بونوا هامون.. مرشح فائز لم يتوقعه أحد في فرنسا

30 يناير 2017
أصبح هامون المرشح الرسمي للحزب الاشتراكي الفرنسي (Getty)
+ الخط -
من كان يتصور قبل أسبوعين، فقط، أن يصنع بونوا هامون الحدث في المعسكر الاشتراكي، فيأتي فائزا أولا في الدور الأول من الانتخابات الفرعية، مُطيحا بمنافسين مهمين، من قبيل أرنو مونتبورغ، والذي كان له دور رئيسٌ في ترشح فرانسوا هولاند سنة 2012، ومن كان يتصور، أيضا، أن ينجح في كنس مانويل فالس، والذي لم يكن يُرى من أحد سواه في المعسكر الاشتراكي، قادر على ارتداء لباس رئيس الجمهورية، والذي كانت استطلاعات عديدة للرأي تضعه على رأس الشخصيات اليسارية الأكثر شعبية. 

وإذا كان من نجاح حققه بونوا هامون، في هذه الانتخابات الفرعية، فهو إعادة الأمل إلى الناخب الاشتراكي، والذي قضت على معنوياته ولاية فرانسوا هولاند التي طبّقت سياسة ليبرالية بالغة القسوة، ولم تحقق في نظر اليسار من إنجاز يذكر غير "الزواج للجميع"، والتي أدى فشلها إلى عزوف هولاند عن الترشح، ثانية.


وهذا الأمل الذي استطاع بونوا هامون أن يفرضه إن في حملاته الانتخابية التي شهدت تدفق شباب كثيف في لقاءاته العديدة، من مدينة مونتروي إلى مدينة ليل، أو في تصريحاته وأيضا في مناظرته الأولى الثانية، استطاع أن يُحرّك كثيرين للتصويت في الدورة الثانية، من أجل منحه الفوز وبالتالي رمي حصيلة خمس سنوات من الحكم الشتراكي، والتي لم تحمل من الاشتراكية غير الاسم.


كما أن هذا الأمل ليس بالشيء البسيط، فالحزب الاشتراكي كان ولا يزال على شفا الهاوية، بسبب ازدياد شعبية ميلونشون، من جهة، وأيضا بسبب التحاق أطر وفعاليات اشتراكية مهمة، قبل نتائج الانتخابات الفرعية، بالمرشح إيمانويل ماكرون، وأخرى ستُقدم على ذات الخطوة، بعد نتائج هذا اليوم، رغم أن ماكرون يُصرح، ليل نهار، بأنه ليس من اليمين ولا اليسار.


يعرف بونوا هامون، الفائز بنسبة تقترب من 60 في المائة، والمرشح الرسمي الآن، للحزب الاشتراكي الفرنسي، أنه كان محظوظا، لحدّ الآن، ولكنّ الأصعب هو القادم، وأمامه عقبات صعبة لا بد له أن يتجاوزها إن شاء أن يكون رئيس الجمهورية القادم.


القادم هو الأصعب، لأن على هامون أن يحاول جمع شتات الحزب الاشتراكي، والتوفيق بين مكوناته وتياراته العديدة، حتى يكون الحزب كله في وضعية قتالية.

كما أن هامون ليس المرشح اليساري الوحيد لرئاسة الجمهورية، فإلى جانبه يوجد ميلونشون، الذي يؤازره الحزب الشيوعي الفرنسي، والذي يخوض، لحدّ الآن، حملة انتخابية ناجحة (فرنسا المتمردة)، والذي يهدد وجوده بتشتيت أصوات اليسار الفرنسي. وكما يعرف هامون، فإنه لا يمكن أن يُوصل اليسارُ مرشَّحَين اثنين في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية. وثمة خاطر داهم من ألا يصل أي مرشح يساري للدورة الثانية، ولعل مثال ليونيل جوسبان سنة 2002، لا يزال حيا في الأذهان، وفي أذني بونوا هامون، تلميذه الوفيّ.


كما أنّ إيمانويل ماكرون، الوافد الجديد، الحامل لمشعل "الحداثة"، لا يُسهّل على بونوا هامون المأمورية، بل واستطاع لحد الآن، استنزاف الحزب الاشتراكي والسطو على كثير من طاقاته، إن لم يكن الرئيس الفرنسي نفسه، فرانسوا هولاند، من أنصاره الجدد بسبب دور هامون في تعكير ولايته الرئاسية وفي تأليب متمردين كُثر على الحكومة. ولهذا سيكون على هامون أن يوقف النزيف، وأن يقنع اشتراكيين مترددين كثيرين بالبقاء في مَركب الحزب، إن شاء تجنب الطوفان.


على هامون، أخيرا، أن يعرف كيف يواجه خصومه الحقيقيين، اليمين الكلاسيكي، ومرشحه فرانسوا فيون، والذي رغم مشاكله مع القضاء والشبهات التي تحوم حول استغلاله للمال العام، شن، يوم الأحد 29 يناير/كانون الثاني، هجوما كاسحا على برنامج هامون، ساخرا من مقترح "الراتب العام" وخفض ساعات العمل.


وعلى بونوا هامون، أيضا، أن يعرف كيف يواجه نوايا وبرنامج حزب الجبهة الوطنية المتطرفة، والتي لم تخفف قيد أنملة من برامجها المعادية لأوروبا وللمهاجرين وللإسلام، والتي بدأت قبل أكثر من أسبوع حملة تشويه سمعة هامون، عبر إطلاق أسماء عربية عليه، واتهامه بالتساهل مع المتطرفين الإسلامويين.


استطاع بونوا هامون أن يقنع شعب اليسار الاشتراكي ببرنامجه الطموح والأصيل، ويبقى عليه أن يجد أنصارا له، أبعد من شعب اليسار، أي أن تجد أفكاره الاشتراكية والإيكولوجية، كما يحلو له أن يقول، والإنسانوية، أيضا، وَقْعاً حسناً لدى قطاعات عريضة، تسمح حسابيا، بحمل بونوا هامون إلى الإيليزيه.


وهذا هو المستقبل المشتهى، الشعار الذي استطاع بفضله أن يُقصي كل خصومه الاشتراكيين، خاصة مانويل فالس، والذي يُشهره هامون، كوردة اشتراكية.

دلالات