، خصوصاً بعد التقارب المصري مع الحركة؟
أولاً نسجل احترامنا لمصر فهي خلال الجولة الأخيرة لم تتدخل في علاقتنا مع قطر ولو بكلمة واحدة. نحن نبني علاقة مع مصر ولا نهدم علاقة مع قطر، وهذا شيء مهم جداً. في الجانب الآخر قطر باركت كل الجهود المصرية من أجل المصالحة، وحتى هذه اللحظة لم نشعر أن هناك دولة تحاول أن تقطع علاقتنا مع الدولة الأخرى، ونأمل أن يستمر هذا الوضع.

ولكن وزير الخارجية السعودي قال إن الضغوط التي فُرضت على قطر من دول المقاطعة كان لها أثر إيجابي في تخفيض تمويل الدوحة لـ"حماس"، وهو ما دفع الحركة للتعاطي مع جهود المصالحة؟
هذه معادلة من وحي الخيال أو الوهم، فهناك وهم لدى البعض بأن "حماس" ذهبت للمصالحة وهي مضغوطة أو خائفة أو بسبب قلة تمويل. هذه أوهام لا ينبغي البناء عليها.


المساهمون