أزمة سد النهضة: مخاوف مصر تتزايد وأوراق الضغط تتقلص

21 أكتوبر 2017
تسعى إثيوبيا لملء السد بأقصر فترة ممكنة(زكريا أبوبكر/فرانس برس)
+ الخط -
وضعٌ حرج يمرّ به النظام المصري في ملف سد النهضة الإثيوبي، الذي يهدد حصة مصر من مياه نهر النيل المقدرة بـ55 مليار متر مكعب، مع اقتراب أديس أبابا من الانتهاء من بناء السد، وبدء ملء خزان السد الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه. وأجمعت مصادر سياسية وفنية على أن خيارات القاهرة لحل الأزمة باتت قليلة للغاية إنْ لم تكن منعدمة بحسب دبلوماسي مطلع على الملف في وزارة الخارجية المصرية.

وقال الدبلوماسي لـ"العربي الجديد" إن "إثيوبيا اتبعت منذ البداية منهج المراوغة والتفاوض كثيراً مع استمرار البناء، في حين كان الجانب المصري يتبع نظام المسكنات، والإقدام على خطوات من باب الاستعراض الإعلامي فقط، وأبرز دليل على ذلك هو توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاق المبادئ". وتابع أن "الهمّ الأساسي للسيسي في تلك المرحلة كان تقديم نفسه على أنه المنقذ من دون أن يفكر للحظة بأن هذه الخطوة تضعف أوراق الضغط المصرية، والتي كان أبرزها عدم منح إثيوبيا اعترافاً مصرياً يسمح لها بجلب تمويل دولي" لمشروع السد.

الموقف المصري الحرج عبّر عنه وزير الري، محمد عبد المعطي، خلال كلمته في جلسة اجتماع وزراء المياه لإثيوبيا والسودان ومصر، يوم الأربعاء الماضي في أديس أبابا، تخللته زيارة لموقع السد. وقال عبد المعطي "هذه الزيارة أعطتنا (لمحة عن) تطورات العمل على الأرض في موقع السد، وهو ما أظهر الحاجة إلى تحرك عاجل من أجل إنهاء المناقشات". وأضاف "نحن في حاجة إلى مزيد من التعهدات لإنجاز الدراسات في أسرع وقت".

من جهته، اعتبر دبلوماسي مصري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن 99 في المائة من أوراق الضغط التي كانت بيد القاهرة فقدتها واحدة تلو الأخرى بسبب سوء إدارة الملف، مع العلم بأن السيسي وقّع في مارس/آذار 2015، على ما يعرف باتفاق المبادئ في الخرطوم، والمكون من 10 بنود مع كل من الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي مريام ديسالين. 

وتخشى القاهرة من التأثيرات السلبية للسد على حصة مصر السنوية من المياه، إذ سيحجز خلفه 74 مليار متر مكعب، في وقت تسعى فيه إثيوبيا لملء السد خلال أقصر فترة ممكنة بحيث تتراوح بين 3 إلى خمس سنوات، في حين تتمسك القاهرة بزيادة عدد سنوات ملء خزان السد لتصل إلى 10 سنوات، كي لا تؤدي الأجندة الإثيوبية إلى مزيد من الجفاف في مصر.


في غضون ذلك، أكد سياسي بارز أن "استبعاد الحل العسكري من الخطاب المصري سواء الرسمي أو غير الرسمي كان خطأ كبيراً جعل أديس أبابا تتحرك بأريحية شديدة". وتابع المصدر نفسه أن "هناك طريقاً لكنه غير مضمون في الوقت الراهن، وهو تحريك وتفعيل الوساطات الخليجية لحثّ أديس أبابا على أخذ المطالب المصرية بعين الاعتبار"، لافتاً إلى أن "الكويت والسعودية والإمارات بإمكانها مساعدة مصر في تلك الخطوة لما تملكه تلك الدول من استثمارات هناك، والتي تقترب من 20 مليار دولار"، وفق قوله.
لكن السياسي نفسه رأى أن "تلك الخطوة ربما تكون غير مجدية لدرجة كبيرة، كون الممولين للسد والشركاء الدوليين فيه الذين ضخّوا مبالغ كبيرة لن يقبلوا بتعطيل استثماراتهم وعائداتها". وقال "نحن – أي القاهرة – لم يعد أمامنا سوى التلويح بحل عسكري، خاصةً في ظل تبنّي السودان للموقف الإثيوبي، بل وتحوُّل الموقف إلى شراكة بين الجانبين، إذ ستحصل الخرطوم على الكهرباء الناتجة من السد"، وفق تعبيره.

وبحسب مصادر فنية تحدثت مع "العربي الجديد" فإن إثيوبيا رفضت أخيراً مطلبين مصريين، أحدهما متعلق بمشاركة مصر في الإشراف على تشغيل السد، وعملية ملء الخزان. وأكدت مصادر فنية في وزارة الري أن القاهرة بالفعل بدأت في تكليف عدد من الجهات والمكاتب الاستشارية بخطة احتياطية في حال فشلت الجهود الدبلوماسية والسياسية كافة، من خلال إعداد وضع تصورات لمجموعة من المشاريع التي من شأنها توفير العجز من المياه، بإقامة محطات تحلية مياه البحار، وكذلك التوسع في إعادة تدوير مياه الصرف الصحي ومعالجتها لتصبح صالحة في الزراعة مجدداً، لافتةً إلى أن القاهرة حصلت على وعود خليجية بدعمها في هذا الملف من خلال التمويل.