إسرائيل توسع "خطوطها الحمراء" لتشمل الأجواء اللبنانية

16 أكتوبر 2017
إسرائيل تتفادى الاصطدام بروسيا في سورية (جاك كيز/فرانس برس)
+ الخط -
اعتبر محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في موقع "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، في تحليل نشره الإثنين، أن القصف الإسرائيلي لبطارية الصواريخ السورية شرقي دمشق، ردا على إطلاق صواريخ باتجاه مقاتلات إسرائيلية في الأجواء اللبنانية، هو بمثابة "تمدد إسرائيلي في كل ما يتعلق بالخطوط الحمراء" التي تدعي إسرائيل أنها لن تقبل بتخطيها خلال الحرب الجارية في سورية، ومنها أيضا نقل سلاح متطور إلى "حزب الله" في لبنان، أو قصف مواقع إسرائيلية، و"انزلاق القتال" من سورية إلى داخل إسرائيل. 

وقال بن يشاي، في تحليله، إن "إسرائيل حددت اليوم خطا أحمر جديدا في مواجهة الدول والجهات العسكرية المختلفة العاملة ضدها وحولها. قصف موقع بطاريات الصواريخ السورية من طراز (إس إيه 5)، التابعة للجيش السوري، ينقل رسالة جديدة بأن أي هجوم أو استهداف لطائرات إسرائيلية، حتى خارج المجال الجوي السيادي لإسرائيل، وبالأساس في لبنان، سيعتبر هجوما على إسرائيل، وبالتالي سيتم الرد عليه بعملية عسكرية". 

وبحسب بن يشاي، فإن "لهذا الأمر أهمية كبيرة، لأن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي يقودها الضباط الإسرائيليون، أو الطائرات المسيرة بدون طيار، تحلق بشكل ثابت في الأجواء اللبنانية لتعقب ومراقبة عملية التسلح التي يقوم بها (حزب الله)، وأي إطلاق لنيران سورية على هذه الطائرات داخل الأجواء اللبنانية يمسّ ويضرّ بقدرة إسرائيل على جمع المعلومات الاستخبارية للأغراض الدفاعية". 

وإذ يقر بن يشاي بالغارات وعمليات القصف الإسرائيلية لأهداف داخل سورية تطاول بالأساس جهوداً إيرانية لتسليح "حزب الله"، إلا أنه يدعي أن "هذه العمليات تتم من فوق الأجواء اللبنانية، ودون اختراق الأجواء السورية، وذلك لمنع الاحتكاك مع قطع الجيش الروسي ومنظوماته لاعتراض الصواريخ، والمنصوبة في الأراضي السورية".


ويعتبر المحلل ذاته أن "إطلاق صواريخ سورية اليوم باتجاه الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية شكل محاولة سورية لتقليص مجال النشاط الجوي الإسرائيلي فوق الأراضي اللبنانية أيضا، وهو ما اعتبر إسرائيليا هجوما مباشرا يستحق الرد"، لافتا إلى أن "هذه الصواريخ ليست جديدة في ميدان المعركة مع إسرائيل، وقد استخدمها السوريون خلال حرب لبنان عام 82، وهي صواريخ بعيدة المدى قادرة على أن تطاول طائرات إسرائيلية في الأجواء الإسرائيلية أو قريبة منها، وخاصة في شمالي إسرائيل ووسطها".

وشدد: "لهذا السبب، فإن استخدام سورية لها مرتين، خلال الفترة الأخيرة، أضاء ضوءا أحمر في إسرائيل، إذ إنه إذا واصلت سورية استخدام هذه البطاريات فإن ذلك سيلزم باتخاذ وسائل دفاع، بما في ذلك للطائرات المدنية المتجهة إلى إسرائيل أو المغادرة منها، لذلك سارع الجيش الإسرائيلي للرد على النيران صباح اليوم، عبر تعطيل البطاريات السورية، علما بأنه يمكن إعادة تفعيلها خلال ساعات معدودة، لأن ما أصيب منها هو جزء واحد، هو رادار مراقبة النيران فيها، الذي يمكن تغييره بسرعة وخلال وقت قصير".

ولفت بن يشاي إلى أن "إسرائيل سارعت إلى إطلاع الجانب الروسي بغية التأكيد على أنها لا تعتزم التصعيد، وإنما عملية واحدة هدفها ردع السوريين عن استخدام هذه المنظومة الصاروخية مستقبلا". 

في المقابل، اعتبر إيلي كوليكشتاين في موقع "معاريف" أنه "لا يمكن عزل القصف الإسرائيلي عن الزيارة التي يقوم بها وزير الدفاع الروسي، سيرغي غويشو، لإسرائيل ( وإن كانت الحادثة غير مخطط لها )، لا سيما وأن الأخير يشكل عمليا القائد الأعلى للقوات الروسية، كما أنه المسؤول عن الخط الساخن بين موسكو وتل أبيب، وبالتالي لم يكن صدفة أن يسارع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إلى الإعلان أن إسرائيل أطلعت روسيا على العملية، وأنه سيتم إطلاع غويشو على التفاصيل حال هبوط طائرته في تل أبيب". 

