ترجيح تجديد الطوارئ في مصر... واستغلاله قضائياً

10 أكتوبر 2017
إحالة دعاوى التظاهر إلى محاكم أمن الدولة طوارئ(فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

تنتهي، مساء اليوم الثلاثاء، فترة مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء مصر، التي بدأت منذ 10 يوليو/ تموز الماضي، تمديداً لحالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في 10 إبريل/ نيسان الماضي، على خلفية حوادث استهداف الكنائس في القاهرة والإسكندرية وطنطا من قبل عناصر تنظيم "ولاية سيناء"، التابع لتنظيم "داعش". وفي دستور مصر الحالي لا يجوز مد حالة الطوارئ لأكثر من مدة واحدة، إلّا أن السيسي يمكنه بعد يوم أو أكثر من انتهاء فترة المد الحالية، أن يعيد إعلان حالة الطوارئ، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء الموالي له، ثم عرض الأمر على مجلس النواب خلال 7 أيام، ليحصل على موافقته بأغلبية عدد الأعضاء بواقع 50 في المائة وصوت واحد، وبعد 3 أشهر أخرى يمكنه مد الحالة مرة أخرى بشرط موافقة ثلثي النواب.

وقال مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، إن السيسي ناقش، خلال اجتماعه الأخير مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مسألة إعلان حالة الطوارئ مرة أخرى، وأن معظم القادة العسكريين أيدوه في اتخاذ هذا القرار، لكن البعض طرح بعض المخاوف من استخدام الإعلام الأجنبي، خصوصاً الأميركي، القرار الجديد للهجوم على النظام الحاكم، وذلك لانعدام السبب المباشر الذي قد يدعو السيسي لاتخاذ هذه الخطوة، إذ لم تقع أي عمليات إرهابية كبرى خلال الفترة الأخيرة. وأضاف المصدر أن السيسي ناقش الأمر أيضاً خلال اجتماعه، أول من أمس، مع رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والعدل والداخلية والمالية ورئيسي الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، وأن الرأي السائد بينهم هو إعادة إعلان حالة الطوارئ، وأن وزير الداخلية استعرض خلال الاجتماع ما وصفه بالإجراءات الاستباقية الناجحة التي اتخذها جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة) وجهاز الأمن العام لمنع وقوع أعمال عنف، بواسطة السلطات الواسعة التي تتمتع بها الحكومة في حالة الطوارئ وفقاً لقانون الطوارئ. ورجح المصدر أن "يرسل السيسي إلى البرلمان طلب إعلان مد حالة الطوارئ من جديد خلال الأسبوع المقبل، مرفقاً به مذكرة للأسباب والمبررات الداعية لذلك، لاستكمال الشكل القانوني"، مشيراً إلى أن بعض القانونيين المقربين من السيسي عرضوا عليه رأياً مفاده أن مد حالة الطوارئ لا تتطلب إعلاناً جديداً، وأن يكتفي بطلب المد استناداً إلى قراءة مختلفة للمادة الدستورية، مفادها أن الدستور حظر مد الحالة لأكثر من 3 أشهر، لكنه لم يحظر المد لأكثر من مرة متتالية.



وفي إشارة لاستمرار إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، استبق رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بناء على تفويض من السيسي، نهاية فترة المد، واستغل انشغال المصريين والإعلام بمختلف أشكاله بمباراة المنتخب المصري لكرة القدم الحاسمة ضد الكونغو في تصفيات كأس العالم 2018، وأصدر قراراً بإحالة الدعاوى الجديدة في قضايا التظاهر والتجمهر والإرهاب والإضراب إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، والتي تعتبر محاكم استثنائية، إذ تنظر فيها القضايا على درجة واحدة، ويحرم المدانون من الطعن على أحكامها. وصدر القرار بناء على حالة الطوارئ المعلنة في مصر منذ 10 إبريل الماضي، وتأكيداً لتقرير نشره "العربي الجديد" في 8 يونيو/ حزيران الماضي عن إعداد وزارة العدل مشروع قرار لضم قضايا التظاهر إلى الحالات التي تختص بها محاكم أمن الدولة طوارئ، وليس المحاكم العادية. ويلزم القرار النيابة العامة بأن تحيل إلى محاكم أمن الدولة الدعاوى الجديدة المرتبطة بالجرائم المنصوص عليها في قانون التظاهر 107 لسنة 2013، وقانون التجمهر 10 لسنة 1914، وقانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015، والجرائم المتعلقة بالإرهاب والمساس بأمن الدولة والترويع والبلطجة وتعطيل وسائل المواصلات، المنصوص عليها في قانون العقوبات، وهي الاتهامات التي توجه دائماً للمتظاهرين ضد النظام وأعضاء الجماعات الإسلامية والقوى المعارضة، واستخدمت على نطاق واسع ضد المحتجين على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير. وتشمل القائمة أيضاً جرائم التموين ومخالفة التسعير الجبري، وقانون تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت الذي يجرم الإضراب العمالي، وكذلك قانون الأسلحة والذخائر، وقانون تجريم الاعتداء على أماكن العبادة.

وتشكل محاكم أمن الدولة طوارئ من دوائر جزئية في المحاكم الابتدائية، ودوائر عليا في محاكم الاستئناف للفصل في الجرائم المترتبة على مخالفة الأوامر العسكرية الخاصة بحظر التجول وأي جرائم أخرى تحال إليها. ويتم تعيين أعضاء محاكم أمن الدولة بقرار من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بعد أخذ رأي وزير العدل. وقال مصدر قضائي في وزارة العدل إن إسماعيل سبق وأصدر قراراً حمل الرقم 840 لسنة 2017، بأن يعين في محاكم أمن الدولة العليا، الطوارئ والجزئية، وفقاً للمادة رقم 7 من قانون الطوارئ، "جميع رؤساء ونواب ومستشاري الاستئناف وجميع الرؤساء من الفئتين أ وب والقضاة في المحاكم الابتدائية، للنظر في الجرائم المنصوص عليها في قانون الطوارئ". وبتطبيق القرار السابق على القرار الجديد، فإنه بمجرد إحالة جناية من تلك النوعية إلى دائرة جنايات عادية فسوف تنظر فيها هيئة "أمن دولة عليا طوارئ"، وبمجرد إحالة جنحة من تلك النوعية إلى دائرة جنح عادية في أي محكمة على مستوى الجمهورية فسوف تنظر فيها هيئة "أمن دولة طوارئ ابتدائية".


ووفقاً لقانون الطوارئ، فإن أحكام الإدانة أو البراءة الصادرة من تلك المحاكم لا تنفذ إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية أو من يفوضه (وهو حالياً رئيس الوزراء)، وهو الإجراء الذي وصفته المحكمة الإدارية العليا بـ"المشبوه بعدم الدستورية"، وأحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه في مايو/ أيار الماضي. وبعد التصديق تصبح الأحكام باتة ولا يجوز الطعن فيها بأية صورة. وأكد المصدر أنه "حتى إذا لم تجدد حالة الطوارئ، فستبقى محاكم أمن الدولة طوارئ قائمة ومختصة بالنظر في الجرائم المحالة إليها"، مشيراً إلى أن نيابات القاهرة والجيزة ما زالت تحتفظ بأكثر من 100 جنحة وجناية مرتبطة بالتظاهر والتجمهر منذ فترة نشاط التظاهرات المعارضة للتنازل عن تيران وصنافير، لم تحفظها ولم تُحلها إلى المحاكم العادية حتى الآن، ما يعني إحالتها لمحاكم أمن الدولة طوارئ، إذا لم تقرر النيابة حفظها.