وقال كوليكشتاين إنه على الرغم من أنه يبدو للوهلة الأولى أن لا علاقة بين الزيارة وبين قصف البطاريات السورية، إلا أنه لا يمكن نفي ذلك، لا سيما بفعل الصلاحيات والمهام التي يقوم بها وزير الدفاع الروسي، وهو ما يشرح، بحسب رأي كوليكشتاين أيضا، سبب مسارعة إسرائيل إلى التصريح بأنه تم إطلاع الجانب الروسي، خاصة بعد أن عجّت وسائل التواصل الاجتماعي الروسية بالدعوات للرد على إسرائيل، وربما أيضا لأن إسرائيل قصفت، هذه المرة بشكل مباشر، قوات تابعة للأسد، وقد تكون هنالك، بحسب رأيه، أسباب أخرى. 

واستذكر الكاتب في هذا السياق الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وما كان قد صرح به رئيس الاستخبارات الأسبق في جيش الاحتلال، عاموس يادلين، عندما غرد بعد القصف الإسرائيلي لمصنع الأسلحة الكيماوية في سورية، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن القصف يشير إلى أن "الوجود الروسي في سورية لا يمنع العمليات المنسوبة لإسرائيل". 

في المقابل، ذكر كوليكشتاين أن "إسرائيل اجتهدت في توضيح موقفها خلال المحادثات المطولة التي أجراها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وقادة الجيش خلال الزيارات المتكررة لموسكو بشأن التنسيق الأمني مع روسيا في سورية، ومدى إدراك إسرائيل للقوة الروسية هناك، وأيضا لنفوذ وتأثير موسكو على الأسد لجهة خفض التوتر تفاديا لتصعيد عسكري بين الطرفين". 

وبحسب الموقع الإسرائيلي، فقد نجحت روسيا في أن تمرر للسوريين رسالة بأنه سيكون عليهم أن يضبطوا النفس ولا يردوا على الهجمات الإسرائيلية، لمنع تصعيد عسكري بين الدولتين. في المقابل أوضحت موسكو لتل أبيب حدود نشاطها المسموح به في سورية، حيث سبق لوزير الدفاع الروسي أن أبلغ الصحافيين، في سبتمبر/ أيلول، أن "موسكو أوضحت لإسرائيل أنه لا يجوز لها قصف مواقع ومنشآت إيرانية في سورية". 

في المقابل، أوضح ممثلو إسرائيل ممن زاروا موسكو، وبينهم أيضا رئيس "الموساد"، يوسي كوهين، طبيعة المصالح الإسرائيلية التي لن تساوم إسرائيل بشأنها، مضيفا أنه "لم تكن هناك حاجة لتفصيل هذه المصالح بفعل الخطط الحمراء الواضحة التي أعلنتها إسرائيل مرارا، وبالتالي كان واضحا أن إسرائيل تعتزم، كدولة سيادية، أن تدافع عن نفسها، وأنها ستبذل جهدا لإطلاع الطرف الروسي، خلال وقت حقيقي، على عملياتها لمنع وقوع حوادث أو حرج". 

وأوضح كوليكشتاين أيضا إن "هذا على ما يبدو هو سبب عدم صدور أي رد روسي على العمليات المنسوبة لإسرائيل في سورية، بما يشير إلى أن الاتصال الدائم بين الطرفين ظل ساريا، وقد نجح الطرفان في منع تدهور الأمور ولا حتى حدوث تراشق إعلامي". 

إلى ذلك، امتنعت إسرائيل، بشكل كلي تقريبا، عن الإشارة إلى روسيا ونشاطها في سورية، فيما سعت باستمرار إلى تخفيف وتبديد التوتر معها، من خلال الامتناع عن أي إشارة لها في كل ما يتعلق بدورها هناك، خوفا من "إيقاظ الدب الروسي". 

وعلى غرار بن يشاي، يرى كوليكشتاين أن المسارعة الإسرائيلية إلى الإعلان عن القصف والتوضيح بأنه تم إطلاع الجانب الروسي كان لتفادي تدهور التنسيق بين الطرفين، خاصة وأن العملية تمت قبل ساعات من وصول وزير الدفاع الروسي إلى تل أبيب. 

وهدف التوضيح الإسرائيلي التأكيد على أن "إسرائيل لم تنشط في العمق السوري، ولا استهدفت مواقع أو عرقلت نشاطات لجيش الأسد"، لكن روسيا لا تنظر إلى ما يحدث كعمليات فردية أو معزولة، بل في صورتها الكاملة، وبالتالي من الواضح أن مجمل المصالح السورية ستكون في صلب محادثات غويشو خلال زيارته القصيرة لإسرائيل. 





المساهمون